رياض البغدادي ||
مختصر تفسير الآيات (٩-١١) من سورة (المؤمنون)
بسم الله الرحمن الرحيم « وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ . أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ .الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ».
المحافظة على الصلوات هي الصفة السابعة من صفات المؤمنين الذين بشرهم الله تعالى بالفلاح ، وإنما أعاد الله ذكر الصلاة لأن الخشوع والمحافظة متغايران ، فالخشوع صفة المصلي حال الصلاة ، والمحافظة هو تعهد شروطها من وقت وطهارة وغيرها ، بحيث ان يأتي المؤمن بصلاته وقد أتم شروط صحتها وتمام أركانها كلها .
وبعد ان ذكر الله تعالى صفات المؤمنين الذين بشرهم الله تعالى بالفلاح ، ذكر انهم ( الوارثون الذين يرثون الفردوس ) وهنا اسئلة عديدة :
اولا- لم سُمِّيَ ما ينالونه من ثواب الجنة بالميراث ونحن نعلم ان الإرث يأتي الى الإنسان من دون أن يتعب أو يجهد في جمعه .. فكيف يقول الله يرثون الفردوس مع إنهم عملوا الواجبات وأدوا ما عليهم من طاعات وبذلوا الكثير من الجهد والجهاد ؟
وجوابة من وجوه :
1. روي أن لكل عبد بيتاً في الجنة ومنزلاً في النار، فإذا أفسد العبد خسر بيته في الجنة، ودخل النار، فيرث بيته المؤمنون الذي بشرهم الله تعالى بالفلاح .
2. إن الجنة كانت مسكن آدم فتكون ميراث ذريته الصالحين .
3. كان إنتقال الجنة للمؤمن من دون أن يكون في حسبانه ذلك يشبه إنتقال المال الى الوارث.
4. إن العبد المؤدي ما عليه من واجبات ، إنما يستحق الجنة التي وعده الله بها ، وأما الفردوس التي هي الطبقة العالية من الجنان ، إنما إنتقل إليها برحمةٍ ومنٍّ وإحسانٍ من الله على عبده ، فتكون كمن حصل عليها دون بذل جهد .
ثانيا – كيف وصفهم الله بالفلاح ولم يتم وصف حالهم في باقي العبادات ؟
وجواب ذلك : إن الله تعالى ذكر ( والذين لأماناتهم وعهدهم راعون ) يشمل جميع الواجبات والطهارات وهذا يعني أنها دخلت في جملة المحافظة على الصلوات .
ثالثا - أفيدل قوله تعالى ( اولئك هم الوارثون ) على انه لا يدخلها غيرهم ؟
فجوابه : يجب ترك الحصر لانه ثبت دخول غيرهم فيها لقوله تعالى ( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) وقد يكون الحصر عاملاً في الفردوس فقط وهو موضع خاص في الجنة جعله من نصيب من أتصف بالصفات السبع حصرا.
رابعا – هل إنحصرت صفة الإيمان في من أتُصف بتلك الصفات أم لا ؟
وان أدعى الكثير ذلك ،لكن ذهب بعض المفسرين أعلى الله مقامهم الى ان صفة الإيمان لا تختص بهم .
خامسا – هل تدل الآية على إن الفردوس مخلوقة أم ستُخلق يوم القيامة ؟
قيل إنها مخلوقة بقوله تعالى ( أكلها دائم ) ويؤكد هذا القول ما في قوله تعالى ( أعدت للمتقين ) لأن الإعداد يقتضي الوجود .
وفيما رويَ عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما خلق الله خلقاً إلا جعل له في الجنة منزلاً، وفي النار منزلاً ، فإذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة، أشرفوا؛ فيشرفون على أهل النار، وترفع لهم منازلهم فيها، ثم يقال لهم: هذه منازلكم التي لو عصيتم الله لدخلتموها، - يعني النار، قال- فلو أن أحداً مات فرحاً ، لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحاً ، لما صرف عنهم من العذاب.
ثم ينادي مناد: يا أهل النار، أرفعوا رؤوسكم، فيرفعون رؤوسهم، فينظرون إلى منازلهم في الجنة، وما فيها من النعيم، فيقال لهم: هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم لدخلتموها - قال- فلو أن أحداً مات حزناً، لمات أهل النار حزناً، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء، ويورث هؤلاء منازل هؤلاء، وذلك قول الله: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ ».
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha