الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله سبحانه وتعالى عن كلمة وقع ومشتقاتها: "إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ" ﴿الواقعة 1﴾ وقعت فعل، الواقعة اسم، وَقَعَت الواقِعة: قامت القيامة بنفخة البعْث، الْوَاقِعَةُ: الْ اداة تعريف، وَاقِعَةُ اسم، الوَاقِعَةُ: القيامة، الواقعة: الداهية، أو النازلة من صروف الدهر، و لا تقال إلا في الشدائد و المكاره، و هي هنا يوم القيامة، ذا قامت القيامة، ليس لقيامها أحد يكذِّب به، هي خافضة لأعداء الله في النار، رافعة لأوليائه في الجنة، و "لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ" ﴿الواقعة 2﴾ لِوَقْعَتِهَا: لِ حرف جر، وَقْعَتِ اسم، هَا ضمير، لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ: لا صارف يصرفها ولا راد لها، إذا قامت القيامة، ليس لقيامها أحد يكذِّب به، هي خافضة لأعداء الله في النار، رافعة لأوليائه في الجنة، و "فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ" ﴿الواقعة 75﴾ بِمَوَاقِعِ: بِ حرف جر، مَوَاقِعِ اسم، مواقع النجوم: مساقطها أو الأنواء، أو نزول القرآن منجَّماً، أو محكم القرآن، و هو اسم مكان لموضع الوقوع، و "فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ" ﴿الحاقة 15﴾ وقعت الواقعة: قامت القيامة، أقسم الله تعالى بمساقط النجوم في مغاربها في السماء، وإنه لَقَسم لو تعلمون قَدَره عظيم، فإذا نفخ المَلَك في "القرن" نفخة واحدة، وهي النفخة الأولى التي يكون عندها هلاك العالم، ورُفعت الأرض والجبال عن أماكنها فكُسِّرتا، ودُقَّتا دقة واحدة، ففي ذلك الحين قامت القيامة، وانصدعت السماء، فهي يومئذ ضعيفة مسترخية، لا تماسُك فيها ولا صلابة، و "َسأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ" ﴿المعارج 1﴾ واقع صفة، دعا داع من المشركين على نفسه وقومه بنزول العذاب عليهم، وهو واقع بهم يوم القيامة لا محالة، ليس له مانع يمنعه من الله ذي العلو والجلال، و "إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ" ﴿المرسلات 7﴾ لَوَاقِعٌ: لَ لام التوكيد، وَاقِعٌ اسم، إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ: ماتوعدون لابد كائن، لواقع: كائن لا محالة، إن الذي توعدون به مِن أمر يوم القيامة وما فيه من حساب وجزاء لنازلٌ بكم لا محالة.
نزلت سورة الواقعة بعد سورة طه في الفترة الواقعة بين الهجرة إلى الحبشة وحادثة الإسراء والمعراج، فهي من السور المكيّة، وقد وقعت في القرآن الكريم بعد سورة الرحمن. ويبلغ عدد آياتها ست وتسعون آية، ويعود سبب تسميتها بهذا الاسم قول الله تعالى "إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ" (الواقعة 1). جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام عن سورة الواقعة: فضيلتها وخواصها: وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها: عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: (من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً). عن الإمام الباقر عليه السلام: (من قرأ سورة الواقعة قبل أن ينام لقيَ الله ووجهه كالقمر ليلة البدر). وردت خواص كثيرة، منها: عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم: (من قرأ هذه السورة لم يُكتب من الغافلين، وإن كُتبت وجعلت في المنزل نمى من الخير فيه، ومن أدمَن على قراءتها زال عنه الفقر، وفيها حفظ وتوفيق وسعة المال).
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: الآيات (سورة الواقعة (56): الآيات 1 الى 14): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
"إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (2) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (3) إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (5) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (6) وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (7) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (9) وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)" (الواقعة 1-4) التّفسير: الواقعة العظيمة: إنّ الأحداث المرتبطة بالقيامة تذكر غالبا في القرآن الكريم مقترنة بحوادث أساسيّة عظيمة قاصمة و مدمّرة، و هذا ما يلاحظ في الكثير من السور القرآنية التي تتحدّث عن القيامة. و في سورة الواقعة حيث يدور البحث حول محور المعاد، نجد هذا واضحا في الآيات الاولى منها، حيث يبدأ سبحانه بقوله: "إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ" (الواقعة 1). "لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ" (الواقعة 2) و ذلك لأنّ الحوادث التي تسبقها عظيمة و شديدة بحيث تكون آثارها واضحة في كلّ ذرّات الوجود. "الواقعة" تشير إشارة مختصرة إلى مسألة الحشر، و لأنّ وقوعها حتمي فقد عبّر عنها ب "الواقعة" و اعتبر البعض أنّها إحدى أسماء القيامة. كلمة "كاذبة" هنا أخذت بمعناها المصدري، و هي إشارة إلى أنّ وقوع القيامة ظاهر و واضح إلى حدّ لا يوجد أي مجال لتكذيبه أو بحثه و النقاش فيه. كما أنّ البعض فسّرها بمعناها الظاهري الذي هو اسم الفاعل، حيث قالوا بعدم وجود من يكذّب هذا الأمر. و على كلّ حال فإنّ الحشر لا يقترن بتغيير الكائنات فحسب، بل إنّ البشر يتغيّر كذلك كما يقول سبحانه في الآية اللاحقة "خافِضَةٌ رافِعَةٌ" (الواقعة 3). أجل، أنّها تذلّ المستكبرين المتطاولين، و تعزّ المحرومين المؤمنين و ترفع المستضعفين الصادقين بعض يسقط إلى قاع جهنّم، و بعض آخر إلى أعلى عليين في الجنّة. و هذه هي خاصية المبادئ الإلهيّة العظيمة. و لذلك نقرأ في رواية الإمام علي بن الحسين عليه السّلام في تفسير هذه الآية أنّه قال: (خافضة خفضت و اللّه أعداء اللّه في النار، رافعة رفعت و اللّه أولياء اللّه إلى الجنّة).
جاء في موقع محيط: أهم المعلومات التي ذكرت في الواقعة: ورد في السورة دلائل مختلفة على قدرة الله تعالى، منها خلق الإنسان ونزول المطر وإحياء النبات وإشعال النار. تحدثت السورة عن الموت، ووصفه سكراته وكيفية الاحتضار، وكيف ينتقل الإنسان من الدنيا إلى الآخرة. شملت السورة على وصف كامل ليوم القيامة، وكيف يكون حال الناس به. قسمت بعض الآيات في السورة، الناس إلى ثلاث طوائف طبقاً لأعمالهم، فقد أوضحت أن هناك أصحاب اليمين وعن جزائهم الذي وعدوا به، وأصحاب الشمال والعذاب الذي توعد لهم، وكذلك ذكرت الآيات السابقون. شملت الآيات أدلة واضحة لقدرة الله تعالى وعلى قدرته، كما بينت الآيات أن هناك بعث ونشور.
https://telegram.me/buratha