الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)" (المدثر 1-5) فحمي الوحي وتتابع. وفيه، أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل عن عبد الله بن شداد قال: أتى جبريل محمدا صلىاللهعليهوآله فقال: يا محمد اقرأ. قال: وما أقرأ فضمه ثم قال: يا محمد اقرأ. قال: وما أقرأ. قال: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" (الاعلى 1). حتى بلغ "ما لَمْ يَعْلَمْ" (الاعلى 5). فجاء إلى خديجة فقال: يا خديجة ما أراه إلا قد عرض لي قالت: كلا والله ما كان ربك يفعل ذلك بكوما أتيت فاحشة قط فأتت خديجة ورقة فأخبرته الخبر قال : لئن كنت صادقة إن زوجك لنبي وليلقين من أمته شدة ولئن أدركته لأومنن به. قال: ثم أبطأ عليه جبريل فقالت خديجة: ما أرى ربك إلا قد قلاك فأنزل الله.
يقول الشيخ عبد الحافظ البغدادي: قوله تعالى "وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى" (الضحى 8) لقد جعلناك تستأثر باهتمام خديجة هذه المرأة المخلصة الوفية لتضع كلّ ثروتها تحت تصرفك ومن أجل تحقيق أهدافك، وساعدتك في تحقيق أهدافك الرسالية الكبرى. قد وصلت مكانة المرأة في الإسلام إلى درجة أنّ الله سمع شكواها فوق سبع سموات قال تعالى: "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ التي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ" (المجادلة 1). وهناك امراة تشرف جبرائيل ان يسلم عليها (عن أبى هريرة قال: أتى جبريل النبى صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت، معها إناءٌ فيه إدامٌ .فإذا هى أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشِّرْها بِبَيْتٍ في الجنّة من قَصَبٍ لا صَخَبَ فيه ولا نَصَبَ). أمّا نظر الإسلام إلى النساء على أنهنّ ناقصات عقل ودين، فليس هذا قدح في النساء، وإنّما القصد من نُقْصان العقل أنّ عاطفة النساء أقوى، لأنّهن يُحكّمن العاطفة على العقل. أمّا نُقصان الدين المعنى أنّها تُعفى من أشياء لا يُعفى منها الرجل أبدًا، فالرجل لا يُعفى من الصلاة، وهى تُعْفى منها في فترات شهرية، والرجل لا يُعفى من الصيام، بينما هي تُعفى كذلك عدة أيام في الشهر. وهذا تقدير من الله تعالى لمهمتها وطبيعتها، وليس لنقص فيها، مِصْدَاقًا لقوله تعالى: "لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ" (النساء 32). إِذْن ليس قصد الإسلام أن يَوصف المرأة بالعيب، لكن يقصد وصف طبيعتها.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: سورة الكوثر: قوله تعالى "إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (2) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)" (الكوثر 1-3) محتوى السّورة: المشهور أنّ هذه السّورة نزلت في مكّة، و قيل: في المدينة، و قيل: من المحتمل أنّها نزلت مرّتين في مكّة و المدينة، لكن الرّوايات في سبب نزول السّورة تؤيد أنّها مكّية. ذكر في سبب نزول السّورة: أنّ العاص بن وائل رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يخرج من المسجد، فالتقيا عند باب بني سهم، و تحدثا، و أناس من صناديد قريش جلوس في المسجد. فلما دخل العاص قيل له من الذي كنت تتحدث معه؟ قال: ذلك الأبتر. و كان قد توفي عبد اللّه بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو من خديجة، و كانوا يسمون من ليس له ابن أبتر. قسمته قريش عند موت ابنه أبتر. (فنزلت السّورة تبشر النّبي بالنعم الوافرة و الكوثر و تصف عدوّه بالأبتر). و لمزيد من التوضيح نذكر أنّ النّبي كان له ولدان من ام المؤمنين خديجة عليها السّلام أحدهما القاسم و الآخر الطاهر و يسمى أيضا عبد اللّه. و توفي كلاهما في مكّة. و أصبح النّبي من دون ولد. هذه المسألة و فرت للأعداء فرصة الطعن بالنّبي فسمّوه الأبتر. و العرب حسب تقاليدها كانت تعير أهمّية بالغة للولد، و تعتبره امتدادا لمهام الأب. بعد وفاة عبد اللّه خال الأعداء أنّ الرسالة سوف تنتهي بوفاة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. و الفخر الرازي في استعراضه لتفاسير معنى الكوثر يقول: القول الثّالث "الكوثر" أولاده. قالوا لأنّ هذه السّورة إنّما نزلت ردّا على من عابه عليه السّلام بعدم الأولاد فالمعنى أنّه يعطيه نسلا يبقون على مرّ الزمان، فانظر كم قتل من أهل البيت.
https://telegram.me/buratha