الدكتور فاضل حسن شريف
عن نزول القرآن الكريم لاية الله السيد محمد باقر الحكيم قدس سره: نزول القرآن عن طريق الوحي : تلقى النبي صلى الله عليه واله وسلم القرآن الكريم عن طريق الوحي ونظراً إلى أنه صلى الله عليه واله وسلم كان يتلقى الوحي الإلهي من جهة عليا، وهي اللّه سبحانه، يقال عادة إن القرآن نزل عليه، للإشارة باستعمال لفظ النزول إلى علو الجهة التي اتصل بها النبي عن طريق الوحي وتلقى عنها القرآن الكريم. والوحي لغة هو الإعلام في خفاء أي الطريقة الخفية في الإعلام، وقد أطلق هذا اللفظ على الطريقة الخاصة التي يتصل بها اللّه تعالى برسوله نظراً إلى خفائها ودقتها وعدم تمكن الآخرين من الإحساس بها. ولم يكن الوحي هو الطريقة التي تلقى بها خاتم الأنبياء وحده كلمات اللّه، بل هو الطريقة العامة لاتصال الأنبياء باللّه وتلقيهم للكتب السماوية منه تعالى، كما حدث اللّه بذلك رسوله في قوله عز وجل : "إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ " (163) . ويبدو من القرآن الكريم أن الوحي هذا الاتصال الغيبي الخفي بين اللّه وأصفيائه له صور ثلاث : إحداها: إلقاء المعنى في قلب النبي، أو نفثه في روعه، بصورة يحس بأنه تلقّاه من اللّه تعالى. والثانية: تكليم النبي من وراء حجاب كما نادى اللّه موسى من وراء الشجرة (بمعنى أنه سمع الكلام من الشجرة وما حولها). وسمع نداءه. والثالثة: هي التي متى أُطلِقت انصرفت إلى ما يفهمه المتدين عادة من لفظة الإيحاء، حين يلقي ملك الوحي المرسل من اللّه إلى نبي من الأنبياء ما كُلّف إلقاءه إليه، سواء أنزل عليه في صورة رجل أم في صورته الملكية. وتدل الروايات على أن الوحي الذي تلقى عن طريقه الرسالة الخاتمة، وآيات القرآن المجيد، كان بتوسيط الملك في كثير من الأحيان ، وبمخاطبة اللّه لعبده ورسوله من دون واسطة في بعض الأحيان، وكان لهذه الصورة من الوحي التي يستمع فيها النبي إلى خطاب اللّه من دون واسطة أثرها الكبير عليه، ففي الحديث أن الإمام الصادق سئل عن الغشية التي كانت تأخذ النبي أكانت عند هبوط جبرئيل؟ فقال: لا وإنما ذلك عند مخاطبة اللّه عز وجل إياه بغير ترجمان وواسطة.
وجاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: أهداف بعثة الأنبياء: بيان أن الغايات والأهداف من ارسال الرسل والأنبياء هي من أجل هداية الناس وارشادهم وحل الاختلافات والحكم بالعدل بينهم ومحاربة الفساد في الأرض، وفوق ذلك كله هو إقامة الحجة على الناس، ولذا جاء استعراض قصص الأنبياء بشكل واسع لبيان هذه الحقائق. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الهدف من القصة في عدة مواضع منها "رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" (النساء 165).
وعن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم قدس سره: ظاهرة تأكيد دور إبراهيم وموسى عليهما السلام: فمن الملاحظ ان القرآن الكريم أكد دور بعض الأنبياء في ذكر تفاصيل حياتهم وظروفهم أكثر من دور بعضهم الاخر وبالخصوص النبي إبراهيم وموسى عليهما السلام، مع أن الخصائص العامة التي يراد منها بالأصل استنباط العبرة والموعظة واستخلاص القانون والسنة التأريخية متشابهة، ولذا تأتي الإشارة إلى قصص مجموعة من الأنبياء في كثير من الموارد في سياق واحد، فهل يعني هذا التأكيد أهمية شخصية هذا النبي وفضله بالمقارنة مع بقية الأنبياء فقط؟ أو يمكن أن يكون وراء ذلك - إضافة إلى هذه الأهمية - مقاصد وأهداف أخرى اقتضت هذا اللون من التأكيد؟ قد يكون في الحقيقة أن بعض هؤلاء الأنبياء أفضل من بعضهم الاخر كما أنه قد يكون هذا البعض هو إبراهيم وموسى، ولكن لا يعني ذلك أن يؤكد القرآن دور هذين النبيين مثلا، أو غيرهما كعيسى الذي جاء الحديث عنه بنسبة أقل لمجرد فضلهم، لان القرآن بالأصل ليس بصدد تقييم عمل هؤلاء الأنبياء والحديث عن التفاضل بينهم، وانما الاهداف الأصلية للقصة التي أشرنا إليها وذكرها القرآن هي: العبرة والموعظة والتثبيت وإقامة الحجة والبرهان على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وآله ومضمون رسالته: "رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" (النساء 165) ولذلك يمكن أن نقول بأن القرآن انما كان يؤكد دور هؤلاء الأنبياء في حديثه عنهم لأنه كان يواجه حقيقة هي: أن لهؤلاء الأنبياء اتباعا وأقواما يرتبطون بهم فعلا في المجتمع الذي كان يتفاعل القرآن معه عند نزوله، وهذا الامر كان يفرض من أجل ايجاد القاعدة التغييرية أن يتحدث عنهم القرآن باسهاب.
https://telegram.me/buratha