الصفحة الإسلامية

نفحات قرآنية (٥)


 

رياض البغدادي ||

 

مختصر تفسير الآية (٤) من سورة (المؤمنون) ، بسم الله الرحمن الرحيم «وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ» .

وهي الصفة الرابعة من صفات المؤمنين الذين بشّرهم الله تعالى بالفلاح ، وقيل في الزكاة قولان :

1. الزكاة تعني كل فعلٍ مرضيٍّ ، كما في قوله تعالى  ( .. فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ) النجم 32

2. الزكاة هو الصدقات الواجبة والمندوبة في الأموال ، قال تعالى (  الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) البقرة 3 .

قيل لا يقال في الكلام الفصيح إنه يفعل الزكاة ، فما سر ذلك ؟ وقد أجاب الزمخشري في تفسيره الكشاف قائلاً : " ما من مصدر إلا ويُعبّر عن معناه بالفعل ويقال لمحدثه فاعل ، يقال للضارب فاعل الضرب وللقاتل فاعل القتل وللمزكي فاعل الزكاة ".

قد يقال أن القرآن لم يفصل الزكاة عن الصلاة في كل خطاباته ، فلماذا هنا فصل بينهما بالآية المباركة (  وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ) ؟

أجاب الفخر الرازي في تفسيره عن هذا السؤال قائلاً : " إن الإعراض عن اللغو من متممات الصلاة ، فلا فصل اذن " .

ولا يخفى أن الزكاة تقال لعين ما تم فصلها من أصل المال ، وكذلك تقال لفعل الزكاة ، وهو ما قام به المزكي للأموال من عملية الفصل ، ولهذا عندما تسأل هل زَكّى زيد ماله ؟ يصح أن يكون الجواب ، نعم ، فعل .. ولهذا جاءت الآية المباركة بلفظ ( لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ) ، فكلمة ( لِلزَّكَاةِ ) هنا ليس المعني بها عين المال بل فعل التزكية ، والملفت ان الآيات المباركة كلها تتحدث عن أفعال المؤمنين ، التي هي المظهر الخارجي لإيمانهم وتقواهم ، وبها يمكن تمييز المؤمن عن غيره ، والآية هنا ترسخ مفهوم أن الأفعال هي المعبر الحقيقي والعملي ، لإلتزام المسلم وليس الأقوال والإدعاءات ..

وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة ههنا ، زكاة النفس من الشرك والدنس كقوله تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـٰهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّٰهَا ) فيكون للزكاة فاعلون حينها أبلغ بالقول .

وفي الخطبة ١٩٠ من نهج البلاغة يقول الإمام علي ( ع) :

" (..  وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ.. ) قَدْ أُمِنَ الْعَذَابُ وَانْقَطَعَ الْعِتَابُ وَزُحْزِحُوا عَنِ النَّارِ وَاطْمَأَنَّتْ بِهِمُ الدَّارُ وَرَضُوا الْمَثْوَى وَالْقَرَارَ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا زَاكِيَةً وَأَعْيُنُهُمْ بَاكِيَةً وَكَانَ لَيْلُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً وَاسْتِغْفَارًا  .." . اذن فالزكاة فعل من الأفعال ..

وفقنا الله وإياكم للزكاة ولسائر الطاعات والله تعالى ولي التوفيق

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك