د.مسعود ناجي إدريس
هذه الوصية العظيمة ، الموجهة إلى البشرية اجمعين ، هي وصية العبادة لله وحده كما نقل في الآية (٢١) من سوره البقرة بكل وضوح؛ «یَا أَیُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّکُمُ الَّذِي خَلَقَکُمْ وَالَّذِینَ مِنْ قَبْلِکُمْ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ» (يا أيها الناس اسألوا الأقوام الأقدمين حتى تتعلموا من اخطائهم و تكونوا اكثر حذراً). و ايضا في الآية (٣٦) من سورة النحل: «وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي کُلِّ أُمَّهٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ» (وبالطبع ، أرسلنا لكل امةٍ رسولاً لدعوتهم الى عبادة الله والابتعاد عن الطاغوت).
هذه هي رسالة الله الصريحة لكل سكان الأرض و في كل الأزمنة وفي كل فترة من فترات التاريخ وفي كل بقعة جرافية، والتي تحدد الهدف الاساسي للوجود البشري. في الأساس ، نواجه مهمتين كبيرتين في الحياة، إحداهما هي عبادة الله و الاخلاص له ، والثاني هو تجنب الطاغوت. ووفقًا لأحكام هذه الآية ، فإن الله من أجل تنشئة وتوجيه البشرية في كل أمة ارسل رسوله والذي كان من نفس جنس بني آدم ؛ وقدم لهم الأدلة وساعدهم على فهم النهج الصحيح في التقرب الى الله طوال الطريق. اخذ بأيديهم وقام بتوجيههم وإنقاذ البشر من ارتكاب الأخطاء والإنحراف و هذه المهام كان من واجبات الإمام المعصوم.
ان جعل الأمة مدركة لأفعالها مقارنةً مع الآثار اتباع الطاغوت وهوى النفس البشرية و تأثيرها على روح الانسان (داخلياً و خارجياً) من مسؤولية الإمام المهدي الحي في كل زمان. المجتمعات البشرية بعد ان عانت من ظلمة الضلالة؛ وضعت نفسها في طريق الطاعة إلى الله ، بعدها تمكنت من التقدم والصعود والازدهار. بعد ان عانوا من اضرار العصيان لله تعالى تحولوا من الضلالة الى طريق البر و الحق. هذه الأيام تنتمي إلى الدولة المقدسة للإمام المهدي (عليه السلام). و هو رسول الله الذي ارسله لتوجيه و إنقاذ أمتنا.
تعالوا لنلقي النظر إلى رسالة الآية (٣٧) من سورة النحل ، فلنقارن أنفسنا بأهداف إمامنا ونرى إلى أي مدى تمكنا من مواءمة أنفسنا مع قضية الدولة الموعودة ورسائل الوحي لأمامنا المعصوم. كانت المحاولة المقدسة للإمام أثناء غيابه هي تقديم صيغة لتحويل الحياة البشرية إلى الاخلاص في العبودية ، ومع ارتقاء السمة الانسانية ، يستطيعون مواجهة الطواغيت في كل الازمنة.
الإنسان النامي، الإنسان المثالي، الإنسان الطالب للصعود الى المثالية هو الشخص الذي لديه المعرفة الكاملة بالأسباب الداخلية التي دمرته وحرمته من الصعود والارتقاء ، وكذلك المعرفة بالأسباب الخارجية ، و طرق الامتناع من الارتباط بالشر والطاغوت وانتشار الفساد والفواحش وارتكاب الأعمال الخاطئة. وهو الآن قادر على المواجهة والكفاح ، وهذا لا يمكن أن يتحقق دون العبودية الخالصة لله وتجنب عبادة الأصنام و الشرك بالله.
إن الطريقة الجادة الوحيدة لمحاربة الطاغوت هي ببساطة إطاعة وصايا الله ، والعبادة المجردة من الرياء و الخشوع و الايمان الخالص بأصل خالق الوجود، أي الله سبحانه و تعالى ، وفي الوقت نفسه فإن معرفة إمام الزمان جيدًا و حبه بأخلاص سوف يأخذ بأيدينا ويساعدنا في كلا الجانبين عبادة الله وتجنب الطاغوت. لكن هذا بشرط ان يكون لدينا فهم عميق لحاجتنا الى الامام المهدي و الوصول اليه مثل العطشان الذي لا يروى عطشه سوى بشرب الماء لذا يجب ان ونبحث عنه بكل وجودنا.
كما علمنا الإمام الصادق (عليه السلام) ، «سَیِّدِي غَیْبَتُك نَفَتْ رُقَادِي وَ ضَیَّقَتْ عَلَیَّ مِهَادِي وَ ابْتَزَّتْ مِنِّي رَاحَهَ فُؤَادِي». إذا وجدت هذا القلق ، فأعلم أنه تم اختيارك «وَ أَنَا اخْتَرْتُك». الآن عليك أن تستمع إلى ما يأمرنا به: «فَاسْتَمِعْ لِمَا یُوحَی» وكل ما يخرج من الحبيب يلخص في، «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاة لِذِکْرِي». خمس مرات نذكر الله في الصلاة حتى لا ننساه و في هذا الجانب يجب أن نسأل انفسنا كم مرة في اليوم نذكر الامام المهدي عليه السلام كي لا ننساه....
https://telegram.me/buratha