الصفحة الإسلامية

نفحات قرآنية (١١)


 

رياض البغدادي ||

 

مختصر تفسير الآيات (١٨-٢١) من سورة (المؤمنون)

بسم الله الرحمن الرحيم « وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ . فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ . وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ »

ومن وجوه الإستدلال على حكمة الخالق وقدرته ،هو ما تتحدث به هذه الآيات المباركة ،من خلق الله تعالى للمطر وتأثيره على النبات والإنسان .

وبالرغم من أن الماء هو في نفسه نعمة عظيمة وآية خلق باهرة إلا أنه أيضاً سببٌ لنعم أُخرى ،فقوله تعالى (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاءً بِقَدَرٍ) اختلف المفسرون أعلى الله مقامهم في معنى السماء في هذه الآية ،فمنهم من قال أنه السحاب المحمل بالماء ،وسماه سماءً لعلوه وارتفاعه ،ومنهم من قال أن الماء بالأساس هو من السماء تنزل على شكل المطر .

واما قوله تعالى (بِقَدَرٍ) أي وفق تقديرات حسابية ،الغرض منها مصلحة الإنسان وإنتفاعه منه في السقي وغيره من المنافع المعتادة في الماء .

وقوله تعالى (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ) أي ثبتناه في أعماق الأرض وأخاديدها .

وأما قوله تعالى (وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ) أي كما قدرنا على خلقه وإيجاده ،كذلك قادرون على منعه ،وأشار أهل اللغة إلى أن (وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ) من أبلغ الجمل وأفصحها بل هي من أوقع النكرات .

ولما نبه سبحانه إلى نعمة خلق الماء ،ذكر بعده النعم الحاصلة منه ،فقال تعالى ( فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ) وذكر النخيل والأعناب لأنها الطعام المعتاد في ذلك الزمان .

وقوله تعالى (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ ) هو معطوف على جنات ،وطور سيناء هو موضع في منطقة سيناء ،أو ربما هو إسم مركب للموضع الذي نوديَ فيه موسى عليه السلام.

فإن قيل : كيف قال تعالى " وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ " مع إنها تخرج في طور سيناء وغيرها من الأماكن ؟

قلنا : أن شجرة الزيتون وإن كانت تنبت في غير طور سيناء إلا ان أصل موطنها هو طور سيناء ونقلت منه الى سائر الارض .

قوله تعالى (تَنبُتُ بِالدُّهْنِ ) فهو في موضع حال ،أي تنبت وفيها الدهن ،وإنما أضافها الى طور سيناء لأنها موطنها ومنها إنتشرت الى البقاع .

وأما قوله تعالى (وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ ) فهي معطوفة على الدهن ،أي أدام للآكلين وصبغ أي يصطبغ به الخبز .

ولاتخفى أهمية هذه الشجرة التي هي الأخرى من آيات خلقه ،فبالرغم من انها شجرة جافة ،إلا إنها تُخرج الدهن ،وهذا من أوجه التناقض ،فالدهن الذي يكون سبباً للمرونة والطراوة يكون خارجاً من شجرة يابسة جافة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك