الدكتور فاضل حسن شريف
عن الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، المتوفى سنة: 310 هجرية، عن محمد بن علي، قال: لما نزلت الآية "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" (البينة 7)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله (أنت يا علي و شيعتك). عن الكنجي: أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي المتوفى سنة: 658 هجرية، عن جابر بن عبد الله ، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله، فاقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله: (قد أتاكم أخي). ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده، ثم قال: (و الذي نفسي بيده إن هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم إنه أولكم إيمانا، و أوفاكم بعهد الله، و أقومكم بأمر الله، و أعدلكم في الرعية، و أقسمكم بالسوية، و أعظمكم عند الله مزيّة). قال: و نزلت "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" (البينة 7). وهذا تأكيد ان مصطلح الشيعة ورد عن حديث لرسول الله صلى الله عليه وآله الذين هم خير البرية كما جاء في القرآن الكريم.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قال الله تبارك وتعالى "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (159) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ (160)" (الانعام 159-160) التّفسير: رفض المفرّقين للصّفوف و نفيهم: تعقيبا على التعاليم و الأوامر العشر التي مرّت في الآيات السابقة، و التي أمر في آخرها بإتباع الصراط الإلهي المستقيم، و بمكافحة أي نوع من أنواع النفاق و التفرقة، جاءت هذه الآية تتضمن تأكيدا على هذه الحقيقة، و تفسيرا و شرحا لها. فيقول تعالى أوّلا: "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ" (الانعام 159) الشيع من حيث اللغة تعني الفرق و الطوائف المختلفة و أتباع الأشخاص المختلفين، و على هذا فإنّ مفرد كلمة يعني من يتبع مدرسة أو شخصا معينا، هذا هو المعنى اللغوي لكلمة الشيعة، و لكن للفظة الشيعة معنى آخر في الاصطلاح، فهو يطلق على من يتبع أمير المؤمنين عليا عليه السّلام و يشايعه، و لا يصح أن نخلط بين المعنيين اللغوي و الاصطلاحي، أي أنّ الذين اختلفوا في الدين و تفرقوا فرقا و طوائف كما جاء في الآية المباركة لا يمتون إليك بصلة أبدا، كما لا يرتبطون بالدين أبدا، لأنّ دينك هو دين التوحيد، و دين الصراط المستقيم، و الصراط المستقيم ما هو إلّا واحد لا أكثر. ثمّ قال تعالى-مهدّدا موبّخا أولئك المفرّقين "إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ" (الانعام 159) أي أنّ اللّه هو الذي سيؤاخذهم بأعمالهم و هو عليم بها، لا يغيب شيء منها. يعتقد جماعة من المفسّرين أنّ هذه الآية نزلت في اليهود و النصارى الذين اختلفوا و تفرّقوا إلى فرق و طوائف مذهبية مختلفة، و تباغضوا و تشاحنوا و تنازعوا فيما بينهم. و لكن يرى آخرون أنّ هذه الآية إشارة إلى الذين يفرّقون صفوف هذه الأمّة الإسلامية بدافع التعصب و حبّ الاستعلاء، و حب المنصب و الجاه. و لكن محتوى هذه الآية يمثل حكما عاما يشمل كل من يفرّق الصفوف، و كل من يبذر بذور النفاق و الاختلاف بين عباد اللّه بابتداع البدع، من دون فرق بين من كان يفعل هذا في الأمم السابقة أو في هذه الأمة. و ما نلاحظه من الرّوايات المنقولة عن أهل البيت عليهم السّلام و هكذا روايات أهل السنّة التي تصرّح بأن هذه الآية إشارة إلى مفرّقي الصفوف و أهل البدع في هذه الأمّة، فهو من باب بيان المصداق، لأنّه لو لم يذكر هذا المصداق لظن البعض أنّ المقصود بالآية هم الآخرون خاصّة، و أنّ الضمير عائد إلى غيرهم فيبرّءوا بذلك ساحتهم. ففي رواية منقولة عن الإمام الباقر عليه السّلام في ذيل هذه الآية- على ما في تفسير علي بن إبراهيم قال في تفسيرها: (فارقوا أمير المؤمنين عليه السّلام و صاروا أحزابا). و هناك أحاديث أخر رويت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حول افتراق هذه الأمّة و تشتتها و تشرذمها إلى فرق ذكرها على سبيل التنبؤ، جميعها تؤيّد هذه الحقيقة أيضا. يعاني كاتب تفسير المنار من سوء ظن بالغ الشدّة بالنسبة إلى الشيعة، و بنفس القدر يعاني من الجهل بعقائد الشيعة و تاريخهم. ففي ذيل هذه الآية يعقد فصلا حول الشيعة تحت غطاء الدعوة إلى الاتحاد، و يصفهم بأنّهم يفرقون الصفوف و يخالفون الإسلام، و أنهم ممن يعملون ضدّ الإسلام و يقومون بنشاطات سياسية تخريبية تحت غطاء المذهب و العقيدة الدّينية، و كأنّ وجود كلمة "شِيَعاً" في الآية الحاضرة و التي ليس لها أي ارتباط بقضية التشيع و الشيعة ذكّره بهذه الأمور التافهة، فاندفع يتّهم هذه الجماعة المؤمنة من دون تورّع.
جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام عن مصادر الفقه الشيعي: المصادر الأساسية للفقه الشيعة تتمثل في القرآن الكريم والسنة المطهرة بالإضافة إلى العقل والإجماع. وإنّ القرآن الكريم يقع في قمة الصدارة من بين تلك المصادر، فهو المصدر الأول للاستنباط وأنّ ظواهره حجة خلافاً للإخبارية التي ظهرت في الوسط الشيعي حيث رفضوا القول بحجية ظاهر القرآن ما لم يرد تفسير من المعصومين عليهم السلام فيه. أما بالنسبة إلى السنة الشريفة فلا ريب في إيمان الشيعة بحجيتها، إلاّ أنّ فقهاء الشيعة يتشددون في إثباتها إلى المعصومين عليهم السلام واضعين مجموعة من الشروط التي يجب توفرها في الحديث سنداً ودلالة لإثبات صدوره عن المعصوم، ومن أهم تلك الشروط وثاقة رواة الحديث وصدقهم، وقد أفردوا علم الرجال ليتولى هذه المهمة الخطيرة. يضاف إليه علم الدراية وغيره من العلوم التي تعالج الحديث سنداً ومتناً ودلالة. فإذا توفرت الشروط أخذوا بالحديث في الفتوى، وإلا فلا. أما الإجماع فيعني اتفاق كلمة الفقهاء في مسالة واحدة، وهو ثالث الأدلة التي استند إليها الفقهاء في استنباطهم للحكم الشرعي، وذلك من خلال كشف الإجماع عن قول المعصوم عليه السلام لحكم من الأحكام، فالإجماع ليس دليلاً قائماً بنفسه مقابل الأدلّة الثلاثة: الكتاب السنة العقل. فالإجماع كاشف عن الدليل الشرعي وهو دليل على الحكم الشرعي، وليس الإجماع كاشفاً عن الحكم الشرعي مباشرةً، خلافاً لفقهاء أهل السنة حيث اعتبروا الإجماع دليلاً مستقلاً بنفسه وأنّه حجة مستقلة. العقل: أما بالنسبة إلى المصدر الرابع وهو العقل فقد وقع مدار بحث مفصل بين الأصوليين الشيعة، إذ البحث فيه يستوجب البحث في الحسن والقبح ومعانيهما المختلفة، والتعرُّض لمعنى العقل يدعو إلى تقسيمه إلى عقل نظري وعقل عملي، والكلام أخيراً عن الأحكام الشرعية والأحكام العقلية ينقل إلى البحث حول مفهوم قاعدة الملازمة: أني (كل ما حكم به العقل حكم به الشرع)، وفي النتيجة يتبين موقع ومقام العقل باعتباره أحد الأدلة الأربعة. صحيح أنّ الشيعة قد سلّمت بحجية العقل وكونه أحد مصادر الاستنباط الشرعي، إلاّ أنّها رفضت القياس والاستحسان انطلاقاً من الروايات الصادرة عن المعصومين عليهم السلام والنافية للقياس والاستحسان؛ لأنّهما لا يفيدان إلا الظن الذي لم تثبت له الحجة بدليل قطعي. تذهب الشيعة إلى القول بأنّ فروع الدين عشرة هي: 1 ـ الصلاة 2 ـ الصوم 3 ـ الخمس 4 ـ الزكاة 5 ـ الحج 6 ـ الجهاد 7 ـ الأمر بالمعروف 8 ـ النهي عن المنكر 9 ـ التولي 10 ـ التبري.
ان التعصب والتفرق والتشريد في الديار والاستعباد كل ذلك نتيجة الاختلاف بسبب الجهل والطغيان وحب السيطرة بسبب فساد فرد او مجموعة التي تجعل من شعوبها شيع اي مجموعات تفرق بينهما لتقرب هذه وتبعد تلك "إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" (القصص 4). والذين يتبعون ذلك الفرد او الجماعة الطاغية نتيجة ان ابائهم وعشيرتهم اتبعوا السادة الطغاة "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ" (لقمان 21)، و "وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى" (سبأ 43)، و "إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ" (الصافات 69)، و "بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ" (الزخرف 22).
https://telegram.me/buratha