الدكتور فاضل حسن شريف
ان القراءة الصحيحة للقرآن الكريم هي ما تواتر نقله عن النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم، ومنها علامة (م) تفيد لزوم الوقف، وعلامة (قلى) تفيد أولوية الوقف، وعلامة (ج) تفيد جواز الوقف والوصل، وعلامة (صلى) تفيد أفضلية الوصل، وعلامة نقاط التعانق التي يفضل الوقف على واحدة منها دون الاخرى. علامة جواز الوقف تظهر في آيات سورة الأنفال "أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا (ج: جواز الوقف) لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" (الانفال 4)، و "وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ (ج: جواز الوقف) وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (ج: جواز الوقف) إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (الانفال 10)، و "وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً (ج: جواز الوقف) فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ" (الانفال 35).
جاء في كتاب الوقف والابتداء في القرآن الكريم دراسة وتطبيقاً للمؤلف عبد الرسول عبائي: روى ابن النحاس أيضاً في كتابه القطع والائتناف مسنداً عن أبي هريرة (ت: 59 هـ) أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: (إنّ هذا القرآن أُنْزِلَ على سَبعةِ أحرف اقرأوا ولا حرج ولكن لا تختموا ذكر رحمةٍ بعذاب ولا تختموا ذكرَ عذابٍ برحمةٍ). فهذا تعليم التمام توقيفاً من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بأنّه ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر الجنة والثواب ويفصل ممّا بعدها إن كان بعدها ذكر النار أو العقاب نحو "يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ" (الإنسان 31) لا ينبغي أن يقول "وَالظَّالِمِينَ" لأنه منقطع ممّا قبله منصوب بإضمار فعل أي (ويعذّبَ الظالمين أو وأوعدَ الظالمين). ويحدثنا الداني في المكتفى مسنداً عن أُبيّ بن كعب (ت: 22هـ) قال: (أتينا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال: إن الملك كان معي فقال لي: اقرأ القرآن فعدّ حتى بلغ سبعة أحرف فقال ليس منها إلاّ شافٍ كافٍ ما لم تختُمْ آية عذابٍ برحمةٍ أو تختُمْ رحمةً بعذاب). فهذا تعليم التمام من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن جبرائيل عليه السلام إذ ظاهره دال على أنه ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر النار والعقاب وتفصل ممّا بعدها إذا كان بعدها ذكر الجنة والثواب وذلك نحو قوله عزّ وجلّ: "فَأولئك أصحاب النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 81). هنا الوقف، ولا يجوز أن يوصل ذلك بقوله: "وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ" (البقرة 82) ويُقطع على ذلك وتختم به الآية. ومن الأمثلة على جواز الوقف عند وجود حرف (ج) فوق نهاية الكلمة في سورة الأنفال "إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا (ج: جواز الوقف) سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ" (الانفال 12)، و "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ (ج: جواز الوقف) وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (الانفال 13)، و "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ (ج: جواز الوقف) وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى (ج: جواز الوقف) وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا (ج: جواز الوقف) إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (الانفال 17).
جاء في دار السيدة رقية للقرآن الكريم اعداد عبد الرسول عبائي عن سلسلة دروس في الوقف والابتداء (الدرس الخامس): أقسام الوقف العامة: تعريفها وأحكامها عند القرّاء. الوقف ينقسم في ذاته إلى أربعة أقسام وتسمى الأقسام العامة. القسم الأول: الوقف الاضطراري: (وهو الذي يعرض للقارئ أثناء قراءته ويضطر إليه اضطراراً بسبب انقطاع نَفَسه أو ضيقه أو عجز عن القراءة أو نسيان لها أو غلبة ضحك أو بكاء أو نوم أو عطاس أو عروض أيّ عذر من الأعذار التي لا يتمكّن معها من وصل الكلمات القرآنية بعضها ببعض حتى يقف على ما يصح الوقف عليه). وقد سميّ اضطرارياً: لأنّ سببه الاضطرار الذي عرض للقارئ أثناء قراءته فلم يتمكّن من وصل الكلمة بما بعدها. وحكمه: يجوز للقارئ الذي عرض له شيء مما ذكر، الوقف على أيّ كلمة وإن لم يتمّ المعنى كأن يقف على شرط دون جوابه أو على موصول دون صلته. ولكن يجب عليه بعد أن يعود إلى الكلمة التي وقف عليها فيبتدئ بها إن صلح الابتداء بها وإلاّ ابتدأ من كلمة قبلها يصلح الابتداءُ بها. في سورة الأنفال توجد مواقع لجواز الوقف "وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ (ج: جواز الوقف) وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الانفال 30)، و "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (ج: جواز الوقف) وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" (الانفال 33)، و "وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ (ج: جواز الوقف) إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" (الانفال 34).
https://telegram.me/buratha