الدكتور فاضل حسن شريف
قوله تعالى "وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (98)" (المؤمنون 97-98) أهتم القرآن الكريم وروايات أهل البيت بموضوع الاستعاذة التي لها معنى عام وواسع وهو معنى اللجوء كالاستعاذة بالقرآن والصلاة. أقوال أهل البيت تؤكد اللجوء الى الله تعالى في كل عمل خير يعمله الانسان لأن الشيطان يريد تخريب عمل الخير "لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ" (الاعراف 16) فالاستعاذة بطعامك وملبسك ومناسكك وحتى عند خروجك من البيت تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. جاء في كتاب حفلات الاعراس ادابها واحكامها للسيد محمد سعيد الحكيم: في آداب ليلة الزفاف ذكرت جملة من المستحبات والمكروهات تتعلق بآداب ليلة الزفاف نذكرها إتماما للفائدة منها يستحب التسمية عنده والاستعاذة من الشيطان والدعاء بالمأثور ومنه أن يقول: (بسم الله وبالله اللهم جنّبني الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتني).
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: يقول ابن عباس: بتّ ليلة مع النّبي، و عند ما استيقظ رفع رأسه إلى السماء، و تلا الآيات العشر الأخيرة من سورة آل عمران: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ" (ال عمران 190) ثمّ قال: (اللّهم لك الحمد أنت نور السماوات و الأرض و من فيهنّ اللّهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت و إليك أنبت). حين كان يخرج من البيت يقول: (بسم اللّه، توكلت على اللّه، اللّهم إنّي أعوذ بك أن أضلّ، أو أضل، أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل، أو يجهل عليّ). و حين يرد المسجد يقول: (أعوذ باللّه العظيم و بوجهه الكريم و سلطانه القديم من الشيطان الرجيم). و حين يرتدي لباسا جديدا يقول: (اللّهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره و خير ما صنع له و أعوذ بك من شرّه و شرّ ما صنع له)
يقول الشيخ جلال الدين الصغير: تكذيب نوح عليه السلام : ومنشأ هذه الشبهة التي ترى أن الله قد كذّب نوح عليه السلام هو الآية الكريمة "وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (هود 45-46)، ولا يكون التكذيب إلا نتيجة لعدم عصمته عن قول الكذب. كان جواب الاستجابة من نوح عليه السلام على هذا التذكير هو تأكيد الصيغة المستقبلية: "رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ" (هود 47)، ولو كانت استعاذته من أمر قد حصل لجاء الخطاب بصيغة الماضي، أي لقال: أعوذ بك مما سألت أو ما إلى ذلك.
جاء في كتاب الصلاة للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: يأتي دور الإستعاذة من الشيطان قبل قراءة الفاتحة، لأنها من القرآن الكريم. وهي تشمل بمدلولها داخل الصلاة أيضاً. فتكون الإستعاذة بقولك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو أستعيذ بالله، أو بدون وصف الرجيم وكلُّه مجزئ. وعاذ بمعنى لاذ، فيكون المعنى أنَّ الفرد يلوذ بالله ويستجير به من كيد الشيطان ووسواسه ومكره. ومنهم من ينطق العبارة هكذا: أعوذ بالله السميع العليم من شرِّ الشيطان اللعين الرجيم. وهو ممكنٌ مادام مجموعه ذكراً لله عزَّ وجل. ووصفه السميع العليم هنا مأخوذةٌ من آيةٍ أخرى هي قوله تعالى: "وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (الاعراف 200). وأما الإضافات الأخرى فلها مبرراتها أيضاً، وهي لا تخفى على القارئ اللبيب.
و في منتخب الأثر عن تفسير الكشاف في تفسير قوله تعالى: "وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ" (سبأ 51). عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: نزلت في خسف البيداء. و ذلك: إن ثمانين الفا يغزون الكعبة ليخربوها، فإذا دخلوا البيداء خسف بهم. و فيه أيضا عن مجمع البيان في تفسير الآية نفسها، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت علي بن الحسين و الحسن بن الحسن بن علي يقولان: هو جيش البيداء يؤخذون من تحت أقدامهم. و فيه أيضا عن أم سلمة، تقول: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يعوذ عائذ بالبيت، فيبعث اللّه جيشا حتى إذا كانوا بالبيداء بيداء المدينة خسف بهم.
https://telegram.me/buratha