هو السيد إبراهيم المجاب بن السيد محمد العابد بن الإمام الكاظم (عليه السلام). المدفون في زاوية رواق حرم الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، وله ضريح يزوره الناس.
لقبّ أبوه محمد بـ(العابد) لكثرة عبادته وصومه وصلاته.
وسبب تسميته بـ(المجاب) ما قاله السيد تاج الدين بن زهرة: أنه دخل مشهد الحسين – عليه السلام- فقال (السلام عليك يا أبه)، فسمع: (وعليك السلام يا ولدي) وإن كان بعض العلماء لم يجزم بحدوث ذلك.
كان ضريرًا, ويسكن الكوفة، حتى عرّفه بعضهم بقوله (إبراهيم الضرير الكوفي المجاب برد السلام)، وهو أول من جاور الحائر الحسيني من الأشراف، وعاش في كربلاء إلى أن توفي فيها، ودفن هناك.
متى انتقل السيد إبراهيم لمجاورة الحائر الحسيني؟
قال بعض: (بعد مقتل المتوكّل العباسي، عام 247 للهجرة).
ولكن هذا يتعارض مع قول بعضهم بأن السيد إبراهيم قد توفي سنة 200, ومن الغريب جدًا أن بعض الكاتبين لم يلتفت لذلك, فذكر أن السيد انتقل لمجاورة الحائر سنة 247 بعد هلاك المتوكل, وفي نفس السطر ذكر أن السيد إبراهيم توفى سنة 200 !!
معلومات مفيدة:
1/ شهادة الإمام الكاظم – عليه السلام- كانت سنة 183 للهجرة.
2/ سفر الإمام الرضا – عليه السلام- إلى مرو وقبول ولاية العهد كان سنة 200 للهجرة.
3/ والد السيد إبراهيم (وهو السيد محمد العابد) قد استشهد مع أخيه (السيد أحمد) في شيراز, في طريقهم لزيارة الإمام الرضا – عليه السلام-.
4/ إذا كان السيد إبراهيم مرافقًا لوالده في سفره, ونجا من الأعداء, فسكن في الكوفة لفترة, ثم انتقل إلى الحائر الحسيني وعاش فيه, فإذن لا يصح أن تكون سنة وفاته هي نفس سنة سفر الإمام الرضا – عليه السلام- إلى مرو.
5/ توّلى المتوكل الخلافة سنة 232, وهلك سنة 247, في زمن إمامة الإمام العسكري- عليه السلام-.
ذرية السيد إبراهيم المجاب:
عقب السيد إبراهيم من ثلاثة:
1/ محمد الحائري.
2/ أحمد, المدفون في قصر ابن هبيرة.
3/ علي, المدفون في سيرجان.
ومنهم جاء الكثير من العلماء والشخصيات البارزة في المجتمع, ومن ذريته العديد من عوائل السادة (آل طعمة, وآل نصرالله, وآل ضياء الدين, وآل تاجر, وآل مساعد, وآل سيد أمين) .
لماذا خصص السيد إبراهيم بضريح بارز في الحائر الحسيني؟
1/ هو أول من جاور الحائر الحسيني من الأشراف.
2/ اعتقاد المشهور بأن الإمام الحسين – عليه السلام- قد ردّ السلام على السيد إبراهيم, مما يدل على علو مكانته.
3/ تقدّم كونه الجد الأكبر للكثير من العلماء والشخصيات البارزة وعوائل السادة, فاهتم الأحفاد بزيارة قبر جدهم وإبرازه.
قصة مكذوبة:
بدأت بالانتشار قصة طويلة ومكذوبة عن السيد إبراهيم المجاب, ونحن نكتفي بذكر خلاصتها مع التعليق عليها:
قالوا بأن السيد إبراهيم قد فرّ خوفًا على نفسه بعد شهادة جده الإمام الكاظم, ووصل إلى مكان قريب من كربلاء, فأخفى نسبه لئلا يعرف, وجعل اسمه (إبراهيم الطحان) ويعمل في الطحن للناس بالأجرة, وفي ذات يوم خرج جميع الرجال من القرية ولم يبق في القرية إلا النساء والأطفال والشيبة, فجاء قوم يريدون الهجوم على القرية وسلبها, فاحتارت زوجة رئيس الحي ماذا تفعل وليس معها إلا الطحان العجوز الغريب الذي لا يقوى على حمل السلاح, فجاءت بالخيل المسروجة وأخذت تنخيّ الطحّان للدفاع عن النساء, ولكنه اعتذر في البداية لأنه مشغول بعبادة ربه, فأخذت زوجة رئيس الحي بالبكاء والقسم عليه بالله العلي العظيم ليدافع عنهم, فلما أقسمت عليه, عندئذ قبِل أن يواجه الأعداء.
ذهب الطحّان إلى الأعداء, ودعا الله تعالى, وحمل عليهم, وإذا بالقوم تطير مثل العصافير والبعض تدوس أجسادهم الخيل. فتعجبت المرأة, وهكذا عندما رجع رجال الحي من سفرهم تعجبوا كيف استطاع العجوز الطحّان أن يتغلب على تلك الجيوش بمفرده. وعرضوا عليه أن يتزوّج فتاة من الحي ليلدوا أبطالاً شجعانًا, فتزوّج وولدت له فتاة, وفي يوم من الأيام عيّر بعض أهل الحي بنت الطحّان بعدم معرفة نسبها, ووصل ذلك للطحّان فقال أبيات تدل على أنه من ذرية رسول الله, فلما عرف الحي أنه من ذرية علي بن أبي طالب اجتمعوا على أذيته وقتله, فأشار عليهم أحدهم بأن يأخذوه إلى كربلاء, ويطلبوا منه السلام على الحسين, فإذا ردّ الحسين عليه السلام, فهذا دليل كونه من ذرية علي بن أبي طالب, وعندئذ يقتلونه. فأوثقوه وكتفوه بالحبال, وهو يستغيث فلا يغاث, ويستجير فلا يجار, وأوصلوه إلى قبر الحسين وهم يسبونه ويشتمونه, وطلبوا منه السلام على الحسين, فلما سلّم وردّ الحسين السلام عليه, قام أشدهم عداوة لأهل البيت فأخذ خنجرًا, وضرب السيد إبراهيم في صدره, وأقعده على الأرض, وجلس على صدره, وأخذ يهبّر أوداجه وهو عطشان.
والجواب على ذلك:
1/ قد عرفت أن السيد إبراهيم كان ضريرًا, ويسكن الكوفة, وبعد ذلك جاور الحائر الحسيني حتى مات. ولم يذكر في أي مصدر من المصادر التي ذكرناها أعلاه بأن السيد إبراهيم قد استشهد. ولو كانت هذه القصة موجودة ولو محتملة لذكرها الكاتبون عن حياته ولو بشكل مختصر أو إشارة.
2/ إذا كان يخشى على نفسه, فكيف يختار السكن في هذا الحي الناصبي المتشدد في بغضه لأهل البيت. الإنسان العاقل لا يكتفي بمجرد إخفاء اسمه, بل يبحث عن حي محب لأهل البيت كما فعل القاسم بن الإمام الكاظم – عليه السلام- .
3/ إذا كان كبير السن, ولا يقوى على حمل السلاح, فكيف يعمل (طحّانا) مع أن الطحن يحتاج إلى قوة جسدية.
4/ عجيب هذا الحي, ليس فيه شيبة إلا هذا الطحّان.
5/ ليس من أخلاق أهل البيت ترك الدفاع عن النساء والأطفال بحجة أنه مشغول بعبادة الله, حتى تحتاج المرأة إلى استعطافه والقسم عليه بالله العلي العظيم ليقبل الدفاع عنهم.
6/ السيد إبراهيم كان ضريرًا, وظاهر عبارة بعضهم أنه كان ضريرًا قبل أن يجاور الحائر الحسيني, ولا أقل من كونه كذلك فترة طويلة قبل وفاته, ولكن هذا القصة ليس فيها أي إشارة لذلك.
7/ الظاهر من اختياره المجاورة للحائر بعد هلاك المتوكل بالخصوص, أنه لم يكن يتكتم على حسبه ونسبه, بل كان يظهر ذلك. ولو كان يريد إخفاء حسبه لما انتظر هلاك المتوكل.
8/ طبق القصة لم يولد للسيد إبراهيم (الشيخ الكبير) من (زوجته الفتاة) إلا بنت واحدة, ولكنك قد عرفت أن لديه ثلاثة أولاد ذكور, وهم الآن عوائل مشهورة ومعروفة.
9/ هذه القصة تلفيق بين أجزاء من مصائب الإمام الحسين –عليه السلام- في شهادته, وبين أجزاء من قصة القاسم بن الإمام الكاظم –عليه السلام- مع بعض التغييرات والإضافات المفضوحة التي جعلت القصة غير منطقية, ومخالفة لما ذكره المؤرخون عند السيد إبراهيم المجاب.
المصادر:
أعيان الشيعة – السيد محسن الأمين 2: 224.
مستدركات علم رجال الحديث – الشيخ علي النمازي الشاهرودي 1: 186.
منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل- الشيخ عباس القمي 2 : 365 .
شبكة كربلاء المقدسة
شبكة الإمام الرضا – عليه السلام-
مؤسسة السبطين العالمية