الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله جل جلاله "وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43) يقول الشيخ جلال الدين الصغير: صدر كتابنا (من عنده علم الكتاب؟) ويستطيع المرء أن يستجلي حقيقة المخالفات الكبرى التي اقترفها المعنى بعيدا عن خط أهل البيت عليهم السلام. إن فكرة الولاية التكوينية قد وردت فيها آيات قرآنية كثيرة جدا وروايات صحيحة وموثوقة يعضد بعضها بعضا، فالاهتمام بها والدفاع عنها دفاع عن القرآن والسنة الشريفة. هنالك من يشكك في الآونة الاخيرة بعقائد اهل البيت عليهم السلام ومنهم محمد حسين فضل الله ويدعون انهم من أتباع اهل البيت مما دفع بالشيخ جلال الدين الصغير بالدفاع عن مبادئ اهل البيت الحقة ومنها في خصوص الآيات المباركة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59)، وكذا قوله تعالى: "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (ال عمران 61)، وكذا قوله جل وعلا: "وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43)، وكذا قوله تعالى: "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" (البقرة 143)، وكذا الآية المباركة: "أَفَمَنْ كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً" (هود 17) وكذا في الآية الكريمة: "وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" (البقرة 124) وكذا قوله تبارك وتعالى: "وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ * وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ " (الاعراف 46-48) وكذا في قوله تبارك وتعالى: "أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ" (الاعراف 159)، وكذا قوله جل من قائل: "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ" (ال عمران 7). ناهيك عن أقوالهم ومنهم فضل الله في الإمامة ومفرداتها المتعلقة بالعصمة والشفاعة والبداء و علم الإمام وسهو المعصوم عليه السلام، وعصمة الزهراء عليها السلام والتشكيك بحديث الغدير وحديث الكساء حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه، وأقوالهم في شأن الصورة المزرية التي يقدمها عن الأنبياء عليهم السلام، فترى تصوراتهم الخاطئة كيف أن آدم عليه السلام كان ساذجا، وأن نوحا عليه السلام عاش لحظة ضعف الأبوة في قبال مهمات النبوة، فتعرض لكلام إلهي يقطر بالتوبيخ والتأنيب لأن صورة الأمر الإلهي له لم تكن واضحة لديه، وأن إبراهيم عليه السلام الساذج الذي يربط بين الأشياء من خلال الإحساس المادي، في طفولية كبيرة، والذي كان يعيش الوهم الكبير فيخشع خشوع العابد، وفي لهفة المسحور للكوكب حينما يراه، ولكنه تهتز قناعاته حينما يأفل هذا الكوكب، ويتصوف للقمر حينما يلوح له فيعيش معه حالة روحية من التصوف والعبادة لهذا الرب النوراني، حتى إذا ما أفل بشروق الشمس تراه يهتز ويتحرك باتجاه الرب الجديد في قوة وامتداد وحيوية دافقة، وإذا بنبي التوحيد الكبير يقتنص إحساسه بوجود الرب من خلال هذه التجربة التي عاشها وعانى منها ثم تمرد عليها. وها هو يوسف عليه السلام تراه يهم بامرأة العزيز جنسيا فيتحرك إليها بعد أن حركت فيه قابلية الاندفاع لا شعوريا فيما يتحرك فيه الإنسان غريزيا بطريقة عفوية من دون تفكير وها هو موسى وهارون عليهما السلام يخطئان في تقدير المواقف لأن الرسالة لا تتنافى مع بعض نقاط الضعف البشري في الخطأ في تقدير الأمور، وهو الخطأ الذي يجعلهما يتخذان مواقف متناقضة فيما بينهما، وها هو موسى عليه السلام الذي يطلب من الله أن يريه ذاته المقدسة، لأنه لم يكن يعتقد أن الله لا يرى، وهو تخيل بأن من يسمع كلام الله يستحق أن يراه، أو يمكن له أن يطلب رؤيته، لأنه لم يكن يمتلك التصور التفصيلي للذات الإلهية، عندئذ فليس هناك مانع من إرادة النظر بالمعنى الحسي فيما طلبه موسى عليه السلام، لأن الله لم يكن قد عرف موسى عليه السلام إلى ذلك الوقت أنه لا يرى. وما إن تترك موسى عليه السلام حتى يأتيك الكلام عن يونس عليه السلام الذي لم يكن يمتلك الصبر فخرج مغاضبا احتجاجا على عدم استجابة دعائه من دون أن يتلقى أية تعليمات من الله، فيعده ضمنا متهربا من مسؤولياته، ومقصرا فيها، ثم تجبهك الصورة المقدمة عن داود عليه السلام فلم يشفع له قول الله بأنه قد آتاه الحكمة وفصل الخطاب أن يكون مستسلما لمشاعره العاطفية بالحكم، فيخطأ في إصدار الحكم ضد الإنسان الفقير، ولكن ذلك الخطأ لم يؤد إلى نتيجة سلبية كبيرة في الحياة العامة، لأن الخطأ كان في طريقة إجراء الحكم، فلا بد إذن من الاعتراف بأن مثل هذه الأخطاء لا تتنافى مع مقام النبوة، لا سيما إذا كانت الأمور جارية في بداياتها مما قد يراد به الوقوع في الخطأ. وسرعان ما ترضخك الصورة المقدمة عن سليمان عليه السلام الذي شغله حبه للخيل عن ذكر الله، فانشغل بها عن صلاته ففاتته صلاة العصر، ومعه يتكرر حديثه عن الضعف الإنساني لدى سليمان عليه السلام، الذي يبتعد عن خط القرب السلوكي من الله قليلا، ثم تراه يعمد كي يربي نفسه ويوبخها إلى محاولته ذبح الخيل وهي خيل الجهاد وقتلها. وإلى آخر ما في جعبة فضل الله في هذا المجال مما لم ينزل الله به سلطان علم، أو إثارة من نظر.
https://telegram.me/buratha