الصفحة الإسلامية

الإمام السجاد وثيقة ناطقة بالحقوق!

1537 2020-09-14

 

أمل هاني الياسري||

 

وثيقة عظمى في مسار الحقيقة المحمدية، التي إكتملت بتمام النعمة وإكمال الدين، بولاية علي (عليه السلام) وتواتر أبنائه على خلافة المسلمين، وتأسست على أيديهم أركان النظرية الإسلامية، إنها خمسون حقاً، تمثل مجموعة من القواعد، والأسس، والضوابط، تشكل بمجموعها منظومة متكاملة، يراعي فيها الناس بعضهم بعضاً، وتأتي هذه الحقوق في إطار الفرد الواحد، بدءاً من الدائرة الضيقة، (الزوج، والزوجة، والأبناء، مروراً بالعشيرة وحتى المجتمع)، وأساس وثيقة الحقوق للإمام علي زين العابدين (عليه السلام)، هو الكرامة الإنسانية.

السجاد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، الإمام الذي كان شاهداً على واقعة الطف الأليمة، حيث لم تنتهِ في العاشر من محرم سنة (61) للهجرة بل بدأت منه، فأيام يزيد الطاغية ومَنْ جاء بعده، تتطلب من الإمام المعصوم حفظ الدين والعقيدة، لأن الوثيقة التي كتبها الإمام زين العابدين، كانت مستوحاة من مسيرة الإصلاح، التي سعى إليها والده الحسين (عليه السلام)، لكن وثيقة السبط ناطقة بالدم والعطاء، أما ولده السجاد فكانت ناطقة بالحقوق.

طبيعة الظروف التي أحاطت بالإمام زين العابدين (عليه السلام) جعلته يركز على الموازنة بين إحياء القضية الحسينية، حتى عرف أنه من ضمن البكائين الخمسة، والذي قضى حياته حزناً وألماً على مصيبة كربلاء، حيث عاشها بدقائقها الجسام والمرض حالَ بينها، فرُفِعَ رأس والده الشهيد وعمه وإخوته على أسنة الرماح، وبين تعبئة الأمة عبر معرفة حقوقها العبادية، والإجتماعية، والسياسية التي بدأت الأمة بفقدانها، لأنها ولّت أمرها لمَنْ لا يستحق، ففي أيامه كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء.

رابطة مقدسة بين العرب والعجم، ساقها العلي القدير سيدة جليلة، كشاه زنان(ملكة النساء أو سيدة النساء)، لتتزوج الإمام الحسين عليه لتنجب علي زين العابدين، وهي بذلك والدته وجدة الأئمة الأطهار(عليهم السلام)، فهي سيدة مرضية ولدت خير أهل الأرض بعد أبيه الحسين، ومن سيد الساجدين إستمر نسل البيت العلوي، فكانت هذه الرابطة زيادة للألفة، ومحواً للفرقة، وتقارباً للناس، وكان وليدها السجاد أهم سبب لبقاء الإسلام، بسبب وثيقته الناطقة بالحقوق، لتشكيل منظومة إسلامية عالمية شاملة لحقوق الإنسان.

الإمام السجاد (عليه السلام) اختار الصمت ولجأ الى العبادة؛ لأنها لغة العظماء، وهي مؤشر على النضوج العقلي والحكمة والخبرة الحياتية، فهو قد عاش في زمن الضلال الأموي، لذا وجد في وثيقة الحقوق العبادية العظيمة، مخرجاً لبيان أحكام الدين، والحفاظ عليه من البدع والإنحراف الأموي البغيض، فكانت طاقة إيجابية للمؤمنين الموالين، بأن احيوا أمر المنظومة الفكرية لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وإحياء مظلوميتهم، وبذلك حافظ زين العابدين (عليه السلام) على سلامة الأوطان وبناء الإنسان معاً.

ثنائية الدفاع عن حق الإمامة، والحفاظ على وحدة المسلمين، كان يتطلب من الإمام السجاد (عليه السلام)، مواجهة حقوقية وإعلامية، وليست مواجهة مسلحة مع بني أمية، فأشاع بين الأمة أن الإستعباد يعطل الطاقات، وأن كرامة الإنسان وحريته هما مَنْ يصنعان الإنتصار، فكانت وثيقته ذات الخمسين بنداً، من أهم الوثائق التي تؤكد على حقوق الإنسان، وتنظيم حياته مع نفسه، ومع ربه، ومع الآخرين، وصولاً للمجتمع الأمثل، فمنحت الباحثين دروساً عظيمة، ما تزال تنهل منها الأجيال حتى يومنا هذا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك