الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله سبحانه وتعالى عن أولي الأمر "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا" ﴿النساء 83﴾ أولي اسم، الْأَمْرِ: الْ اداة تعريف، أَمْرِ اسم، وإذا جاء هؤلاء الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم أمْرٌ يجب كتمانه متعلقًا بالأمن الذي يعود خيره على الإسلام والمسلمين، أو بالخوف الذي يلقي في قلوبهم عدم الاطمئنان، أفشوه وأذاعوا به في الناس، ولو ردَّ هؤلاء ما جاءهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى أهل العلم والفقه لَعَلِمَ حقيقة معناه أهل الاستنباط منهم، ولولا أنْ تَفَضَّلَ الله عليكم ورحمكم لاتبعتم الشيطان ووساوسه إلا قليلا منكم، و "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا" ﴿النساء 59﴾ وَأُولِي: وَ حرف عطف، أُولِي اسم، يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، استجيبوا لأوامر الله تعالى ولا تعصوه، واستجيبوا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما جاء به من الحق، وأطيعوا ولاة أمركم في غير معصية الله، فإن اختلفتم في شيء بينكم، فأرجعوا الحكم فيه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إن كنتم تؤمنون حق الإيمان بالله تعالى وبيوم الحساب، ذلك الردُّ إلى الكتاب والسنة خير لكم من التنازع والقول بالرأي، وأحسن عاقبة ومآلا.
عن الميزان في تفسير القرآن: ثم إن المراد بالأمر في أولي الأمر هو الشأن الراجع إلى دين المؤمنين المخاطبين بهذا الخطاب أو دنياهم على ما يؤيده قوله تعالى: "وشاورهم في الأمر" (ال عمران 159)، وقوله في مدح المتقين: "وأمرهم شورى بينهم" (الشورى 38)، وإن كان من الجائز بوجه أن يراد بالأمر ما يقابل النهي لكنه بعيد. وقد قيد بقوله: "منكم" وظاهره كونه ظرفاً مستقراً أي أولي الأمر كائنين منكم وهو نظير قوله تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم" (الجمعة 2)، وقوله في دعوة إبراهيم: "ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم" (البقرة 129)، وقوله: "رسلاً منكم يقصون عليكم آياتي" (الاعراف 35)، وبهذا يندفع ما ذكره بعضهم: أن تقييد أولي الأمر بقوله: "منكم" يدل على أن الواحد منهم إنسان عادي مثلنا وهم منا ونحن مؤمنون من غير مزية عصمة إلهية. ثم إن أولي الأمر لما كان اسم جمع يدل على كثرة جمعية في هؤلاء المسمين بأولي الأمر فهذا لا شك فيه لكن يحتمل في بادئ النظر أن يكونوا آحاداً يلي الأمر ويتلبس بافتراض الطاعة واحد منهم بعد الواحد فينسب افتراض الطاعة إلى جميعهم بحسب اللفظ, والأخذ بجامع المعنى, كقولنا: صل فرائضك وأطع سادتك وكبراء قومك. ومن عجيب الكلام ما ذكره الرازي: أن هذا المعنى يوجب حمل الجمع على المفرد وهو خلاف الظاهر، وقد غفل عن أن هذا استعمال شائع في اللغة. والقرآن مليء به كقوله تعالى: "فلا تطع المكذبين" (القلم 8)، وقوله: "فلا تطع الكافرين" (الفرقان 52)، وقوله: "إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا" (الاحزاب 67)، وقوله: "ولا تطيعوا أمر المسرفين" (الشعراء 151)، وقوله: "حافظوا على الصلوات" (البقرة 238)، وقوله: "واخفض جناحك للمؤمنين" (الحجر 88)، إلى غير ذلك من الموارد المختلفة بالإِثبات والنفي والإِخبار والإِنشاء.
جاء في الموسوعة الحرة ويكبيديا: أهل الحلّ والعقد هو مصطلح إسلامي يقصد به أهل الاجتهاد، حسب مفهوم علماء الأصول، وحسب الإمام النووي هم العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يرجع النّاس إليهم في الحاجات والمصالح العامّة. والبعض يرى أنهم الأشراف والأعيان. واتجاه آخر يرى أنهم أولوا الأمر المذكورين في الآية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59). مفهوم أهل الحلّ والعقد: يقصد ب العقد: عقد نظام جماعة المسلمين في شؤونهم العامة والسياسية، والإدارية، والتشريعية، والقضائية ونحوها ثم الحل: وهو حل وتفكيك هذا النظام لأسباب معينة ليعاد ترتيب هذا النظام وعقده من جديد. اختلفت ألفاظ الفقهاء في التعبير عن هذا المعنى، وقد ذكر النووي أنّهم العلماء والرؤساء ووجوه النّاس الذين يتيسّر اجتماعهم. قال الجويني: (إنّ عقد الإمامة هو اختيار أهل الحلّ والعقد، وهم الأفاضل المستقلّون الذين حنّكتهم التجارب وهذّبتهم المذاهب وعرفوا الصفات المرعيّة فيمن يناط به أمر الرعيّة). الشروط التي يجب أن تتوافر فيهم ثلاثة كما قال المارودي في الأحكام السلطانية: العدالة الجامعة لشروطها، العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة في الإمام، الرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح، وبتدبير المصالح أقوم وأعرف.
https://telegram.me/buratha