الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في التفسير الاشتقاقي لجذر الكلمة جبي: يقال: جبيت الماء في الحوض: جمعته، والحوض الجامع له: جابية، وجمعها جواب. قال الله تعالى: "وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ" (سبأ 13)، ومنه استعير: جبيت الخراج جباية، ومنه قوله تعالى: "يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ" (القصص 57). مدح الله سبحانه الذين يستخدمون عقولهم وقد اشار اليهم القرآن بالقلة كالذين عملوا الجفان كالجواب "اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ" ﴿سبإ 13﴾ والانبياء هم اكثر العباد شاكرين لله. جفان كالجواب اي أواني كبيرة للغذاء والتي كانت كالأحواض الكبيرة وهي الجواب.
قال الله تعالى "وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ﴿الفجر 9﴾ جابوا: جاب فعل، وا ضمير، جابوا الصخر: خرقوه و نقبوه و جعلوه بيوتاً، جابوا الصخر اي حفروه واتخذوه بيوتا. جاء في معاني القرآن الكريم: جوب: الجوب قطع الجوبة، وهي كالغائط من الأرض، ثم يستعمل في قطع كل أرض، قال تعالى: "وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ" ﴿الفجر 9﴾.
قال الله تعالى "فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ" ﴿سبإ 14﴾ منسأته: منسأت اسم، الهاء ضمير، تأكل منسأته اي تأكل عصاه، منسأته: عصاه. و المنسأة: العصا العظيمة تكون مع الراعي، سميت بذلك لأنه ينسأ بها الغنم، أي يزجرها ليزداد سيرها. مِنْسَأَتَهُ عصاه، لأنه ينسأ بها أي يطرد. مِنْسَأَتَهُ عصاه من نسأت البعير إذا طردته لأنها يطرد بها، وقرئ بفتح الميم وتخفيف الهمزة قلباً وحذفاً على غير قياس إذ القياس إخراجها بين بين، و منساءته على مفعالة كميضاءة في ميضأة و من سأته أي طرف عصاه مستعار من سأت القوس، وفيه لغتان كما في قحة وقحة، وقرأ نافع وأبو عمرو مِنْسَأَتَهُ بألف بدلاً من الهمزة وابن ذكوان بهمزة ساكنة وحمزة إذا وقف جعلها بين بين.
وردت كلمة اسبغ ومشتقاتها في القرآن الكريم: وَأَسْبَغَ، سَابِغَاتٍ. قال الله تبارك وتعالى "أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" ﴿سبإ 11﴾ السابغات: الدروع الواسعة الفضفاضة الكاملة. و السابغ: الطويل الوافي، اعمل سابغات اي دُروعا واسعةً كاملة و "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ" ﴿لقمان 20﴾ قال الامام علي عليه السلام: ثم أسبغ عليهم الأرزاق فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك. أسبغ عليه الرزق: أكمله وأوسع له فيه.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قال الله تعالى "وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً" (لقمان 20) أسبغ من مادة سبغ وهي في الأصل بمعنى الثوب أو الدرع العريض الكامل، ثم اطلق على النعم الكثيرة الوفيرة أيضا. هناك اختلاف بين المفسرين في المراد من النعم الظاهرة والباطنة في هذه الآية. فالبعض إعتقد أن النعمة الظاهرة هي الشئ الذي لا يمكن لأي أحد إنكاره كالخلق والحياة وأنواع الأرزاق، والنعم الباطنة إشارة إلى الأمور التي لا يمكن إدراكها من دون دقة ومطالعة ككثير من القوى الروحية والغرائز المهمة. والبعض عد الأعضاء الظاهرة هي النعم الظاهرة، والقلب هو النعمة الباطنة. والبعض الآخر اعتبر حسن الصورة والوجه والقامة المستقيمة وسلامة الأعضاء النعمة الظاهرة، ومعرفة الله هي النعمة الباطنة.
https://telegram.me/buratha