الدكتور فاضل حسن شريف
ذكر السيد محمد باقر الحكيم قدس سره ان الهدى الذي ورد في الاية المباركة "قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة 38) هو الرسالات الالهية الهادية بعد آدم عليه السلام كما قال العلامة الطباطبائي ان هذه الرسالات هي لمنع الفساد الناتج عن التزاحم في هذه الارض ويكون العلم بالأسماء طريقا وعلاجا لتجنب هذه الاخطار، لان الأسماء بنظره موجودات عاقلة حية.
وعن الاية "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة 62) يقول الشهيد محمد باقر الحكيم: نلاحظ القرآن الكريم يضع أهل الكتاب بأصنافهم المتعددة في صفٍ واحدٍ مع المسلمين في النهايات، وذلك انطلاقاً من هذه الرؤية الواقعية، والتمييز بين بعضهم والبعض الآخر، ويضع قضية الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح أساساً لذلك.
وعن الاية "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" (البقرة 78) فان الامية كمفهوم للجهل والاجتهادات الخاطئة والظنون الذي يؤدي بالنهاية الى الطغيان. ولهذا يقول السيد الحكيم عن هذه الاية: فالاختلاف بسبب الجهل والطغيان، وتحول بعض الممارسات السلوكية إلى عادات ثابتة، أو تقاليد مقدسة لوراثتها عن الآباء والأجداد، وبفعل الاجتهادات والتغيرات القائمة على الهوى والأغراض الشخصية أو الظنون والأوهام، الأمر الذي أدى إلى انقسام الناس إلى جماعات متعصبة وأحزاب متفرقة يقتل بعضهم البعض الآخر ويشرده من دياره، أو يستعبده ويستغله من أجل مصالحه وحاجاته وإرضاء لرغباته وشهواته.
وعن النسخ في الاية "مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا" (البقرة 106) يقول اية الله السيد محمد باقر الحكيم: النسخ لغة: اللغة: للنسخ معان متعددة ذكرت في كتب اللغة وهي تدور بين النقل والإزالة والإبطال. فتقول (نسخ زيد الكتاب. إذا نقله عن معارضه). ونسخ النحل إذا نقله من خلية إلى أخرى وتقول. نسخ الشيب الشباب إذا أزاله وحل محله وتقول. نسخت الريح آثار القوم. إذا أبطلتها وعفت عليها. اللغويون حين يذكرون هذه المعاني المتعددة يختلفون في أي واحد منها هو المعنى الحقيقي للكلمة أو أنها بأجمعها معاني حقيقية.
وقال شهيد المحراب الحكيم: يستحب الصلاة في مشاهد ومقامات الائمة عليهم السلام كما في المسجد الحرام مقام ابراهيم الذي ورد النص في القرآن الكريم بالصلاة فيه " وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" (البقرة 125) ، و هي البيوت التي أمر اللّه تعالى أن ترفع و يذكر فيها اسمه ، بل هي أفضل من بعض المساجد. و في بعض الشعائر التي اقرها أو وظَّفها القرآن الكريم ، أو المفاهيم التي ثبتها لجزء من معالم الرسالة الاسلامية . و كذلك في السيرة النبوية المباركة . و نشير هنا إلى بعض هذه المعالم منها تمجيد مقام إبراهيم ( عليه السلام ) و هو الصخرة التي كان يقف عليها لبناء الكعبة الشريفة ، حيث ورد في القرآن الكريم استحباب أو وجوب الصلاة عند المقام بعد الطواف كما في قوله تعالى "وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" (البقرة 125) و هذا مما يجمع عليه المسلمون. والمسجد الحرام هو اول مسجد عرفته البشرية في تاريخها. و قد تحدث عنه القرآن الكريم في مواضع عديدة باسمه الصريح و هو المسجد الحرام ، كما اشار إليه عندما تحدث عن الكعبة الشريفة و البيت الحرام و بنائها ، و جعلها من قبل اللّه تعالى مثابة للناس و أمناً "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا" (البقرة 125).
وجاء عن الشهيد السيد الحكيم التأكيد على وحدة الرسل والرسالات. فالأنبياء وما جاءوا به من الوحي إنما هو مصدر واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، وهم يتحملون مسؤولية من نوع واحد، وهي مسؤولية إبلاغ رسالات الله، وإصلاح البشر، ودعوتهم إلى الخير والهدى والصلاح، وتحذيرهم من الشر والضلال والفساد، وكذلك قيامهم بين الناس بالعدل والقسط، وحل الاختلاف بالحق من خلال الحكم الإلهي، لا بالهوى والميول والرغبات. وقد أكد القرآن الكريم هذه الوحدة بأساليب متعددة منها بالإشارة إلى أن العقيدة الإسلامية الصحيحة هي عدم التفريق بين الرسل، والإيمان بهم جميعاً مع احترامهم، والإنكار على من يفرق بين هؤلاء الرسل، لأنهم جميعاً هم رسل الله تعالى كما جاء في سورة "قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (البقرة 136).
https://telegram.me/buratha