لكل شعب سلوكه وعاداته في حياته اليومية التي اكتسبها عبر الزمن والتجارب، وتشكلت حسب معتقداته ومفاهيمه. وتعد ثقافة المائدة أهم ما يميز الشعوب. وتعقد العديد من المناسبات الاجتماعية والصفقات التجارية على مائدة الطعام، لذلك يرى الكثيرون أن ثقافة المائدة وآدابها جزء هام من عادات وتقاليد وتاريخ الشعوب.
ولعل الصين من أكثر الحضارات اهتماما بثقافة المائدة، أما من حيث التنوع فالصين بتعدد قومياتها، أصبحت الأكثر تنوعا في ثقافة المائدة، حيث تتكون الصين من 56 قومية كل منها له ثقافة مائدة مختلفة إلى حد ما عن الأخرى.
يهتم مسلمو قومية هوي بتطبيق الشريعة الإسلامية في كل نواحي حياتهم، ولذلك نجدهم لا يختلفون كثيرا عن مسلمي العالم في نوعيات الطعام، فهم يأكلون الطعام الحلال فقط، ولا يشربون الخمر، ولا يتناولون الطعام خارج منازلهم إلا في المطاعم الإسلامية، فهم يفضلون تناول الطعام من أيادي المسلمين فقط.
يذكر دائما أبناء قومية هوي الله عند طهي الطعام، فتسمعهم يقولون “بسم الله” عندما يصبون الماء على الطعام أو يقلون الخضروات أو يقطعون اللحوم. وعند البدء في تناول الطعام يتضرعون إلى الله بالدعاء ثم يقولون “بسم الله” ومن ثم يتناولون وجبتهم. وبعد تناول الطعام يحمدون الله على هذه النعمة.
ويحترم أبناء قومية هوي كبار العائلة وأئمة المساجد احتراما شديدا، ويظهر هذا بوضوح على مائدة الطعام، فنجد كبار العائلة أو الأئمة يجلسون دائما على رأس المائدة، ويقدم لهم الطعام أولا، وإذا فرغوا من الطعام يجب على كل من على المائدة أن يتوقف عن تناول الطعام أيضا.
يختلف ترتيب تقديم الطعام عند قومية هوي عن العرب، فكثيرا ما تقدم الفاكهة مع مخبوزات قومية هوي التقليدية بالإضافة إلى شاي الثمانية قبل تناول الطعام. وبعدها توضع السلطات، وهى كثيرة ومتنوعة منها سلطة الخضروات والدجاج البارد والسمك المملح والذرة المسلوقة وغير ذلك. وبعد السلطات تقدم الأطباق الرئيسية مثل اللحوم والسمك مع الطماطم والدجاج مع البطاطس والبحريات، والجدير بالذكر أن الأرز يوضع على المائدة بعد الأطباق الرئيسية حتى يتسنى للضيوف أكل اللحوم أولا، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على كرم وحسن الضيافة التي يتمتع بها أبناء قومية هوي.
وأغرب الأشياء على مائدة قومية هوى هي تقديم الحلوى مع الأطباق الرئيسية، فيوجد طبق مميز عند قومية هوى يسمى “أرز الثماني مع السكر” وهو قريب من الأرز بالمكسرات عند العرب. كما أن الحساء هو آخر ما يقدم على المائدة بعكس الطرق المتعارف عليها.
فيما يلي نقدم لكم بعض أطعمة قومية هوي الخاصة.
لا يوجد أنواع كثيرة من الحلويات في مطبخ قومية هوي فهم يفضلون أكل الفاكهة، ولكن طبق الأرز مع السكر والتمر هو الطبق الحلو الوحيد الذى يقدم على مائدة قومية هوي، وهو عبارة عن أرز مع المكسرات والتمر والسكر.
يجمع حساء عاشوراء بين 8 أنواع مختلفة من الحبوب، ويرجع سبب تسمية الحساء بهذا الاسم إلى كونه من الأطباق الخاصة بيوم عاشوراء . وهناك طبق عند العرب قريب جدا من حساء عاشوراء ويتكون من حبوب القمح مع الزبيب والمكسرات والحليب. ومن عادات الصينيين عدم تناول الحليب مع الحبوب، وبالإضافة إلى ذلك فإن الصينيين يحبون التنوع ويتفاءلون بالرقم “8”.
يجمع طبق “مشكل المعجنات المقلية” لقومية هوي بين أربعة أنواع من المعجنات هي سان تسي، وخبز قومية هوي، والخبز المظفر، والرقائق البيضاء. و”سان تسي” هو نوع من المعجنات المقلية التقليدية التي يرجع تاريخها لأكثر من ألف سنة. حتى أنها أصبحت ضمن الهدايا المعتادة التي تتبادلها عائلات قومية هوي المسلمة في المناسبات والأعياد. وهو عبارة عن معجنات طويلة مظفرة. أما “خبز قومية هوي” فهو من المعجنات المميزة عند قومية هوي، وهو عبارة عن خبز مقلي يتناوله أبناء قومية هوي مع الطعام، ويوزع في العديد من المناسبات الدينية، خاصة في ذكرى وفاة الأقارب. وبالنسبة للـ”خبز المظفر” فهو قريب الشكل من المخبوزات الغربية المظفرة والمضاف عليها حبات السمسم. وتعد “الرقائق البيضاء” من أشهى المعجنات عند قومية هوي، والأصعب في التحضير حتى أن كثيرا من ربات البيوت يشترونها جاهزة، وهي من ضمن المعجنات المالحة التي يمكن تتناولها مع الشاي الصيني.
يتكون طبق مكرونة طويلة مع الطماطم واللحم لقومية هوي المسلمة من معكرونة مقطعة على شكل شرائح مربعة رقيقة أو طويلة تطهى مع الطماطم والخضروات واللحم، وتعتبر من الأطباق الشعبية لقومية هوى، وهناك مطاعم متخصصة في تقديم هذا النوع فقط. ويساعد هذا الطبق على التخلص من برد الشتاء، ومع أن المتعارف عليه أن الصينيين يفضلون تناول الأرز إلا أن الحال مختلف في شمال الصين، فسكان الشمال يفضلون المكرونة أما سكان الجنوب فيفضلون الأرز.
تضم الأربعة أطباق من المخللات، مخلل الكرنب الصيني، ومخلل الخيار، ومخلل الفطر الأسود ، ومخلل فول الصويا، و نستطيع أن ندرك جحم التنوع في مطبخ قومية هوى، فمخلل الخيار من أهم أنواع المخللات التي يقبل عليها العرب، أما مخلل الكرنب فيعد من أشهر الأطباق الكورية، ومخلل الفطر الأسود يعتبر دواء وطعام في وقت واحد.
يعد طبق لحم الغنم من أهم الأطباق التقليدية لدى أبناء قومية هوي في نينغشيا، وهو دليل على تأثير المطبخ العربي على قومية هوى المسلمة، حيث معظم الأطباق الصينية تحرص على تقطيع اللحوم على هيئة قطع صغيرة حتى تكون سهلة التناول بالعودين، أما طبق لحم الغنم المسلوق فقد أطلق عليه “اللحم المأكول باليد” لكبر حجم قطع اللحم وصعوبة أكلها بالعودين، ويعود تاريخه لحوالي ألف سنة. ويقدم هذا الطبق مع الملح والتوابل، وأحيانا يتم قليه ويضاف إليه الملح والتوابل وصلصة الصويا.
المصدر: إذاعة الصين الدولية