ظاهر العيد||
(الجانب العلمي والفني للموضوع)
اليورانيوم الموجود في الطبيعة الخام منه والذي يستخرج من المناجم بعد فرزه عن العناصر الأخرى من الصخور، هو اليورانيوم 238 ونسبته في الصخور وهو خام 99.3% وتوجد فيه نسبة ضئيلة من اليورانيوم235 تصل إلى 0.7% ، والفرق بينهما أن اليورانيوم 238 قليل التفاعل مع النيوترونات بينما اليورانيوم 235 شديد التفاعل مع النيوترونات، لذلك لايصلح اليورانيوم الخام للأستعمال كوقود في المفاعلات النووية ولا كسلاح نووي، وعليه يجب زيادة نسبة تركيز اليورانيوم235 فيه عن طريق التخصيب بأجهزة الطردي المركزي في العادة، أو إستخدام طرق أخرى متطورة كالليزر وغيرها، وهذه النسبة يجب أن يكون مقدارها من 3.5% إلى 5% في حالة إستخدامه كوقود في المفاعلات النووية، و20% عند إستخدامه في المجالات الطبية وأحيانا في الصناعة والمجالات البحثية، وأكثر من 90% عند استخدامه كسلاح نووي لأن هذه النسبة يمكنها أن تحقق إنشطار متسلسل في نوى الذرات وتؤدي إلى إنفجار نووي.
أما خطوات التخصيب فتتم عن طريق تحويل اليورانيوم الصلب المعروف باسم (الكعكة الصفراء) إلى غاز يسمى سادس فلوريد اليورانيوم (UF6)، ثم يضخ اليورانيوم في صورته الغازية إلى جهاز الطرد المركزي ، وهو عبارة عن إسطوانة تدور بسرعة كبيرة على قاعدة يديرها محرك تصل سرعة دورانه من 70-50 ألف دورة في الدقيقة، ويعرض أثناء الدوران عبر حاجز نفوذي تجتاز ذرات اليورانيوم 235 الأخف وزنا الحاجز بسرعة أكبر من ذرات اليورانيوم 238 كما هو الحال مع مرور حبات الرمل الصغرى من فتحات الغربال أو أي مصفاة أو أداة لفصل الحبات الدقيقة الناعمة، ثم يتم سحب اليورانيوم235 المخصب من الأسطوانة الأولى ويرسل إلى أسطوانة ثانية للطرد المركزي، بذلك ترتفع نسبة تخصيب اليورانيوم بعد مرور الغاز على عدة أسطوانات للطرد مركزي، حيث تعاد العملية مرات عدة لزيادة تركيزه.
ولصناعة رأس نووي واحد تحتاج إلى عمل ما يقارب 1500 جهاز طرد مركزي وعملية متواصلة دون توقف لمدة سنة، لذلك يقول خبراء الطاقة الذرية إن إيران إذا أرادت أن تصنع سلاح نووي تحتاج إلى عام، بحساب عدد أجهزة الطرد المركزي الموجودة في إيران والزمن الذي تحتاجه للوصول إلى نسبة التخصيب المطلوبة والكمية اللازمة لصناعة قنبلة نووية واحدة، بينما تقول إسرائيل إن إيران إذا أرادت أن تصنع سلاح نووي تحتاج إلى ثلاثة شهور ونصف الشهر، في إشارة منها إن إيران لديها عدد من أجهزة الطرد المركزي أكثر مما تعرفه وكالة الطاقة الذرية وإن إيران تخفيها عن لجان التفتيش.
وبعد هذه المقدمة نعود إلى صلب الموضوع لماذا إشترطت أمريكا على إيران أن لاتتجاوز نسبة التخصيب عن 3.67%؟ وما هو المغزى من إعلان إيران من إنها سوف ترفع نسبة التخصيب إلى 20%؟
في الحقيقة إن الأنتقال من نسبة تخصيب 5% إلى نسبة تخصيب 20% فيه عقبة تقنية، أما الإنتقال من 20% إلى نسبة أعلى من 90% لاتوجد فيه عقبة تقنية إنما الموضوع بحاجة إلى عدد أكبر من أجهزة الطرد المركزي ووقت أكثر، أي أن إيران بإعلانها هذا تعلن إنها تمتلك الخبرات الفنية والتقنية لصنع لسلاح نووي، ولكنها لا ترغب في أن تفعل ذلك بسبب فتوى مرشد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي بتحريم استخدام السلاح النووي، وغير هذا فأن السلاح النووي يمكن أن تستخدم فيه يورانيوم235 أو البلوتونيوم239، فلأجل أن تصنع سلاح نووي يجب أن تتوفر لديك كمية من اليورانيوم235 أكبر من الكتلة الحرجة أي يجب أن تكون الكمية أكبر من 50كيلوغرام، أما إذا أردت أن تصنع سلاح نووي من البلوتونيوم239 فالكتلة الحرجة له هي فقط 6كيلوغرام، فإذا توفرت لديك كمية من البلوتونيوم239 مقدارها 11كيلوغرام، يمكنك أن تصنع قنبلة بنفس قوة القنبلة التي ضربتها أمريكا على ناكازاكي في اليابان، علماً إن القنبلة التي ضربت ناكازاكي هي من نوع البلوتونيوم239 أما التي ضربت هيروشيما فهي من نوع اليورانيوم235. ويمكن تصنيع البلوتونيوم239 من اليورانيوم235 المخصب منه بنسبة 20%، أي إنك إذا بلغت نسبة تخصيب 20% يعني إنك بلغت تقنية صنع سلاح نووي بواسطة زيادة نسبة التخصيب إلى 90% أو من خلال تصنيع البلوتونيوم239 ولا تحتاج في هذه الحالة إلى عدد كبير من أجهزة الطرد المركزي ولا زمن طويل أنت فقط بحاجة إلى مفاعل يعمل بالماء الثقيل، وهذا المفاعل موجود في إيران في مدينة أراك، وقد طالبت أمريكا بتغير طريقة عمله ليعمل بالماء الخفيف بدل الماء الثقيل، وكان هذا ضمن الإتفاق النووي مع دول الخمسة زائد واحد، فإذا تخلت هذه الدول عن الاتفاق فمن المنطقي أن تعود إيران إلى تشغيل منشأة أراك بالماء الثقيل ومنتجات هذه المنشأة تكون بلوتونيوم239، وإضافة لذلك فإن البلوتونيوم 239 ثقيل جداً وكتلة منه تزن 10 كيلوغرام هي بحجم كرة قطرها 10 سنتمتر، أي يمكن مسكها بقبضت اليد، ولكن ذلك غير ممكن طبعاً من الناحية العملية لإنه عنصر مشع، وكوريا الشمالية تستخدم هذا الأسلوب في تصنيع أسلحتها النووية أي تستخدم بلوتونيوم239 وتخصبه بمفاعلات الماء الثقيل بعد أن تخصب اليورانيوم إلى نسبة 20%.
والنتيجة إن إيران أصبحت تمتلك التقنية اللازمة لصنع سلاح نووي ولكنها لاتمتلك الإرادة السياسية بسبب فتوى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، ولكن هذه الفتوى يمكن أن تتبدل على ما أظن لو تعرضت إيران لغزو من قبل أمريكا والدول الغربية، فلذلك هي ستكون مثل اليابان وألمانيا لديها القدرة على صنع السلاح النووي في أية لحظة ولا تمتلك الإرادة السياسية لصنعه، ولكن إن تعرضت هذه الدول لخطر التهديد بالأسلحة النووية فلا شك سوف تبادر لصنعه لانه سلاح ردع بالإضافة إلى إنه سلاح دمار شامل.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha