الدكتور فاضل حسن شريف
الفرق بين الوفاة والموت ان الوفاة تعني انقطاع عمل الانسان عن الدنيا مثل النوم او الغيبوبة اي يصبح غير مكلف، بينما الموت فهو خروج الروح عن الجسد وتوقف حياة الانسان الى قيام الساعة. فالاية الكريمة "إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" (ال عمران 55) تذكر الوفاة وليس الموت اي انقطاع عمل عيسى بن مريم عليه السلام عن الدنيا بعد رفعه الى السماء وان روحه باقية في جسده فهو لم يقتل او يصلب حسب ما ذكره القرآن "وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا" (النساء 157-159) وانما يموت قبل قيام الساعة بعد نزوله ويكلم الناس "وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ" (ال عمران 46). ويعتقد مفسرون ان رجل اخر علقوه على الصليب غير عيسى عليه السلام.
وخيرة اصحاب عيسى عليه السلام وهم الحواريون فقصتهم مع نبيهم: قال الله تبارك وتعالى "إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ" (المائدة 112-115) الحواريون كانوا مجموعة قليلة او ما يسمى بالعصبة يقارب عددهم اخوان يوسف عليه السلام "إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" ﴿يوسف 8﴾، حيث زجر عيسى عليه السلام حواريه على طلبهم "قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (المائدة 112) والله جل جلاله هددهم بقوله "قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ" (المائدة 115).
جاءَ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: ثمّ ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس، فربطت البُرَاق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربطه بها، فدخلت المسجد ومعي جبرئيل إلى جنبي، فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من أنبياء الله عليهم السلام. قال صلى الله عليه واله وسلم حتى أتينا بيت المقدس، فلما انتهينا إلى باب المسجد أنزلني جبريل، وربط البُرَاق بالحلقة التي كان يربط بها الأنبياء. سمى الجدار الغربي للحرم القدسي بجدار البُرَاق عند المسلمين، ويُسمّى بحائط المبكى عند اليهود
روَى العلامة المجلسي عن مقاتل أنَّ هناك جماعات ثلاثة يُعرفون بأصحاب الأخدود، قال: كان أصحاب الأخدود ثلاثة: واحد منهم بنجران، و الآخر بالشام، و الآخر بفارس، كلهم إستخدموا أسلوباً واحداً لتعذيب المؤمنين فحفروا الخنادق و ملؤها بالنار ثم قذفوا المؤمنين بها و أحرقوهم بالنار و هم أحياء. أما الذي بالشام فهو أنطياخوس الرومي، و أما الذي بفارس فهو بختنصر، و أما الذي بأرض العرب فهو يوسف بن ذي نواس، فأما ما كان بفارس و الشام فلم ينزل الله تعالى فيهما قرآنا، و أنزل في الذي كان بنجران، و ذلك أن رجلين مسلمين ممن يقرءون الإنجيل أحدهما بأرض تهامة، و الآخر بنجران اليمن، آجر أحدهما نفسه في عمل يعمله و جعل يقرأ الإنجيل، فرأت ابنة المستأجر النور يضيء من قراءة الإنجيل، فذكرت ذلك لأبيها فرمق حتى رآه، فسأله فلم يخبره، فلم يزل به حتى أخبره بالدين و الإسلام، فتابعه مع سبعة و ثمانين إنسانا من رجل و امرأة، و هذا بعد ما رفع عيسى عليه السَّلام إلى السماء، فسمع يوسف بن ذي نواس بن سراحيل بن تبع الحميري، فَخَدَّ لهم في الأرض و أوقد فيها، فعرضهم على الكفر، فمن أبى قذفه في النار، و من رجع عن دين عيسى عليه السَّلام لم يقذف فيها.
يقول الشيخ جلال الدين الصغير عن الولاية التكوينية: الإرادة الإلهية المباشرة غير قابلة للاختراق كما عبر عن ذلك النص الشريف: "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" (يس 82) لذا فإن آلية الولاية هنا مستحيلة فلسفيا من خلال التسلط، ولكنها قابلة وممكنة من خلال التقرب من مصدر هذا المكون، واستحصال القدرة على ممارسة الولاية منه، وهو ما عبرت عنه نصوص كثيرة كما في قوله تعالى وهو يخاطب النبي عيسى عليه السلام: "وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي" (المائدة 110)، فهنا يشير النص الشريف إلى وجود قدرة لدى عيسى عليه السلام على ممارسة الولاية التكوينية، وهذه القدرة حسب ما يشير الآية السياق قدرة فعلية. وردت الولاية التشريعة لعيسى عليه السلام "وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ" (المائدة 110) حيث ان اعمال الانبياء والاولياء لا تتم الا باذن الله. في قصة عيسى بن مريم عليه السلام فبعد أن سرد جملة من ممارسات النبي عيسى عليه السلام في الولاية قال: "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ" (المائدة 116). أو أن يولد عيسى عليه السلام بنظام إيلاد غير نظام الإيلاد المعتاد، أو أن يحيى عيسى عليه السلام الموتى، أو يبرء الأكمه والأبرص، أو ينزل مائدة من السماء.
واشار المحقق السيد سامي البدري ان سورة مريم تفصل الذين انعم الله عليهم "أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا" (مريم 58) وممن هدينا واجتبينا جعلناهم الائمة من اسماعيل عليه السلام وهم ذرية ابراهيم عليه السلام كما تشير الاية لان اسرائيل هو يعقوب ابن اسحاق عليهما السلام الذين ذريتهم عند عيسى عليه السلام "وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً" (الانبياء 72) النافلة اي الزائدة ويبقى الاصل اسماعيل من ذرية ابراهيم هو الاصل واسحاق وذريته عليهم السلام نافلة "وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا" (مريم 49).
https://telegram.me/buratha