بغداد ـ عادل الجبوري
عشيّة العاشر من شهر محرم الحرام، ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) وعدد من أهل بيته وصحبه في واقعة الطف، اتسع نطاق مراسم الاحياءات في مختلف محافظات العراق، لا سيما في المدن المقدسة ككربلاء والنجف والكاظمية وسامراء، حيث تتواجد المراقد والأضرحة الدينية المطهرة، وترددت أصداء شعار "ابد والله ماننسى حسينا" في كل مكان.
واذا كانت الايام العشرة الاولى من شهر محرم تشهد ذروة الحزن الحسيني، فإن ليومي التاسع والعاشر خصوصيتهما، وهما يشهدان ذروة الحزن والألم على مصاب الحسين(ع)واهل بيته وصحبه.
تاسوعاء وعاشوراءومنذ ليلة التاسع من محرم، ترتفع وتيرة الشعائر الحسينية في عموم العراق، بحيث لا تقتصر على المجالس التي تقام في المساجد والحسينيات والبيوت، وانما تبدأ المواكب الحسينية بالخروج في الشوارع، الى جانب طهي الطعام وتوزيعه على المؤمنين بكميات كبيرة، ما يجعل الشوارع والأزقة تكتظّ بالناس، وقد تم اغلاق معظم المنافذ المؤدية الى كربلاء والنجف والكاظمية أمام وسائل النقل، واقتصرت الحركة على المشاة فقط، وذلك من اجل تسهيل حركة المواكب الحسينية، والحؤول دون وقوع عمليات ارهابية يمكن ان تستهدف تجمعات الشعائر الحسينية.
وطبيعي ان مدن المراقد الدينية تشهد إزدحاماً اكبر من غيرها خلال هذه الايام، نظرا لتدفق اعداد كبيرة من الناس إليها لاحياء مراسم عاشوراء قرب تلك المراقد، لاسيما مرقدي الامام الحسين واخيه العباس (ع) في كربلاء.
وتقدر مصادر خاصة في العتبتين الحسينية والعباسية ان يتجاوز اعداد الزائرين الى مدينة كربلاء خلال هذين اليومين المليوني شخص، في وقت اكد قائد عمليات الفرات الاوسط الفريق الركن عثمان الغانمي انه حتى يوم الأحد "وصل خمسة وستين الف زائر عربي واجنبي الى مدينة كربلاء المقدسة"، وهو ما يتطلب وضع خطط امنية محكمة لتأمين حمايتهم، اضافة الى خطط خدمية يكون من ضمنها تهيئة وسائل النقل المناسبة والكافية لهم.
وأعلن مجلس الوزراء العراقي منذ الاسبوع الماضي، يوم العاشر من محرم عطلة رسمية في عموم البلاد، كما اقرت عدد من الحكومات المحلية، مثل كربلاء وبابل والنجف والمثنى وميسان يوم التاسوعاء عطلة رسمية ايضا لافساح المجال للمواطنين للمشاركة في مراسيم الاحياء العاشورائي.
تفجيرات ارهابيةورغم الاجراءات الامنية المشددة، الا ان ذلك لم يمنع من وقوع عمليات ارهابية ضد المواكب والهيئات الحسينية، وخصوصا في مناطق العاصمة بغداد، فقد شهدت الايام القليلة الماضية تفجيرات ارهابية بسيارات مفخخة وعبوات واحزمة ناسفة في مناطق البياع والكرادة وشارع فلسطين والسعدون وبغداد الجديدة ومدينة الصدر، اوقعت عشرات الشهداء والجرحى اغلبهم من خدمة المواكب الحسينية ومرتاديها من المؤمنين.
وكانت المرجعية الدينية في النجف الاشرف، قد حذرت من استهداف الجماعات الارهابية للشعائر الحسينية، ودعت الى توخي اقصى درجات الحيطة والحذر، وطالبت الاجهزة الامنية الاضطلاع بمسؤولياتها في حماية المواطنين.
الى جانب ذلك رأت بعض الاوساط السياسية والامنية، ان الهزائم التي مني بها تنظيم "داعش" مؤخرا في عدة مدن ومناطق في العراق، يمكن ان تدفعه الى تصعيد عملياته الارهابية ضد المدنيين، وخصوصا اتباع اهل البيت، وهم يحيون ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع).
دعوات الى التزام النهج الحسينيوفي اطار الدعوات للالتزام بنهج الثورة الحسينية، والسير على خطى سيد الشهداء (ع) شدد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم في كلمة له أمام التجمع الجماهيري السنوي لقيادات وكوادر تيار شهيد المحراب في العاصمة بغداد على اهمية ووجوب الالتزام بنهج ومبادىء الامام الحسين (ع) قولا وعملا.
والملاحظ في هذا العام، مشاركة ابناء الديانات والمذاهب المخلتفة في العراق بإحياء الشعائر الحسينية، ففي كثير من المدن والمناطق ذات الاغلبية السنية، يلحظ وجود الكثير من المواكب والهيئات الحسينية، الى جانب مشاركة اتباع المذهب السني اخوانهم من اتباع مذهب اهل البيت بتقديم الخدمة الحسينية في مختلف المواكب والهيئات بالمناطق المختلطة، فضلا عن حضور مجالس العزاء والمشاركة فيها.
والشيء نفسه بالنسبة للمسيحيين والصابئة الذين يقطنون في مدن عديدة مثل بغداد والبصرة وميسان بالدرجة الاساس، والذين عطّلوا احتفالات دينية خاصة بهم مراعاة لاجواء الحزن بذكرى استشهاد الامام الحسين (ع).
ولعل عدد المشاركين في احياء واقعة الطف من ابناء الديانات والمذاهب الاسلامية الاخرى، لايستهان به، وهو يتزايد عاما بعد عام، مع اتساع دائرة الفهم والاستيعاب لحقيقة منهج واهداف الثورة الحسينية، التي لم تكن ـ ولن تكون ـ محصورة بزمان او مكان معينين، بل تترجمها المقولة الخالدة "كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء".
31/5/141104
https://telegram.me/buratha