الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تبارك وتعالى عن الرقم عشرة "الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ" ﴿البقرة 196﴾ عشرة اسم، تلك عشرة كاملة: جملة تأكيد لما قبلها، فإذا كنتم في أمن وصحَّة: فمن استمتع بالعمرة إلى الحج وذلك باستباحة ما حُرِّم عليه بسبب الإحرام بعد انتهاء عمرته، فعليه ذبح ما تيسر من الهدي، فمن لم يجد هَدْيًا يذبحه فعليه صيام ثلاثة أيام في أشهر الحج، وسبعة إذا فرغتم من أعمال الحج ورجعتم إلى أهليكم، تلك عشرة كاملة لا بد من صيامها، ذلك الهَدْيُ وما ترتب عليه من الصيام لمن لم يكن أهله من ساكني أرض الحرم، وخافوا الله تعالى وحافظوا على امتثال أوامره واجتناب نواهيه، واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمره، وارتكب ما عنه زجر، و "بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ" ﴿المائدة 89﴾ إطعام عشرة مساكين: لكل مسكين مدٌ، لا يعاقبكم الله أيها المسلمون فيما لا تقصدون عَقْدَه من الأيمان، مثل قول بعضكم: لا والله، وبلى والله، ولكن يعاقبكم فيما قصدتم عقده بقلوبكم، فإذا لم تَفُوا باليمين فإثم ذلك يمحوه الله بما تقدِّمونه مما شرعه الله لكم كفارة من إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من أوسط طعام أهل البلد، أو كسوتهم، لكل مسكين ما يكفي في الكسوة عُرفًا، أو إعتاق مملوك من الرق، فالحالف الذي لم يف بيمينه مخير بين هنا الأمور الثلاثة، فمن لم يجد شيئًا من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام.
كل شيء تحصل عليه من القرآن الكريم على شكل مصاديق ومن القصص القرآنية التي وان ذكرت في زمن ومكان محدد ولكن الغرض منها تعميمها في اي زمان ومكان الى قيام الساعة بالاستعانة من الاحاديث والروايات بالاضافة الى الآيات القرآنية البينية، فالأيام المعلومات في قصة ابراهيم واسماعيل عليهما السلام هي العشر من ذي الحجة وقصة التضحية عن ذبح اسماعيل عليه السلام في العاشر من ذي الحجة التي تناظر قصة الذبيح الحسين عليه السلام في العاشر من محرم والايام المعدودات هي العشر الأوائل من محرم أما الايام المعدودات هي الثلاثة او الاربعة بعد 10 ذي الحجة التي تناظر مثيلاتها بعد 10 محرم لهذا يستمر العزاء الى 13 محرم وبذلك مجموع الايام المعلومة والمعدودة حتى 13 ذي الحجة في حالة اسماعيل عليه السلام و 13 محرم في حالة حفيده الحسين عليه السلام.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها" (الانعام 160) نقرأ في الآية الحاضرة أن الحسنة يثاب عليها بعشرة أضعافها، بينما يستفاد من بعض الآيات القرآنية أنه اقتصر على عبارة أَضْعافاً كَثِيرَةً من دون ذكر عدد الأضعاف (كما في الآية 245 من سورة البقرة) و في بعض الآيات بلغ ثواب بعض الأعمال مثل الإنفاق إلى سبعمائة ضعف (كما في الآية 261 من سورة البقرة) بل ربّما إلى أكثر من ذلك مثل قوله: "إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ" (الزمر 10). إنّ من الواضح أنه لا تناقض بين هذه الآيات أبدا، إذ إنّ أقل ما يعطى للمحسنين هو عشرة أضعاف الحسنة، و هكذا يتصاعد حجم الثواب مع تعاظم أهمية العمل و الحسنة، و مع تعاظم درجة الإخلاص، و مع ازدياد مقدار السعي و الجهد و المبذول في سبيل العمل الصالح، حتى يصل الأمر إلى أن تتحطم الحدود و المقادير، و لا يعلم حدّ الثواب و مقداره إلّا اللّه تعالى. فمثلا الإنفاق الذي يحظى بأهمية بالغة في الإسلام يتجاوز مقدار ثوابه الحدّ المتعارف للعمل الصالح الذي هو عشرة أضعاف الحسنة، و يصل إلى الأضعاف الكثيرة أو سبعمائة ضعف و ربّما أكثر من ذلك. و من هنا أيضا يتضح عدم المنافاة بين هذه الآية و بين الرّوايات التي تذكر لبعض الأعمال الحسنة مثوبة أكثر من عشرة أضعاف. كما أنّ ما نقرؤه في الآية (84) من سورة القصص في قوله تعالى: "مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها" (القصص 84) لا ينافي الآية الحاضرة حتى نحتاج إلى القول بنسخ الآية، لأنّ للخير معنى واسعا يتلاءم مع عشرة أضعاف أيضا. وعن عاشوراء: نجد في قصّة عاشوراء: أنّه كلّما ضاقت حلقة الأعداء و إزداد ضغطهم على الإمام الحسين و أصحابه ازدادت وجوههم إشراقا، حتّى أنّ الشيوخ من أصحابه كانت الابتسامة تطفو على وجوههم في صبيحة عاشوراء، و حينما كانوا يسألون يقولون: إنّنا سنستشهد بعد ساعات فنعانق الحور العين.
عن کتاب تفسير غريب القرآن للمؤلف فخر الدين الطريحي النجفي: واختلف في الأيام المعلومات كما في قوله تعالى: "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" (الحج 28) والمروي عن الباقر عليه السلام انها يوم النحر، و الثلاثة بعد أيام التشريق، والأيام المعدودات كما في قوله تعالى "واذكروا الله في أيام معدودات" (البقرة 203) عشر ذي الحجة. وقوله تعالى "إلا لديه رقيب عتيد" (ق 18) أي رقيب يرقب عمله عتيد حاضر معه، وعن النبي صلى الله عليه وآله كاتب الحسنات عن يمين الرجل، وكاتب السيئات عن يساره، وصاحب اليمين أمير صاحب الشمال فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر. و "واعدنا موسى ثلثين ليلة" (الاعراف 141) هي شهر ذي القعدة، و "وأتممناها بعشر" (الاعراف 141) من ذي الحجة.
https://telegram.me/buratha