الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقات السابقة حول مصطلحات الحج المنشورة قبل نحو سنة، قال الله تعالى عن يطوف ومشتقاتها "عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ" ﴿النور 58﴾ طوافون اسم، طوافون عليكم: للخدمة، يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه مُروا عبيدكم وإماءكم، والأطفال الأحرار دون سن الاحتلام أن يستأذنوا عند الدخول عليكم في أوقات عوراتكم الثلاثة: من قبل صلاة الفجر، لأنه وقت الخروج من ثياب النوم ولبس ثياب اليقظة، ووقت خلع الثياب للقيلولة في الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء، لأنه وقت للنوم، وهذه الأوقات الثلاثة عورات لكم، يقل فيها التستر، أما فيما سواها فلا حرج إذا دخلوا بغير إذن، لحاجتهم في الدخول عليكم، طوافون عليكم للخدمة، و "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" ﴿البقرة 125﴾ لِلطَّائِفِينَ: لِ حرف جر، ل اداة تعريف، طَّائِفِينَ اسم، واذكر أيها النبي حين جعلنا الكعبة مرجعًا للناس، يأتونه، ثم يرجعون إلى أهليهم، ثم يعودون إليه، ومجمعًا لهم في الحج والعمرة والطواف والصلاة، وأمنًا لهم، لا يُغِير عليهم عدو فيه. وقلنا: اتخِذوا من مقام إبراهيم مكانًا للصلاة فيه، وهو الحجر الذي وقف عليه إبراهيم عند بنائه الكعبة، وأوحينا إلى إبراهيم وابنه إسماعيل: أن طهِّرا بيتي من كل رجس ودنس، للمتعبدين فيه بالطواف حول الكعبة، أو الاعتكاف في المسجد، والصلاة فيه، و "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ" ﴿البقرة 158﴾ يطوف فعل، يَطَّوَّفَ: يسعى بين الصفا والمروة، يطّوّف بهما: يدور بهما و يسعى بينهما، إن الصفا والمروة وهما جبلان صغيران قرب الكعبة من جهة الشرق من معالم دين الله الظاهرة التي تعبَّد الله عباده بالسعي بينهما. فمَن قصد الكعبة حاجًّا أو معتمرًا، فلا إثم عليه ولا حرج في أن يسعى بينهما، بل يجب عليه ذلك، ومن فعل الطاعات طواعية من نفسه مخلصًا بها لله تعالى، فإن الله تعالى شاكر يثيب على القليل بالكثير، عليم بأعمال عباده فلا يضعها، ولا يبخس أحدًا مثقال ذرة.
عن کتاب القصص القرآنى للسيد محمد باقر الحكيم: تشريع الاحكام للمجتمع الانساني، إذ يشير القرآن الكريم إلى أعم أركان هذا التشريع، و هي: الاركان الخمسة التي بني عليها الإسلام: الصلاة، و الزكاة، و الحج، و الصوم، و الإمامة "وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَ عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ" (البقرة 125)، و يبدو من بعض الروايات أنّ هناك مجموعة من التشريعات الاخرى وضعها إبراهيم لأوّل مرة، مثل: الخمس، و الجهاد في سبيل اللّه، و غيرها. فالمسجد الحرام هو اول مسجد عرفته البشرية في تاريخها. و قد تحدث عنه القرآن الكريم في مواضع عديدة باسمه الصريح و هو المسجد الحرام، كما اشار إليه عندما تحدث عن الكعبة المشرفة والبيت الحرام و بنائها، و جعلها من قبل اللّه تعالى مثابة للناس و أمناً و طهرها للطائفين و العاكفين و الركع السجود، وكذلك عن الحج و قيام الناس و الصلاة عنده ، فإن كل ذلك إنما يمارس في المسجد الحرام. و قد سبق في الحج أن البيت الحرام كان يحج إليه قبل آدم بألفي عام، كما ورد في الروايات أن اول ما خلق اللّه تعالى من الارض كان موضع البيت، و أنه قد دحا الارض من تحته. و قد سبق في الحج أن البيت الحرام كان يحج إليه قبل آدم بالفي عام ، كما ورد في الروايات أن اول ما خلق اللّه تعالى من الارض كان موضع البيت، و أنه قد دحا الارض من تحته. كما يبدو من مجموعة أخرى من الروايات أن تصميم البيت و الطواف حوله قد بدأ منذ القرار الالهي بخلق آدم الذي يتحدث عنه القرآن الكريم: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً " (البقرة 30). نجد أن اهل البيت عليهم السلام بسبب علمهم الواسع بتاريخ الرسالات الالهية و فهمهم الدقيق المستوعب للرسالة الاسلامية قاموا بعمل تميزوا به، و هو احياء معالم هذا التاريخ الالهي سواء في الرسالات السابقة أو الرسالة الاسلامية و الدعوة إلى تقديس هذه الاماكن و احياء تاريخها. و يحظى المسجد الحرام و مسجد النبي صلى الله عليه و آله في المدينة المنورة، و كذلك المسجد الاقصى في القدس الشريف، بتقديس و احترام خاصين لدى جميع المسلمين. و قد روى جمهور المسلمين بشأن فضل هذه المساجد الثلاثة أنه لا تشد الرجال إلاّ لها، و أنها تختص بهذا الاحترام و العمل الشرعي دون غيرها من المساجد الاخرى، كما أن هذه المساجد ورد الحديث عنها في القرآن الكريم و لاسيما المسجد الحرام. و لكن اهل البيت عليهم السلام اعطو هذه المفردة تصوراً واسعاً شاملاً من حيث الكم و الكيف. أما من حيث الكيف فنجد أن الاحترام و التقديس من ناحية، و الجذر التاريخي لهذه المساجد من ناحية اخرى و الاعمال المرتبطة بهذه الاماكن من ناحية ثالثة جاءت شاملة و واسعة .وأما من حيث الكم فنجد أن هناك اماكن اخرى حظيت بهذا التقديس و الاحترام اجمالاً على اختلاف بينها في مستويات و درجات التقديس، و من هذه الاماكن حرم الامام الرضا في طوس من خراسان و مشاهد أئمة اهل البيت عليهم السلام عامة.
جاء في إستفتاءات للمرجع السيد الامام السيستاني حول طواف البيت الحرام: الطواف: الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتّع. ويفسد الحجّ بتركه عمداً سواء أكان عالماً بالحكم أم كان جاهلاً به، وعلى الجاهل كفّارة بدنة على الأحوط وجوباً ، ويتحقق الترك بالتأخير إلى زمان لا يمكنه إتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة. ثم إنه إذا بطلت العمرة بطل إحرامه أيضاً على الأظهر، ولا يجزئ العدول بها إلى حج الافراد وإن كان ذلك أحوط استحباباً، بأن يأتي بأعمال حج الافراد رجاءاً، بل الأحوط استحباباً أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو التقصير منها بقصد الأعم من حج الافراد والعمرة المفردة. شرائط الطواف: يشترط في الطواف أمور: الأول: النيّة، بأن يقصد الطواف متعبّداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذللية مع تعيين المنوي كما مرّ في نيّة الاحرام. الثاني: الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، فلو طاف المحدث عمداً أو جهلاً أو نسياناً لم يصحّ طوافه. إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة صور: الأولى: أن يكون ذلك قبل إتمام الشوط الرابع، ففي هذه الصورة يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة، حتى فيما إذا كان صدور الحدث بعد بلوغ النصف على الأظهر. الثانية: أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن دون اختياره، ففي هذه الصورة يقطع طوافه ويتطهّر، ويتمّه من حيث قطعه. الثالثة: أن يكون الحدث بعد تمام الشوط الرابع مع صدور الحدث منه بالاختيار، والأحوط وجوباً في هذه الصورة أن يتمّ طوافه بعد الطهارة من حيث قطع، ثم يعيده. إذا شكّ في الطهارة قبل الشروع في الطواف، فإن علم أن الحالة السابقة كانت هي الطهارة، وكان الشكّ في صدور الحدث بعدها لم يعتن بالشكّ ، وإلا وجبت عليه الطهارة قبل الطواف. وإذا شكّ في الطهارة في الأثناء، فإن كانت الحالة السابقة هي الطهارة فحكمه ما تقدّم، وإلا فإن كان الشكّ قبل تمام الشوط الرابع تطهّر ثم استأنف الطواف، وإن كان الشكّ بعده أتمّه بعد تجديد الطهارة. إذا شكّ في الطهارة بعد الفراغ من الطواف لم يعتن بالشكّ ، وإن كانت الإعادة أحوط استحباباً، ولكن تجب الطهارة لصلاة الطواف. إذا لم يتمكّن المكلف من الوضوء لعذر، فمع اليأس من زواله يتيمّم ويأتي بالطواف، وإذا لم يتمكّن من التيمّم أيضاً جرى عليه حكم من لم يتمكّن من أصل الطواف، فإذا حصل له اليأس من التمكّن لزمته الاستنابة للطواف، والأحوط الأولى أن يأتي هو أيضاً بالطواف من غير طهارة. يجب على الحائض والنفساء بع انقضاء أيامهما وعلى المجنب الاغتسال للطواف، ومع تعذر الاغتسال واليأس من التمكّن منه يجب الطواف مع التيمّم والأحوط الأولى حينئذ الاستنابة أيضاً، ومع تعذر التيمّم واليأس من التمكّن منه تتعيّن الاستنابة. إذا حاضت المرأة في عمرة التمتّع حين الاحرام أو قبله أو بعده قبل الشروع في الطواف، فإن وسع الوقت لأداء أعمالها قبل موعد الحجّ صبرت إلى أن تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها، وإن لم يسع الوقت لذلك فللمسألة صورتان: الأولى: أن يكون حيضها حين إحرامها أو قبل أن تحرم، ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الافراد، وبعد الفراغ من الحجّ تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكّنت منها. الثانية: أن يكون حيضها بعد الاحرام ، ففي هذه الصورة الأحوط أن تعدل إلى حج الافراد أيضاً كما في الصورة الأولى، وإن كان الظاهر أنه يجوز لها الابقاء على عمرتها بأن تأتي بأعمالها من دون الطواف وصلاته، فتسعى وتقصّر ثم تحرم للحجّ، وبعد ما ترجع إلى مكة بعد الفراغ من أعمال منى تقضي طواف العمرة وصلاته قبل طواف الحجّ. وإذا تيقنت المرأة ببقاء حيضها وعدم تمكّنها من الطواف حتى بعد رجوعها من منى، ولو لعدم صبر الرفقة، استنابت لطوافها وصلاته، ثم أتت بالسعي بنفسها. إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها ، فإن كان طروء الحيض قبل تمام الشوط الرابع بطل طوافها وكان حكمها ما تقدم في المسألة السابقة، وإذا كان بعده صحّ ما أتت به ، ووجب عليها إتمامه بعد الطهر والاغتسال، والأحوط الأولى إعادته بعد الاتمام أيضاً. هذا فيما إذا وسع الوقت، وإلا سعت وقصّرت وأحرمت للحجّ، ولزمها الاتيان بقضاء ما بقي من طوافها بعد الرجوع من منى وقبل طواف الحجّ على النحو الذي ذكرناه. إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف وقبل الاتيان بصلاة الطواف، صحّ طوافها وأتت بالصلاة بعد طهرها واغتسالها ، وإن ضاق الوقت سعت وقصّرت وقضت الصلاة قبل طواف الحجّ. إذا طافت المرأة وصلت ثم شعرت بالحيض ولم تدر أنه قبل الطواف أو في أثنائه، أو قبل الصلاة أو في أثنائها ، أو أنه حدث بعد الصلاة بنت على صحة الطواف والصلاة. وإذا علمت أن حدوثه كان قبل الصلاة أو في أثنائها جرى عليها ما تقدم في المسألة السابقة. إذا أحرمت المرأة لعمرة التمتّع وكانت متمكّنة من أداء أعمالها، وعلمت أنها لا تتمكّن منه بعد ذلك لطروء الحيض عليها وضيق الوقت، ومع ذلك لم تأت بها حتى حاضت وضاق الوقت عن أدائها قبل موعد الحجّ، فالظاهر فساد عمرتها، ويجري عليها ما تقدم في أول الطواف.
https://telegram.me/buratha