الصفحة الإسلامية

مرجعية أم مرجعيات؟!  


الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي ||

 

          بات من الواضح ما يمكنها ان تصنع المرجعية الدينية التي كانت وما تزال عماد النصر وخيمة الوطن, حيث يشهد لها القاصي والداني بالفضل والرعاية والحكمة؛ بل حتى الاعداء أيقنوا أن دعامة المرجعية كبيرة ولها أثر واضح في الانتصارات, وفي الاصلاح الذي تحاول قوى الشر تأخيره وبأي ثمن, لذلك نجد أن الهم الأكبر اليوم عند الكثير من أشباه الرجال وخَدَمَة الاستعمال هو كيف يمكن تسقيط المرجعية.

          والحال أن المرجعية وان اختصت اليوم بحسب العرف السائد بالمرجعية الدينة والتي صمدت أمام التحديات والأزمات إلا إنه في الحقيقة ليست حكراً على الجانب الديني, فهناك المرجعية السياسية والمرجعية الاجتماعية والمرجعية الثقافية والمرجعية الطبية والهندسية وغير ذلك كثير, ومن المناسب أن ندرك أن جميع هذه المرجعيات ابتليت بالاختبار وعرضت عليها الفساد بوسيلة أو اخرى فسقطت وفشلت أمام التحديات, واليوم نشهد هذا السقوط في مجال السياسة التي ضُيعت, وفي المجال الاجتماعي الذي تمزق, والطبي الذي خسر قيمه الانسانية فتسلخ من مهنيته ومال إلى التجارة حتى بالأنفس, وهكذا الهندسية التي خيبت آمال المجتهدين, والثقافية التي لبست ثوب الذلة واستبدلت تاريخها الثقافي بثقافة معلبة مستوردة فغيرت الموازين وكأن الثقافة الحقيقة باتت وبالاً على أهلها, وبقيت المرجعية الدينية صامدة في أعين الفاسدين.

          لذلك لا نستغرب هذا الكم الكبير من الجهد المبذول وبمختلف الوسائل من أجل اسقاط المرجعية الدينية التي كانت وما تزال حاكمة على المرجعيات, ومنها نستمد القوة والبركة في النهوض بإصلاح باقي المؤسسات والمرجعيات التي نخرتها الفساد فتراجعت وأصبحت منهكة لا حولا لها ولا قوة وتنتظر رحمة المستعمر واملاءاته التي دمرت العباد والبلاد.

          ولما آيست قوى الشر من اخماد نار المرجعية الدينية بادرت إلى المراوغة بافتعال مرجعيات دينية متعددة الاتجاهات, مختلفة الولاءات, تتخذ من ثوب المرجعية ستاراً, وتنهش لحم الوحدة والاصلاح, والمعلوم أن وجود مراجع عدة في زمن واحد كان عنصر قوة للمذهب؛ حيث كانوا يتكاتفون في المواجهة, ويتلاحمون كقوة واحدة في قبال الفتن الضارية كما وقفوا وقفة رجل واحد في ثورة العشرين الخالدة وكما كانت أيام مرجعية الشيخ الانصاري والسيد الحكيم والسيد الخوئي رحمهم الله تعالى, وأما اليوم فنحن لا نخشى على أبناء الحوزة والمرجعيات الحقيقية التي وقفت إلى جانب المرجعية كمؤسسة قوية ومتماسكة؛ ولكن الخوف من استيراد وصناعة مرجعيات تحاول ان تكون في خط متوازي بدعم غربي وشرقي لتتصدى بالتالي للمرجعية الحقيقية أو تقلل من شأنها, وهذه بضاعة الغرب وصناعة الشيطان حيث نجد اليوم ومن على شاشات الفضائيات المأجورة ظهور بعض المندسين بلباس المرجعية وإن كانوا مفضوحين إلا أن الأمر يستلزم الوعي عند العقلاء لتنبيه الشباب والابناء إلى أن هذا ليس غريبا على الاعداء ولطالما حاولوا ويحاولون أن ينالوا من المرجعية الدينية المؤيدة من الله تعالى باعتبارها هي التي تقف سداً منيعا في مواجهة المخططات الامريكية والإسرائيلية التي كانت وما تزال تعمل على تضعيف الشعوب ومصادرة خيراتها وتجويع أبنائها لتعيش الامم حالة من التبعية لها فتنعم هي بالاستقرار والقوة والغلبة.

          لن تكون هذه المحاولات هي الاخيرة من أجل تضعيف دور المرجعيات الدينية وان التكثير من المرجعيات الحديثة مؤشر خطير في مسيرة الحرب ضد الطغاة والظالمين, واليوم أكثر من كل ذي قبل ينبغي على المؤمنين تحمُّل الدور الرسالي والقيادي في كشف زيف الفاسدين وعملاء الغرب الذين ارتضوا ان يكون عبيدا صاغرين أمام أسيادهم من الغرب, وكذلك محاولة ربط الامة بقائدها الالهي الذي وعد الله تعالى عباده المؤمنين في اقامة دولة الحق بعد طول انتظار.      

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك