الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: أهمية تأكيد دور إبراهيم عليه السلام: فالنبي إبراهيم عليه السلام كان يمثل لدى القاعدة المشركين، واليهود، والنصارى أبا لجميع الأنبياء ويحظى باحترام الجميع. وتأكيد ارتباط الاسلام وشعائره به له أهمية خاصة في اعطاء الرسالة الاسلامية جذرا تأريخيا ممتدا إلى ما هو أبعد من الديانتين اليهودية والنصرانية، ويعطي فكرة التوحيد التي طرحها القرآن على المشركين أصلا وانتماء يعيشه هؤلاء المشركون في تأريخهم: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) (الحج 78). ويتجلي هذا الربط التأريخي بشكل أوضح بحيث يصبح إبراهيم عليه السلام هو المبشر بالنبي العربي الأمي، وتكون بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وآله استجابة لدعاء إبراهيم عليه السلام وذلك في مثل قوله تعالى: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) (البقرة 127-129). إضافة إلى أنه يعطي الرسالة الاسلامية شيئا من الاستقلال عن اليهودية والنصرانية، ومن ثم عدم الشعور بالتبعية لعلماء اليهود والنصارى: (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين * إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) (ال عمران 67-78). (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) (البقرة 135). ومن هنا يأتي تأكيد قصة إبراهيم في بناء الكعبة التي جاءت في عدة موارد من القرآن الكريم، وندائه بالحج، وذلك للموقع الخاص الذي كانت تحتله الكعبة بين العرب عامة، وللقرار الذي كان القرآن قد اتخذه بجعل الكعبة قبلة للمسلمين، تأكيدا لاستقلالية الرسالة في كل معالمها لان صرف الانظار عن الأرض المقدسة وبيت المقدس الذي كان يحظى بالقدسية الخاصة وما زال بسبب نشوء الديانات المختلفة فيه، ووجود إبراهيم وأنبياء بني إسرائيل كلهم في هذه الأرض يحتاج إلى اعطاء هذه الأهمية للبيت والكعبة المشرفة وهذا الانتساب الأصيل إلى إبراهيم عليه السلام.
جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: ولقد كان النبي يتحرق شوقا إلى تحويل القبلة إلى الكعبة، وظل يقلب وجهه في السماء ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، لعل الوحي ينزل عليه بتحويل القبلة إلى البيت الحرام، ولكن رب القرآن لم ينزل في هذا التحويل قرآنا رغم تلهف رسوله الكريم إليه، الا بعد قرابة عام ونصف العام: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" (البقرة 144). فلماذا لم يسعف النبي بوحي عاجل يحقق ما يصبو إليه ويتمناه؟ إن الوحي ينزل ويكثر على محمد صلى الله عليه وآله حين يشاء رب محمد صلى الله عليه وآله ويفتر إذا شاء له رب محمد صلى الله عليه وآله الانقطاع، فما تنفع التعاويذ والأسجاع، ولا تقدم عواطف محمد صلى الله عليه وآله ولا تؤخر في أمر السماء.
جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: ولمعرفة أسباب النزول أثر كبير في فهم الآية وتعرف اسرار التعبير فيها، لان النص القرآني المرتبط بسبب معين للنزول تجئ صياغته وطريقة التعبير فيه وفقا لما يقتضيه ذلك السبب، فما لم يعرف ويحدد قد تبقى أسرار الصياغة والتعبير غامضة عنه، ومثال ذلك قوله تعالى: "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ" (البقرة 158) فان الآية ركزت على نفي الاثم والحرمة عن السعي بين الصفا والمروة دون أن تصرح بوجوب ذلك، فلماذا اكتفت بنفي الحرمة دون أن تعلن وجوب السعي؟ إن الجواب عن هذا السؤال يمكن معرفته عن طريق ما ورد في سبب نزول الآية من أن بعض الصحابة تأثموا من السعي بين الصفا والمروة، لأنه من عمل الجاهلية فنزلت الآية الكريمة، فهي اذن بصدد نفي هذه الفكرة من أذهان الصحابة والاعلان عن أن الصفا والمروة من شعائر الله، وليس السعي بينهما من مختلقات الجاهلية ومفترياتها. وقد أدى الجهل بمعرفة سبب النزول في هذه الآية عند بعضهم إلى فهم خاطئ في تفسيرها... إذ اعتبر اتجاه الآية - نحو نفي الاثم بدلا من التصريح بالوجوب - دليلا على أن السعي ليس واجبا وانما هو أمر سائغ، إذ لو كان واجبا لكان الأجدر بالآية ان تعلن وجوبه بدلا من مجرد نفي الاثم، ولو كان هذا يعلم سبب النزول والهدف المباشر الذي نزلت الآية لتحقيقه، وهو إزالة فكرة التأثم من أذهان الصحابة لعرف السر في طريقة التعبير، والسبب في اتجاه الآية نحو نفي الاثم والتركيز على ذلك.
جاء في موقع شبكة فجر الثقافية عن الاختلاف والوحدة في نظر القرآن الكريم (2) للسيد محمد باقر الحكيم: الاختلاف بسبب الفساد في الأرض: وفي تطور آخر إلى جانب الاختلاف العقائدي بدأ سبب آخر للاختلاف ينطلق من الهوى أيضاً، وهو: الاختلاف بسبب الجهل والطغيان، وتحول بعض الممارسات السلوكية إلى عادات ثابتة، أو تقاليد مقدسة لوراثتها عن الآباء والأجداد، وبفعل الاجتهادات والتغيرات القائمة على الهوى والأغراض الشخصية أو الظنون والأوهام، الأمر الذي أدى إلى انقسام الناس إلى جماعات متعصبة وأحزاب متفرقة يقتل بعضهم البعض الآخر ويشرده من دياره، أو يستعبده ويستغله من أجل مصالحه وحاجاته وإرضاء لرغباته وشهواته. قال الله تعالى "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" (البقرة 78) و "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ" (البقرة 170).
جاء في موقع شبكة فجر الثقافية عن الاختلاف و الوحدة في نظر القرآن الكريم (4) للسيد محمد باقر الحكيم: الدعوة إلى تطبيق الأحكام الإلهية المشتركة الثابتة في التوراة والإنجيل؛ ليتضح مدى التقارب والوحدة بين هذه الأديان، خصوصاً وأن هذه التشريعات بعضها يكمل البعض الآخر، حيث نجد القرآن الكريم يتناول هذا الموضوع بأساليب متعددة: أ ـ الإشارة إلى الأحكام التي كانت ثابتة في الديانات السابقة، كما تم ذلك في الصوم والقصاص "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة 183). ب ـ المطالبة بالرجوع إلى التوراة والإنجيل في فصل الاختلاف التي تواجه أهل الكتاب، وتشخيص الأحكام، والمقارنة بينها وبين ما هو موجود في التوراة والإنجيل. ج ـ أسلوب الدعوة للرجوع إلى أهل الذكر والمعرفة من علماء أهل الكتاب: لتبين الحقائق التي جاء بها الإسلام بعد تذكيرهم بها.
https://telegram.me/buratha