الدكتور فاضل حسن شريف
اداة الاصلاح عند الخطيب هي الموعظة واستخدام الكلمة التي كانت اداة الرسل و الاديان والحركات الاصلاحية عبر التأريخ. من معاني الموعظة في القرآن الحكمة "حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ" (القمر 4). الخطيب الواعظ عليه ان يكون قدوة باخلاقه وسلوكه وكما جاء في الحكمة (كُونوا دُعاةً إلى أَنفُسِكُم بغيرِ ألسِنَتِكُم). قال الله تعالى "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ" (البقرة 44) و "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ" (الصف 2).
وكتاب الله هو مصدر الوعظ الاساسي "وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِيَعِظُكُمْ بِهِ " (البقرة 231). والمشاكس عليك وعظه قبل انزال العقوبة عليه "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ " (النساء 34), وتعتبر وصايا لقمان هي في حقيقتها وعظ "وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ" (لقمان 13). و الواعظ الجيد هو من ينهى مستمعيه او القراء عن الفحشاء والمنكر "وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (النحل 90). والشخص الذي يتعظ من الموعظة عليه ان يلتزم بها وان لا يعود لاعماله المنكرة "يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (النور 17). كان الرسل خطباء يدعون اقوامهم إلى الله عز وجل، وخاتمهم النبي صلى الله عليه واله وسلم "فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ (الحجر 94). أن كل نبي في خطبه عنده الحجة والبرهان من الكتاب المنزل عليه ويعلمهم ما لم يعلموا "كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ" (البقرة 151).
ذكر الوعظ ومشتقاته في ايات عديدة. فالموعظة جاءت في ايات منها (البقرة 66) (البقرة 275) (ال عمران 138) (المائدة 46) (الاعراف 145) (يونس 57) (هود 120) (النحل 125) (النور 34). والموعظة والتقوى لها ارتباط في القرآن و "وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ" ذكرت في ايات (البقرة 66) (ال عمران 138) (المائدة 46) (النور 34). فالخطيب الواعظ يضع نصب عينيه ان الذين يعظهم سيصبحون من المتقين والا فعليه مراجعة خطبه. وهذه الايات تبين ان الموعظة تأتي بعد حدث ليكون الحدث درس وعبرة "فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ " (البقرة 66)، و "وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْوَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ" (النور 34). الحكمة والموعظة متلازمتان والدعوة لهما ان تكون بالحسنة وسعة الصدر والتسامح "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" (النحل 125) و "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً" (البقرة 83). وخطبة الوعظ تكافح الجهل "إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ" (هود 46).
هنالك نوعان من الموعظة الخطابية والفعلية. والقرآن كتاب موعظة ونصيحة "ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" (البقرة 232). والذي على قلبه رين يصبح اعمى البصيرة "وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى" (فصلت 44). ومن ايات الموعظة الخطابية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ" (التحريم 6) و "وكم اهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَاَ" (القصص 58) و "يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" (الاحزاب 71). وخطب الانبياء هي ليست لاقوامهم فقط فهي موعظة للبشر كقول موسى عليه السلام "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ" (المائدة 20) وقول نوح عليه السلام "لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ" (الاعراف 59) و "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا" (نوح 10-11). وهكذا اتباع القول الحسن "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ" (الزمر 18). من المواعظ الفعلية هلاك الاقوام فهي عبرة للبشر مثلا "أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ" (طه 128) و "فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ " (القصص 58).
https://telegram.me/buratha