الدكتور فاضل حسن شريف
قال الطبري: وفي سنة أربعين بعث معاوية بسر بن أبي أرطاة في جيش، فسار حتى دخل المدينة، وأخاف أهلها، وبقية الأنصار فيها، وهدم دورا، ثم سار أتى اليمن، ولقي ثقل عبيد الله بن العباس، وفيه ابنان له صغيران، فذبحهما، وقتل في مسيرة ذلك جماعة كثيرة من شيعة علي. وهي من الروايات الكثيرة التي تدلل ان مصطلح الشيعة ورد منذ عهد رسول الله والامام علي عليهما السلام.
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيدالطباطبائي: قوله تعالى "وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" (القمر 51) الأشياع جمع شيعة والمراد كما قيل الأشباه والأمثال في الكفر وتكذيب الأنبياء من الأمم الماضية. والمراد بالآية والآيتين بعدها تأكيد الحجة السابقة التي أقيمت على شمول العذاب لهم لا محالة. ومحصل المعنى: أن ليس ما أنذرناكم به من عذاب الدنيا وعذاب الساعة مجرد خبر أخبرناكم به ولا قول ألقيناه إليكم فهذه أشياعكم من الأمم الماضية شرع فيهم بذلك فقد أهلكناهم وهو عذابهم في الدنيا وسيلقون عذاب الآخرة فإن أعمالهم مكتوبة مضبوطة في كتب محفوظة عندنا سنحاسبهم بها ونجازيهم بما عملوا. وفي تفسير القمي، بإسناده عن رجل عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام: في قوله "وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ" (النحل 68) قال: نحن النحل الذي أوحى الله إليه أن اتخذي من الجبال بيوتا أمرنا أن نتخذ من العرب شيعة "وَمِنَ الشَّجَرِ" (النحل 68) يقول: من العجم "وَمِمَّا يَعْرِشُونَ" (النحل 68) من الموالي، والذي خرج من بطونها شراب مختلف ألوانه، العلم الذي يخرج منا إليكم. أقول: وفي هذا المعنى روايات أخر، وهي من باب الجري ويشهد به ما في بعض هذه الروايات من تطبيق النحل على النبي صلى الله عليه وآله والجبال على قريش، والشجر على العرب، ومما يعرشون على الموالي، وما يخرج من بطونها على العلم. قوله تعالى "وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ" (الصافات 83) الشيعة هم القوم المشايعون لغيرهم الذاهبون على أثرهم وبالجملة كل من وافق غيره في طريقته فهو من شيعته تقدم أو تأخر قال تعالى "وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ" (سبأ 54). وظاهر السياق أن ضمير "شِيعَتِهِ" (الصافات 83) لنوح أي إن إبراهيم كان ممن يوافقه في دينه وهو دين التوحيد، وقيل: الضمير لمحمد صلى الله عليه وآله ولا دليل عليه من جهة اللفظ. قيل: ومن حسن الإرداف في نظم الآيات تعقيب قصة نوح عليه السلام وهو آدم الثاني أبو البشر بقصة إبراهيم عليه السلام وهو أبو الأنبياء إليه تنتهي أنساب جل الأنبياء بعده وعلى دينه تعتمد أديان التوحيد الحية اليوم كدين موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله، وأيضا نوح عليه السلام نجاه الله من الغرق وإبراهيم عليه السلام نجاه الله من الحرق.
عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال (من قرأ براءة و الأنفال في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا، و كان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام حقّا). عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: إِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِمَنْ يُصَلِّي مِنْ شِيعَتِنَا عَمَّنْ لَا يُصَلِّي مِنْ شِيعَتِنَا، وَ لَوْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ لَهَلَكُوا، وَ إِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِمَنْ يُزَكِّي مِنْ شِيعَتِنَا عَمَّنْ لَا يُزَكِّي مِنْ شِيعَتِنَا وَ لَوْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الزَّكَاةِ لَهَلَكُوا، وَ إِنَّ اللَّهَ لَيَدْفَعُ بِمَنْ يَحُجُّ مِنْ شِيعَتِنَا عَمَّنْ لَا يَحُجُّ مِنْ شِيعَتِنَا وَ لَوْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الْحَجِّ لَهَلَكُوا. قال الامام الصادق عليه السلام كما جاء في البحار: كأني أنظر القائم وفيه آية المتوسمين وهي السبيل المستقيم وإن الله ينزع الخوف من قلوب شيعته ويسكنه قلوب أعدائه، فواحدهم أمضى من سنان، وأجرى من ليث يطعن عدوه برمحه ويضربه بسيفه ويدوسه بقدمه، وحد الله للشيعة في أسماعهم وأبصارهم حتى يكون بينهم وبين القائم بريد كلمهم، ويسمعون، وينظرون إليه وهو في مكانه، وأرتفع الجور في أيامه، وآمنت به السبل حتى تمشي المرأة ما بين العراق والشام لا تضع قدميها إلا على الثبات وعلى رأسها زينتها لا يهيجها سبع ولا تخافه، وأخرجت الارض بركانها ورد كل حق الى أهله ولم يبق أهل دين حتى يظهروا الاسلام وأعترفوا بالايمان "وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا" (ال عمران 83). ولد الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق عليه السلام بالمدينة المنورة يوم 17 من شهر ربيع الأول عام 80 هـ في زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مَرْوان، وهو السادس من أئمة أهل البيت عليه السلام، ودامت فترة إمامته ثلاث وأربعون سنة، وقد نسب إليه الشيعة الاثنى عشرية بأسم الجعفرية.
جاء في كتاب فاجعة الطف لسماحة المرجع الاعلى السيد محمد سعيد الحكيم: الدفاع عن الظالمين يصب في صالح التشيع: وهم لا يدركون بسبب هذه العقدة أن هذا الدفاع والتبني لا ينفعان هؤلاء المجرمين، ولا يرفعان من شأنهم، ولا يضران الشيعة، بل يترتب عليهما أمران لهما أهميتهما في صالح الشيعة والتشيع: الأول: أن المدافعين والمتبنين لهؤلاء قد أسقطوا اعتبار أنفسهم، لأن هؤلاء الظلمة قد بلغوا من السقوط والجريمة بحيث يبرأ منهم من يحترم نفسه، ويشعر بكرامتها عليه. كما أن من يدافع عنهم أو يتبناهم يتلوث بجرائمهم، ويهوي للحضيض معهم. فهو كمن يحاول أن ينتشل شخصاً من مستنقع، فيهوي في ذلك المستنقع معه. الثاني: أن ذلك يكشف عن نصب هؤلاء النفر من المتبنين والمدافعين لأهل البيت صلوات الله عليهم، وأنه لا داعي لهم للدفاع والتبني لهذه النماذج المتميزة في الجريمة، والتي صارت في مزابل التاريخ، إلا بغض أهل البيت عليهم السلام. وكفى الشيعة فخراً أن يهوي خصومهم للحضيض، وأن تنكشف حقيقتهم، وأنهم في الواقع خصوم لأهل البيت صلوات الله عليهم ونواصب لهم. كما يكفي ذلك محفزاً للشيعة على التمسك بحقهم والاعتزاز به، وفي قوة بصيرتهم في أمرهم، وإصرارهم على حقهم. فهؤلاء بموقفهم من الشيعة نظير المشركين في موقفهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث سلاه الله عز وجل بقوله: "قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ" (الانعام 23).
جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام عن عقائد الشيعة في الامامة: ومن الأمور التي تعتقدها الشيعة أن للإمام جميع ما للرسول إلاّ وحي النبوة، وأنّ الإمام يقوم بشؤون الرسالة في ثلاثة محاور أساسية: المرجعية الثقافية: وتستفاد هذه المهمة الموكلة إلى أهل البيت عليهم السلام من حديث الثقلين المجمع عليه في المصادر الرئيسة للفريقين، حيث رسم طريق النجاة من الضلال، وحدد معالمها من خلال التمسك بالثقلين القرآن الكريم والعترة المطهرة التي تمثل العدل الثاني في المعادلة، مما يؤمن سلامة الطريق والضمان من الوقوع في الضلال والانحراف. وتظهر الحاجة إلى الثقلين كمرجعية ثقافية فيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار عدم توفر الفرصة للنبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم في الإجابة عن جميع التساؤلات وبيان الأحكام من جهة وظهور موضوعات مستجدة من جهة أخرى، مما يلزم أن تواصل الطريق مرجعية ثقافية أمينة ومعصومة. ولا ريب أن الإمام هو الواسطة الأمينة التي تنقل للأمة المعارف الدينية عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم والسهر على الشريعة وصيانتها من الزيغ والتحريف، بالإضافة إلى بيان أحكام المسائل المستجدة التي لم تسنح الفرصة لبيانها من قبل الرسول صلی الله عليه وآله وسلم، وإنما أودعها لدى الأئمة ليبينوها في وقتها المناسب. القيادة الاجتماعية والسياسية: المهمة الثانية التي تقع على كاهل الإمام بعد النبي صلی الله عليه وآله وسلم مسؤولية حفظ النظام الاجتماعي للمجتمع الإسلامي وإقامة العدل وإجراء الأحكام الإسلامية ذات البعد الاجتماعي كالحدود. الولاية: من الأمور الأخرى التي تؤمن بها الشيعة أنّ الأئمة ولقربهم المعنوي من الله قد منحهم الله الولاية التكوينية وأنّ على جميع المؤمنين طاعتهم والامتثال لأمرهم. والملاحظ في الفكر الشيعي أن الإمام هو الإنسان الكامل وأنه خليفة الله في الأرض، ومن هنا نرى بعض الروايات تشير إلى أن الإمامة هي غاية الخلق وفلسفته إلى الحد الذي يقول فيه الإمام: (لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت). والجدير بالذكر أن حدود طاعة الإمام واسعة جداً بحدود طاعة النبي صلی الله عليه وآله وسلم مع فارق أساسي بينهما يتمثل في اختصاص النبي بوحي الرسالة والنبوة دون الإمام، لأنّها من خصائص النبي وأنّ النبوة ختمت به، علماً أن هذا لا ينافي الاعتقاد بأنّ الإمام يلهم، وأن الملائكة تكلمه.
https://telegram.me/buratha