الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب القصص القرآني للسيد محمد باقر الحكيم: بعثة موسى عليه السلام ورجوعه إلى مصر: وبعد أن قضى موسى الاجل (السنوات العشر) بينه وبين صهره سار بأهله فإذا به يشاهد نارا من جانب الطور الأيمن وهو جبل صغير، وقد كان بحاجة إليها، "فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى * فَلَمَّا أَتَاهَا" (طه 10-11) وجد شجرة وجاء نداء الله سبحانه من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من جانب الشجرة: (أني انا الله رب العالمين * فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى * وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إليك) (القصص 30-32). ثم قال الله له: " وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ" (طه 17-18)، قال الله له: "أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ" (طه 19) فإذا هي تتحول إلى "حَيَّةٌ تَسْعَىٰ" (طه 20). قال الله له: "فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ۖ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ" (طه 47).
جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: قصة موسى عليه السلام في القرآن بحسب تسلسلها التأريخي: الإسرائيليون في المجتمع المصري: لقد عاش الإسرائيليون في المجتمع المصري وتكاثروا فيه منذ هجرة يوسف وأبيه يعقوب وبقية أولاده إلى مصر، وقد اضطهد الفراعنة الإسرائيليين في الحقبة السابقة على ولادة موسى، وبلغ الاضطهاد درجة مريعة حين اتخذ الفراعنة قرارا بذبح أبناء الإسرائيليين واستحياء نسائهم من أجل الخدمة والعمل، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يتفضل على هؤلاء المستضعفين وينقذهم من حالتهم هذه فهيأ لهم نبيه موسى فعمل على انقاذهم من الفراعنة وهدايتهم من المجتمع الوثني إلى المجتمع التوحيدي. ولادة موسى وارضاعه: وحين ولد موسى عليه السلام أوحى الله سبحانه إلى امه أن ترضعه وحين تخاف عليه من الذبح العام فعليها أن تضعه في ما يشبه الصندوق وتلقيه في اليم، وهكذا شاءت إرادة الله أن يلقيه اليم إلى الساحل، وإذا بآل فرعون يلتقطونه فيعرفون أنه من أولاد بني إسرائيل، فتدخل امرأة فرعون في شأنه وتطلب أن يتركوه لها على أن تتخذه خادما أو ولدا تأنس به مع فرعون. وقد عاشت والدة موسى لحظات حرجة من حين القائه في اليم، فأمرت أخته أن تقص أثره وتتبع سير الصندوق فتتعرف على مصيره. ففعلت، وحين عرض الطفل على المرضعات أبى أن يقبل واحدة منهن، فانتهزت أخته هذه الفرصة، فعرضت على آل فرعون أن تدلهم على امرأة مرضعة تتكفل رعايته وحضانته وارضاعه، وكانت هذه المرأة بطبيعة الحال هي أم موسى، وهكذا رجع الطفل إلى امه ليطمئن قلبها وتعلم أن ما وعدها الله سبحانه من حفظه وارجاعه إليها حق لا شك فيه. ولقد شب موسى في البلاط الفرعوني حتى إذا بلغ أشده وهبه الله سبحانه العلم والحكمة "وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ ۖ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ۚ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ۚ فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ (40)" (طه 37-40).
جاء في كتاب القصص القرآني للسيد محمد باقر الحكيم: فرعون يجادل موسى في ربوبية الله: وبعد أن رأى فرعون اصرار موسى وهارون على الرسالة "قال فمن ربكما" (طه 49) قال له موسى "ربنا الذي اعطى كل شئ خلقه ثم هدى" (طه 50) وهو رب السماوات والأرضين "وما بينهما وما تحت الثرى" (طه 6). قال فرعون "فما بال القرون الأولى" (طه 51) وما هي مصيرها؟ فأجابه موسى "علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى" (طه 52)، وهو "الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وانزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى" (طه 53) مختلف ألوانه واشكاله. وقد استنكر فرعون هذه الدعوة الجديدة وهو يعتقد بنفسه الألوهية فتوجه لمن حوله مستنكرا وقال: الا تسمعون؟ ولما رأى الاصرار من موسى وأخيه اتهم موسى بالجنون وهدده بالسجن إذا اتخذ الها غيره. ولم يستسلم موسى واخوه امام هذه التهمة والتهديد وانما حاولا ان يسلكا إلى فرعون طريقا آخر لاقناعه أو احراجه، وهذا الطريق هو استثمار السلاح الذي وضعه الله بيد موسى (معجزة العصا واليد)، فقال موسى لفرعون: اني قد جئتك من ربي بآية تبين لك الحق الذي انا عليه، قال فرعون: إذا كنت صادقا فائت بهذه الآية والحجة. ولم يتمالك فرعون وملؤه أنفسهم امام هذا الموقف الا ان اتهموه بالسحر والشعوذة وانه انما جاء بهذا السحر من أجل ان يخرجهم من أرضهم ويجلوهم عنها.
https://telegram.me/buratha