شهر رمضان الذي أنزل فيه القرأن ، هذا الشهر الذي يحتضن ثاني أهم عبادة كتبت على المسلمين ألا وهي الصيام ، هذه العبادة التي تتخللها بعض الصعوبات نتيجة الإمتناع عن الطعام والشراب لنهار كامل ، وما يرافق هذا الإمتناع من عدم القيام بالمحرمات كالغيبة والنظر الى المحرمات وغيرها من الموبقات المنهي عنها ، وقد يكون شهر رمضان في أيام الصيف الحارة الطويلة التي قد تصل بعض الأحيان الى 18 ساعة ، ولكن بالرغم من كل الصعوبات التي ترافق هذا الشهر فأن جميع المسلمين يحبون هذا الشهر ويفرحون بقدومه ويحزنون على فراقه ، لأنهم يجدون فيه ضالتهم التي تقربهم لله سبحانه وتعالى ويعيشون فيه الإسلام الحقيقي الذي يغيب عنهم خلال أشهر السنة ، ويحققون به السبب الحقيقي لخلق الإنسان ألا وهي العبادة إذ يقول الله سبحانه وتعالى ( وما خلقت الجن والأنس إلا لعبدون ) ، وهذه العبادة تتم في ضيافة الله سبحانه وتعالى إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله) ويرافق هذه العبادة قبول كل الأعمال المرافقة لها إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عباده وعملكم فيه مقبول ودعائكم فيه مستجاب ) ، فبلإضافة الى هذه العبادات العلاقات الجميلة التي ترافق العبادة من سلام وأمان وحب وتواصي وسؤال المؤمن عن أخيه المؤمن وصلة الأرحام والسؤال عن المحتاجين والسعي في قضاء حوائجهم والإبتعاد عن الغيبة والنميمة وترك الكذب وقول الزور وغيرها من المحرمات التي أنتشرت في المجتمع نتيجة أبتعاده عن الإسلام المحمدي الأصيل ، وفي لياليه تكتض المساجد والحسينيات والأماكن المقدسة بالمؤمنين ليتوجهوا الى خالقهم بالدعاء والصلاة وقراءة القرآن بقلوب بريئة صافية صادقة تلاحظ صدقها من خلال عيونهم التي تقذف الدمع خوفا وتذللاً وطمعاً في قدرة الله سبحانه وتعالى في قضاء حوائجهم الدنيوية والآخروية ، ويشتد الزحام وترتفع الأصوات المتبوعة بالبكاء والنحيب بعبارة الغوث الغوث خلصنا من النار يا رب في ليالي القدر التي تعادل عبادة أكثر من 83 سنة ، وحينما يقترب شهر رمضان من نهايته تنقبض النفوس المؤمنة وتتألم لفراقه من جديد بالرغم من معاناتهم الكبيرة في كثير من الأحيان ، فكيف لا تكون كذلك وهي تقترب من الخروج من ضيافة الله سبحانه وتعالى هذه الضيافة المملؤة بالفيوضات الإلهية التي يحتار بها المؤمن من أيها يقطف ومن أيها يلهم فكلها لذيذة وطيبة وجميلة وممتعة ، فكيف لا تكون كذلك وهي تقترب من ترك تعاليم وأخلاق الإسلام المحمدي الأصيل وتعود ثانيةً الى أخلاق الشيطان وما غرسته الماديات في عقولنا وحركاتنا وعلاقاتنا بعضنا مع البعض الآخر ، لهذا فإننا نحب شهر رمضان لأنه يجذبنا من دنيا الشيطان ويدخلنا الى دنيا الإسلام المحمدي الأصيل المملوء بالأخلاق الطيبة والتعاليم الجميلة التي تجلب السعادة للبشرية كافة .
https://telegram.me/buratha