الدكتور فاضل حسن شريف
عن كلمة الجدال الواردة في الاية "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ" (البقرة 197). ان الجدل لغة هو اللدد واللجاج في الخصومة بالكلام. قال الراغب الأصفهاني: الجدال هو المفاوضة على سبيل المُنازعة والمُغالبة، وأصله من جدلت الحبل أي: أحكمت فتله ومنه: الجَدِيل، وجدلت البناء: أحكمته، ودرع مَجْدُولَة. هناك أكثر من آية في القرآن الكريم تشير الى المُجادلة ومن ذلك قوله عزّ وجلّ: "ولَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (العنكبوت 46)، فالآية لا تنهى عن المُجادلة بل تدعوا إلى المُجادلة بالتي هي أحسن كما جاء في الاية "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (النحل 125). وجادل نبي الله نوح عليه السلام قومه لهدايتهم كما جاء في الاية "قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِين" (هود 32).
المحاججة اصلها من الحج اي القصد. وبالتالي قصد الاخرين لتقديم الحجج والبراهين لاثبات صحة عقيدة او رأي كما جاء في محاججة قوم ابراهيم عليه السلام "وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ" (الانعام 80). والمحاججة بمفهوم المناظرة وهو مصطلح اكثر استخداما في الوقت الحالي والمقارب للعمل المسرحي بين اشخاص او مجموعات مما يجعل الجمهور المشاهد يستفاد من المسرح للوصول الى الرأي الصائب.
وعادة الخطاب الفني يوصل الفكرة افضل من قراءتها. والمسرح له مفاهيم فنية مختلفة منها في موقع مغلق او مفتوح و قد يكون في مكان واسع وربما متحرك. وما الشعائر او التشابيه الحسينية الا مصداق لمجادلة او لمحاججة اعوان يزيد مع الامام الحسين عليه السلام واصحابه، و كما حصل لمجادلة شيخ الانبياء نوح عليه السلام مع قومه (هود 32)، و لمحاججة نبي الله ابراهيم عليه السلام مع قومه (الانعام 80)، ومجادلة خاتم الانبياء محمد صلى الله عليه واله وسلم مع قومه (النحل 125).
https://telegram.me/buratha