الدكتور فاضل حسن شريف
عن شبكة المعارف الاسلامية: "الرَّحْمَنُ" (الرحمن 1): الذي وسعت رحمته كل شيء، ومنها النعم الآتية التي أنعم بها على الإنسان. "عَلَّمَ الْقُرْآنَ" (الرحمن 2): أنزله ويسره للذكر والتعليم. "خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ" (الرحمن 3-4): بالكلام، وهو من أعظم النعم وأتمها، إن استعمل في الصدق لا في الكذب، ولنصرة الحق وإبطال الباطل، قال إمام المتقين والساجدين علي بن الحسين عليه السلام: لكل من الكلام والسكوت آفات، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل، لأن الله بعث الأنبياء بالكلام لا بالسكوت، ولا استحقت الجنة بالسكوت، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت، ولا توقيت النار بالسكوت ونعت الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الساكت عن الحق، بالشيطان الأخرس. "الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ" (الرحمن 5): يجريان بنظام. "وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ" (الرحمن 6): ينقادان لأمره تعالى. "وَالسَّمَاء رَفَعَهَا" (الرحمن 7): رفع الكواكب إلى أفلاكها الطبيعية بدقة أحكام يربط أجزاء الكون بعضها ببعض وإلا ذهبت الجاذبية، واختل نظام الكون "وَوَضَعَ الْمِيزَانَ" (الرحمن 7): إشارة إلى العدل حيث لا تستقيم الحياة الإجتماعية إلا به تمامًا كما لا ينتظم الكون إلا بالمعادلة الدقيقة المحكمة بين كواكبه وجباله وبحاره وكل ما فيه، وكذلك أعضاء الإنسان والحيوان. "أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ" (الرحمن 8): لا تدعوا أنكم حماة العدل، وأيديكم مخضوبة بدماء الأبرياء، وخزائنكم متخمة بأقوات الضعفاء. "وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ" (الرحمن 10): فراشًا ومعاشًا لكل من عليها إنسانًا كان أو حيوانًا. "فِيهَا فَاكِهَةٌ" (الرحمن 11): وحبوب ولحم وشراب وغير ذلك "وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ" (الرحمن 11): هي أوعية الطلع تنشق وتخرج منها الثمار. "وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ" (الرحمن 12): الحب لقوت الإنسان، والعصف ورق ونحوه لقوت الحيوان، والريحان للشم والزينة.
تكملة للحلقة السابقة جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام: معاني مفرداتها: الآية 78 من سورة الرحمن بخط الثلث. أهم المعاني لمفردات السورة: (الأَكْمَامِ): جمع كم، وهو وعاء الثمر. (صَلْصَالٍ): هو الطين اليابس غير المطبوخ الذي له صلصلة، أي: صوت. (مَّارِجٍ): اللهب الذي يعلو النار، وقيل: هو المختلط بسواد. (مَرَجَ): الاختلاط والمزج. (يَبْغِيَانِ): لا يطغيان، ولا يتجاوز أحدهما على الآخر. (الْجَوَارِ): جمع جارية، وهي: السفينة. (شُوَاظٌ): اللهب الذي لا دخان له. (الدِّهَانِ): الدهن. (أَفْنَانٍ): جمع فنن، وهي: الأغصان الطرية الدقيقة. (مُدْهَامَّتَانِ): سوداوتان من شدة الخضرة. (عَبْقَرِيٍّ): فُرُش من فَرشِ الجنة. محتواها: يتلخّص محتوى السورة في ثلاثة أقسام: الأول: يشمل أول آيات السورة، وتتحدث عن النعم الإلهية الكبيرة، سواء التي تتعلّق بخلق الإنسان أو تربيته وتعليمه، أو الحساب والميزان، وسائر الأمور الأخرى. الثاني: يتناول توضيح مسألة خلق الإنسان والجن. الثالث: يتضمن توضيح الآيات والدلائل الإلهية في الأرض والسماء. جاء في كتب التفسير: إنّ سبب نزول هذه السورة هو قول المشركين: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا" (الفرقان 60) وذلك عندما طلب منهم رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم السجود للرحمن، فسألوه (وما الرحمن)؟ فجاءت السورة لتوضيح ذلك، فقال سبحانه: "الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ" (الرحمن 1-4) كما ورد أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سورة الرحمن نزلت فينا من أولها إلى آخرها. جاء في كتب التفسير: إنّ الله تعالى خلق البحرين العذب والمالح، يلتقيان، ثم لا يختلط أحدهما بالآخر، وهو قوله تعالى: "بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لّا يَبْغِيَانِ" (الرحمن 20) أي: حاجز من قدرة الله، فلا يبغي الملح على العذب فيفسده، ولا العذب على الملح فيختلط به. وقيل: البحرين هما بحر السماء وبحر الأرض، فإنّ في السماء بحراً يمسكه الله بقدرته، ينزل منه المطر فيلتقيان في كل سنة، وبينهما حاجز يمنع بحر السماء من النزول وبحر الأرض من الصعود، وقيل: إنهما بحر فارس وبحر الروم. ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: عليٌ وفاطمة عليهما السلام بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه يخرج منها اللؤلؤ والمرجان قال: الحسن والحسين عليهما السلام. آياتها المشهورة: قوله تعالى: "هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ" (الرحمن 6)جاء في كتب التفسير: هو قانون عام في منطق القرآن الكريم، حيث يشمل الله سبحانه والخلق والعباد، والمسلمون جميعاً يعملون بعمومية هذا القانون وعليهم مقابلة كل خير بزيادة، ويؤكد سبحانه أنّ جزاءه مقابل أعمال عباده مناسب لكرمه ولطفه وليس لأعمالهم، فإن طاعتهم وعبادتهم إنما هي بتوفيق الله ولطفه. قوله تعالى: "مُدْهَامَّتَانِ" (الرحمن 64) جاء في كتب التفسير: إنّ الإدهام من الدهمة وهي اشتداد الخضرة بحيث تضرب إلى السواد وهو ابتهاج الشجرة، وتعتبر هذه الآية من أقصر الآيات باستثناء الحروف المقطعة في سور القرآن الكريم.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: واما قولهم ان القرآن مكتوب على هذا الترتيب في اللوح المحفوظ أنزله الله إلى السماء الدنيا ثم أنزله الله مفرقا عند الحاجة الخ فإشارة إلى ما روى مستفيضا من طرق الشيعة وأهل السنة من نزول القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزوله منها نجوما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن الروايات ليس فيها أدنى دلالة على كون القرآن مكتوبا في اللوح المحفوظ منظما في السماء الدنيا على الترتيب الموجود في المصحف الذي عندنا وهو ظاهر. على أنه سيأتي إن شاء الله الكلام في معنى كتابة القرآن في اللوح المحفوظ ونزوله إلى السماء الدنيا في ذيل ما يناسب ذلك من الآيات كأول سورتي الزخرف والدخان وسورة القدر. واما قولهم انه قد حصل اليقين بالنقل المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الترتيب الموجود في المصاحف فقد عرفت انه دعوى خالية عن الدليل وان هذا التواتر.
https://telegram.me/buratha