الدكتور فاضل حسن شريف
العلامة (قلى) فوق نهاية الكلمة يعني الوقف اولى ويمكن الوصل. ولكن الوقف افضل وخاصة في الآيات الطويلة لاسباب منها تدبر القرآن أي يتفكر القارئ بما قرأ، وتقسيم الآية إلى جمل وعبارات بعد اكتمال المعنى. وتدبر القرآن له مفاهيم منها استنباط الادلة الشرعية، والحلال والحرام، والأمر والنهي، ودرجة الفهم. والاية التالية توضح موقع الوقف اولى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا (قلى: الوقف اولى) وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ".
يقول علماء التجويد ان علامة (قلى) او (قلي) تعني الوقف اولى من الوصل، فهي عكس (صلى). وتسمى الوقف جائز مع كون الوقف اولى، وله تسمية اخرى هي الوقف التام، من الأمثلة قوله تعالى "مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ (قلى: الوقف اولى) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ" (المائدة 99)، و "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (قلى: الوقف اولى) قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ" (المائدة 15). بينما جواز الوقف (ج) بالوقف الكافي حسب مصحف المدينة. ويسمى (صلى) بالوقف الحسن. والوقف والابتداء هو اجتهاد من المفسرين. والوقف الجائز على ثلاث مراتب: جواز مستوى الطرفين (ج)، وجواز الوقف ولكن الوصل اولى (صلى)، وجواز الوصل ولكن الوقف اولى (قلى). وهنالك اشخاص تعاملوا مع الوقوف منهم السجاوندي ومحمد الصادق الهندي والداني وابن الجزري وابن الانباري والعماني والانصاري والفخري الرازي والاشموني.
الوقف الكافي هو أن تتم الجملة في نفسها وتتعلق بما بعدها في المعنى دون اللفظ الذي يعني وجود حرف من حروف العطف. والاية التالية من سورة المائدة تبين مواقع الوقف اولى (قلى): "ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ (قلى: الوقف اولى) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا (قلى: الوقف اولى) وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" (المائدة 108).
الوقف التام هو إن الجملة الموقوف عليها إن تمت ولم تتعلق بما بعدها لا لفظا ولا معنى. و الوقف التام هو ما كان في نهاية قصة، أو في آخر صفة من صفات الناس مثل المؤمنين أو الكافرين. مثلا الوقف عند المفلحون "أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (البقرة 5) لان الكلام حول المتقين قد انتهى وسيأتي الكلام عن الكافرين "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (البقرة 6-7) والوقف عند كلمة عظيم يعتبر وقف تام لان الايات التالية ليست لها علاقة بالكافرين إنما لها علاقة بالمنافقين. وبذلك يساعد الوقف على التدبر وفهم آيات القرآن الكريم. ومن الآيات الشريفة التي فيها علامة الوقف أولى (قلى): "أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ (قلى: الوقف اولى) وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (المائدة 40).
وقال الأشموني الوقف على خمسة أقسام: إما أن لا يتصل ما بعد الوقف بما قبله، لا لفظا ولا معنى فهو التام. أو يتصل ما بعده بما قبله لفظا ومعنى، وهو القبيح. أو يتصل ما بعده بما قبله معنى لا لفظا وهو الكافي. أو لا يتصل ما بعده بما قبله معنى ويتصل لفظا وهو الحسن. والخامس متردد بين هذه الأقسام فتارة يتصل بالأول وتارة بالثاني على حسب اختلافهما قراءة وإعرابا وتفسيرا. وفيما يلي اية من سورة المائدة تبين علامة الوقف اولى (قلى): "لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا (قلى: الوقف اولى) وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (المائدة 93).
القرآن مصدره من قرأ بمعنى تلا وهو مجمع الآيات والسور. وهو مصدر مرادف للقراءة كما جاء في قوله تعالى "إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ" (القيامة 17-18) أي قراءته. التّجويد علم تحسين قراءة القران الكريم كالإدغام و الغنّة والمدود. و الخطأ في القراءة يؤدى إلى تغيير المعنى. فهذا العلم واجب على العالم به عند قراءة القران. وأمّا تعلّمه و حفظ قواعد ففرض كفاية. و الوقف يعتبر من أحكام علم التجويد. لذلك تعلّم مواضع الوقف الواجبة و الجائزة و غير الجائزة شرط من شروط علم الترتيل. ومن الوقف المناسب عند علامة الوقف اولى (قلى) كما في الآيتين التاليتين: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (ج: جواز الوقف) أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ (قلى: الوقف اولى) إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ" (المائدة 1)، و "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ (ج: جواز الوقف) ذَلِكُمْ فِسْقٌ (قلى: الوقف اولى) الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ (ج: جواز الوقف) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (ج: جواز الوقف) فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (المائدة 3).
يقول علماء التجويد ان علامة (قلى) او (قلي) تعني الوقف أولى من الوصل، فهي عكس (صلى). وتسمى الوقف جائز مع كون الوقف اولى، ولها تسمية أخرى هي الوقف التام، من الأمثلة قوله تعالى "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ (ج: جواز الوقف) قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا (قلى: الوقف اولى) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَاُ (ج: جواز الوقف) يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ (ج: جواز الوقف) وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (المائدة 17).
الوقف الحسن هو أن الجملة تكون قد تمت في نفسها وتعلقت بما بعدها لفظا ومعنى كما في قوله تعالى "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" (البقرة 3) فالوقوف عند كلمة الغيب يسمى وقف حسن لأن الجملة اسمية وقد تمت مبتدأ وخبر وتعلقت بما بعدها في اللفظ لوجود حرف العطف الواو في قوله سبحانه "وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ" وتعلقها بما بعدها لفظا ومعنى. ومن الوقف المناسب عند علامة الوقف اولى (قلى) كما في الآية التالية "فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ (قلى: الوقف اولى) إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (المائدة 39).
https://telegram.me/buratha