الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله جل جلالة عن البصيرة "قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" ﴿يوسف 108﴾ بصيرة اسم، على بصيرة: على علم و يقين، البصيرة ؛ ما يُعتقد في القلب من الدين و تحقيق الأمر أو هي المعرفة و التحقق أو هي العقل و الفطنة، قل لهم أيها الرسول: هذه طريقتي، أدعو إلى عبادة الله وحده، على حجة من الله ويقين، أنا ومن اقتدى بي، وأنزِّه الله سبحانه وتعالى عن الشركاء، ولستُ من المشركين مع الله غيره. و "بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ" ﴿القيامة 14﴾ بصيرة: عليه عين تَبصُرُه و تشهد عليه يوم القيامة، أو عليه حجة بينة، و "تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ" ﴿ق 8﴾.
جاء في المعاجم: بصيرة جمع بصائر: 1- بصيرة : قوة الإدراك. 2- بصيرة : إعتقاد القلب. 3- بصيرة : فطنة. 4- بصيرة : معرفة ويقين. 5- بصيرة : حجة. 6- بصيرة : عقل. 7- بصيرة : عبرة. 8- بصيرة : شاهد. البَصِيرة: البَصِيرة : قوة الإدراك والفطنة. و البَصِيرة العلم والخِبْرة. ويقال: فِراسَةٌ ذَاتُ بَصيرة: صَادقة. وفَعَلَ ذلك عن بصيرة: عن عقيدة ورأي. و البَصِيرة الحُجَّة. و البَصِيرة الرَّقيب. و البَصِيرة العِبْرَة. و البَصِيرة السِّتارة تغطِّي الباب. و البَصِيرة كلُّ ما اتُّخِذ جُنَّةً كالدِّرع والتُّرس وغيرهما. و البَصِيرة القليل من الدم يُستدلُّ به على الرميّة. والجمع : بَصائرُ، وبِصَارٌ. بَصيرَةٌ: جمع: بَصائِرُ. 1. كانَ نافِذَ البَصيرَةِ: قَوِيَّ الإِدْراكِ، ثاقِبَ الفِكْرِ. عَيْنٌ نافِذَةٌ بَصيرَةٌ. 2. أَنْجَزَ أَفْعالَهُ عَنْ بَصيرَةٍ: عَنْ خِبْرَةٍ واقْتِناعٍ. فَقْدُ البَصَرِ مثال: أَهْوَنُ مِنْ فَقْدِ البَصيرَةِ. 3. جَوارِحُهُ بَصيرَةٌ عَلَيْهِ: شاهِدَةٌ.القيامة آية 14 "بَلِ الإِنْسانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصيرَةٌ". 4. َيْنٌ بَصِيرَةٌ: خَبِيرَةٌ عَالِمَةٌ. مثال العَيْنُ بَصيرَةٌ وَاليَدُ قَصيرَةٌ. بَصيرة: جمع بَصائرُ وبِصَار: 1 - عقل وإدراك وفِطْنة ونظر نافِذ إلى خفايا الأشياء: ذو بَصيرة وبُعْد نظر، فلان أعمى البصيرة: • ضرَب الهوى على بصيرته: أعمى قلبه، فعل ذلك عن بصيرة: فعله عن عقيدة ورأي، كان على بصيرة من أمره: كان مدركًا له، نافذ البصيرة: ذو ذهن وعقل ثاقب، ذكيّ. 2 - عِلْم وخِبْرة أهل البصائر: أهل الشَّجاعة والقوّة، أهل البصيرة: ذوو الخبرة. 3 - حُجّة ودليل وشاهد، ما يُستدلّ به : "بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ" (القيامة 14).4 - بيّنة، حقّ ويقين "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ" (يوسف 108). 5 - عِبْرة، عِظة: لقد كانت لنا بصائر في الأمم السابقة، "قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ" (الانعام 104).
جاء في الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي عن علاقة السحر بالبصر الناظر: قوله تعالى "وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" (الانبياء 3) الإسرار يقابل الإعلان فإسرار النجوى هو المبالغة في كتمان القول وإخفائه فإن إسرار القول يفيد وحدة معنى النجوى فإضافته إلى النجوى تفيد المبالغة. وضمير الفاعل في "أَسَرُّوا النَّجْوَى" (الانبياء 3) راجع إلى الناس غير أنه لما لم يكن الفعل فعلا لجميعهم ولا لأكثرهم فإن فيهم المستضعف ومن لا شغل له به وإن كان منسوبا إلى الكل من جهة ما في مجتمعهم من الغفلة والإعراض أوضح النسبة بقوله : "الَّذِينَ ظَلَمُوا" (الانبياء 3) فهو عطف بيان دل به على أن النجوى إنما كان في الذين ظلموا منهم خاصة. وقوله "هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" (الانبياء 3) هو الذي تناجوا به ، وقد كانوا يصرحون بتكذيب النبي صلىاللهعليهوآله ويعلنون بأنه بشر وأن القرآن سحر من غير أن يخفوا شيئا من ذلك لكنهم إنما أسروه في نجواهم إذ كان ذلك منهم شورى يستشير بعضهم فيه بعضا ما ذا يقابلون به النبي صلىاللهعليهوآله ويجيبون عما يسألهم من الإيمان بالله وبرسالته؟ فما كان يسعهم إلا كتمان ما يذكر فيما بينهم وإن كانوا أعلنوا به بعد الاتفاق على رد الدعوة. وقد اشتمل نجواهم على قولين قطعوا عليهما أو ردوهما بطريق الاستفهام الإنكاري وهما قوله : "هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ" (الانبياء 3) وقد اتخذوه حجة لإبطال نبوته وهو أنه كما تشاهدونه وقد أتوا باسم الإشارة دون الضمير فقالوا : هل هذا؟ ولم يقولوا: هل هو؟ للدلالة على العلم به بالمشاهدة بشر مثلكم لا يفارقكم في شيء يختص به فلو كان ما يدعيه من الاتصال بالغيب والارتباط باللاهوت حقا لكان عندكم مثله لأنكم بشر مثله ، فإذ ليس عندكم من ذلك نبأ فهو مثلكم لا خبر عنده فليس بنبي كما يدعي. وقولهم "أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" (الانبياء 3) وهو متفرع بفاء التفريع على نفي النبوة بإثبات البشرية فيرجع المعنى إلى أنه لما لم يكن نبيا متصلا بالغيب فالذي أتاكم به مدعيا أنه آية النبوة ليس بآية معجزة من الله بل سحر تعجزون عن مثله ، ولا ينبغي لذي بصر سليم أن يذعن بالسحر ويؤمن بالساحر.
لا توجد علامات الاستفهام المتعارف عليها في القرآن الكريم، ولكن توجد جمل تبدأ بكلمات تشير ان في الجملة القرآنية استفهام التي لها علاقة وثيقة بالبصر والبصيرة وربما يأتي الجواب في نفس الاية او في اية اخرى، والبصيرة أهم من البصر في الجمل الاستفهامية كون الشواهد ماضية تحتاج الى وعي قلبي في صدور الذين لديهم بصيرة. ومن الكلمات التي وردت بكثرة في القرآن الكريم والتي تفيد الاستفهام كلمة افلم كما جاء في قوله تعالى "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" (الحج 46) حيث هنا استفهام يسمى استنكاري للنظر الى الاقوام السالفة مثلا الاقوام التي عاشت في الشام واليمن خلال الاسفار ومشاهدة ما جرى علي هذه الاقوام. واجاب الله تعالى على هذا الاستفهام في ايات اخرى ايضا "إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ" (الانفال 22)، و "صُمٌّۢ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ" (البقرة 18). ولكن ما الفائدة اذا كانت البصيرة عمياء كما جاء في الحديث الشريف (ليس الأعمى من يعمى بصره ولكن الأعمى من تعمى بصيرته). وقد جاء قوله تعالى "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا " (يوسف 109) (محمد 10) (غافر 82) بنفس مفهوم النظر في الاقوام السابقة. وقد اوضحت ايات اخرى عن الاجابة على كلمة الاستفهام أفلم حول نفس المفهوم منها قوله تعالى "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" (الانعام 11)، و "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ" (النمل 69).
كلما كبر الانسان فقد بصره قوته، وهكذا كلما كثرت وكبرت الذنوب على الانسان غلفت القلوب بغمامة لتصبح أقل تعقلا واصبح نور الايمان ضعيفا كما قال الله تبارك وتعالى "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور" (الحج 46). وثبت ان الاعمى يستطيع من الاصوات تمييز ما يحيط به أكثر من الذي يبصر بعينيه، ويستطيع بواسطة الصوت تمييز الابعاد. لذلك فهنالك بصيرة عن طريق السمع وليس بصر العين. لذلك على المؤمن ان يكون لديه بصيرة يبصر بها عن طريق آيات الله ومعاجزه وكتبه ورسله، او ما يسمى بصيرة القلب كما قال الله تعالى "َإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور" (الحج 46).
https://telegram.me/buratha