الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب التنقيح في شرح المكاسب للمرجع الاعلى السيد ابو القاسم الخوئي قدس سره الشيخ ميرزا علي الغروي: وأمّا ما ذكره في الاسقاط والسقوط ففيه : أنّهما بعد إضافتهما إلى الحقّ يصيران بنفسهما مالين لا أنّ المال هو الحقّ ويسند إلى الاسقاط والسقوط مجازاً فالاضافة إلى الحقّ واسطة في ثبوت المالية لهما لا واسطة في العروض. وعليه فهما بعد الاضافة يكونان مالين كالخياطة ونحوها فيصلحان لوقوعهما ثمناً بناءً على اعتبار المالية في العوضين، هذا حكم وقوع الحقّ ثمناً . ثمّ إذا شكّ في قابلية حكم للاسقاط أو النقل أو الانتقال فما هو مقتضى القاعدة ؟ نقول: أمّا إذا شكّ في قبوله للاسقاط فإن كان لدليله إطلاق يعمّ ثبوته فيما بعد الاسقاط جاز التمسّك به كما إذا شككنا في جواز أكل المارة بعد إسقاطه فإنّه يتمسّك باطلاق دليله. وإن لم يكن لدليله إطلاق كما إذا ثبت بالاجماع ونحوه ، فإن قلنا بجريان الاستصحاب في الأحكام الكلّية كما هو المشهور فلا مانع من التمسّك به وإثبات الحكم بعد إسقاطه أيضاً، ويكون نتيجته نتيجة عدم قابلية الحكم للاسقاط ، هذا إذا كان الحكم تكليفياً، وإن كان وضعياً فجريان الاستصحاب يتوقّف مضافاً إلى ذلك على القول بجريانه في الأحكام التعليقية، وأمّا إذا قلنا بعدم جريان الاستصحاب في الأحكام كما هو المختار ولم يكن لدليل ثبوته إطلاق كما هو المفروض، فلا محيص من الرجوع إلى سائر الاُصول لفظية كانت أو عملية وهي تختلف حسب اختلاف الموارد ولكن النتيجة نتيجة السقوط وأنّ الحكم المشكوك قابليته للاسقاط وعدمه قابل له، ففي مثل ما إذا شككنا في أنّ حقّ القصاص هل يقبل الاسقاط أو لا يقبل الاسقاط، فبعد عدم إطلاق الدليل المثبت له وعدم جريان الاستصحاب على الفرض فلابدّ من الرجوع إلى سائر الاُصول اللفظية والعملية ومقتضاها في المقام عدم جواز قتل أحد في الإسلام، وإنّما جعل الاقتصاص للوارث على خلاف مقتضى القاعدة ، والمتيقّن من ذلك الحكم المخالف للقاعدة هو ما إذا لم يسقط الوارث حقّه فإنّه لا يجوز مزاحمة أحد له في قتل قاتل أبيه ، وأمّا بعد إسقاطه فمقتضى القاعدة أن لا يجوز له قتله ويجوز للآخر مزاحمة الوارث في قتل القاتل لحرمة دم المسلم في الإسلام، وله أن يمتنع من القتل ولا يمكن للآخر إلزامه به بوجه . وكذا الحال فيما إذا شككنا في سقوط الخيار باسقاطه بعد فرض عدم الاطلاق في دليله وعدم جريان الاستصحاب فيرجع إلى عموم قوله : "لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاض" (النساء 29) فإنّه بعد ما أسقط حقّه لا يمكنه أخذ المبيع من المشتري لأنّه ماله، والفسخ بعد الاسقاط لم يدلّ دليل على صحّته وليس بتجارة عن تراض، فيكون أخذه من أكل المال بالباطل ونتيجته أنّه يسقط بالاسقاط، والسرّ في ذلك أنّ تلك الأحكام المجعولة إنّما هي على خلاف القاعدة فيقتصر فيها على المتيقّن وهو ما قبل الاسقاط وبعد إسقاطها فالمرجع هو العمومات اللفظية والعملية ومقتضاها عدم ثبوت تلك الأحكام كما لا يخفى، هذا كلّه فيما إذا شككنا في قابليته للاسقاط.
عن كتاب موسوعة الامام الخوئي للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: الولاية في القرآن: وقد فصّلت في هذه الآية "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59) الولاية بوضوح: 1ـ ولاية الله وهي ولاية الإطاعة، التي تشمل العبوديّة المختصّة بالله. 2ـ ولاية النبيّ صلىاللهعليهوآله: ولاية تمتدّ إلى الإعراض والنّفوس والأموال. 3ـ ولاية الإمام عليه السلام "وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59) والتلازم بين هذه الولاية والإطاعة، واشتراكهما بين النبيّ والأئمة للمشاكلة في الولاية، المسانخة بين النبيّ وبين خلفائه في العلم، والقدرة على الإعجاز بإذن الله، وذلك تصديقاً للنبوّة، وتثبيتاً للإمامة ، وشرط العصمة، باعتبارها القائمة على الرسالة على واقعها، والمحافظة لها. 4ـ ولاية الفقيه: فبإذن من الإمام الغائب الذي نصبهم نوّاباً عن، ليكونوا حجّة على الناس، ويكون حجّة عليهم، وولاية الأفقه هو القدر المتيقّن من الفقهاء كما مرّ. وهكذا تتّسع الولاية المطلقة من غير حدود لله، وفي حد النبوّة والإمامة للنبيّ صلى الله عليه وآله والإمام عليهالسلام، وفي حد النيابة العامّة للفقيه الذي قد يُخطئ في فقاهته ويُصيب، وهو معذور في ذلك. أمّا النبيّ والإمام فهما النص الإلهي الذي لا ريب فيه. وبسط يد الفقيه لا يجعله في مصاف الأنبياء والأئمّة في الحكم والتشريع. والولاية المطلقة لا يمكن انتقالها بإطلاقها إلى النيابة الخاصّة ، فضلاً عن النيابة العامّة ، إلاّ على قدر الزّعامة ، وبسط اليد والقدرة. ويفصِّل الإمام الصادق عليهالسلام الفارق بين مدارج هذه الولاية، واختصاصاتها في هذه الرواية إنّ الله تبارك وتعالى أدّب نبيّه ، فانتهى إلى ما أراد، قال: وإنّك لعلى خلقٍ عظيم، ففوّض إليه دينه، فقال: ما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. ومعنى ذلك أنّ هذه الولاية لا تنتقل بعينها إلى غيره؛ لأنّه يفقد هذا الخُلق العظيم في الدِّين.
جاء في موقع الابدال عن التفسير عند السيد الخوئي للسيد ياسين الموسوي: ملامح المنهج التفسيري عند السيد الخوئي رحمه الله كان للإمام الخوئي رحمه الله منهجاً علمياً رصيناً في التعامل مع الآيات القرآنية، وكما يمكن استفادة هذا المنهج من استقراء تفسيره للآيات واقتناصه منها فقد أوضحه السيد رحمه الله نفسه في طيات بحوثه خصوصاً في تفسيره البيان وسنعرض هذا المنهج مستفيدين من مختلف كلماته وبحوثه: أولاً: دور العقل في التفسير عند السيد الخوئي رحمه الله دعا القرآن الكريم نفسه في آيات كثيرة لإمعان النظر في آياته، والتدبر فيها، والتعقل في أعماقها؛ بل جعله أفضل سبيل للتأكد من صحة المفاهيم القرآنية، وصدورها عن الله تبارك وتعالى، ومن تلك الآيات: قوله تعالى: "أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً" (النساء 82). ثم شدد النكير على أولئك القوم الذين لا يعون حقائق القرآن، ولا يستمعون لنداءاته، فقال سبحانه: "فَمَالِ هَـٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا" (النساء 78). ثم أثنى على أولئك القوم الذين يتفاعلون مع الآيات القرآنية، ويتحركون في ضوء دلالاتها وتوجيهاتها ومعانيها.
https://telegram.me/buratha