الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقة السابقة جاء في كتاب الصوت اللغوي في القرآن للدكتور محمد حسين علي الصغير عن بقية الحروف التي تدغم: 3 ـ الثاء: وتدغم في خمسة أحرف سواها هي: أولاً: الثاء في التاء كقوله تعالى "أفمن هذا الحديث تعجبون" (النجم 59). ثانياً: الثاء في الذال كقول تعالى "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب" (ال عمران 14). ثالثاً: الثاء في السين كقوله تعالى "وورث سليمان داوود" (النمل 12). رابعاً: الثاء في الشين كقوله تعالى "انطلقوا إلى ضلّ ذي ثلاث شعب" (المرسلات 30). خامساً: الثاء في الضاد كقوله تعالى "هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين" (الذاريات 24). 4 ـ الجيم وتدغم في حرفين متقاربين هما: أولاً: الجيم في التاء في نحو قوله تعالى "من الله ذي المعارج * تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" (المعارج 3-4). ثانياً: الجيم في الشين في نحو قوله تعالى "كزرع أخرج شطئه" (الفتح 39). 5 ـ الحاء وتدغم في موضع واحد وهو قوله تعالى "فمن زحزح عن النّار" (ال عمران 185). 6 ـ الدال، وتدغم الدال ما لم تفتح بعد ساكن في عشرة أحرف إلا مع التاء فينتفي الشرط للتجانس، وهي: أولاُ: الدال في التاء في نحو قوله تعالى "تكاد تميّز من الغيظ" (الملك 8). ثانياً: الدال في الثاء في نحو قوله تعالى "من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والأخرة وكان الله سميعا بصيراً" (النساء 134). ثالثاً: الدال في الجيم في نحو قوله تعالى "وقتل داوود جالوت" (البقرة 251). رابعاُ: الدال في الذال في نحو قوله تعالى "فمن اعتدى بعد ذلك" (المائدة 94). خامساً: الدال في الزاي في نحو قوله تعالى "تريد زينة الحياة الدنيا" (الكهف 28). سادساً: الدال في السين في نحو قوله تعالى "إنما صنعوا كيد ساحر" (طه 69). سابعاً: الدال في الشين في نحو قوله تعالى "قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من اهلها إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين" (يوسف 26). ثامناً: الدال في الصاد في نحو قوله تعالى "في مقعد صدق عند مليك مقتدر" (القمر 55). تاسعاً: الدال في الضاد في نحو قوله تعالى "ولئن اذقناه رحمة منّا من بعد ضرّاء" (فصلت 50). عاشراً: الدال في الظاء في نحو قوله تعالى "وما الله يريد ظلماً للعباد" (غافر 31). 7 ـ وتدغم الذال في حرفين هما السين والصاد: أولاً: الذال في السين في نحو قوله تعالى "فاتّخذ سبيله في البحر سربا" (الكهف 61). ثانياً: الذال في الصاد في نحو قوله تعالى "ما اتخذ صاحبة ولا ولدا" (الجن 3). 8 ـ وتدغم الراء في اللام ما لم تفتح بعد ساكن في نحو قوله تعالى : ( أيود أحدكم أن تكون له جنّة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الأيات لعلكم تتفكرون" (البقرة 266).
ويستمر الدكتور الصغير رحمه الله متحدثا عن حروف الدغم في كتابه: 9 ـ وتدغم السين في حرفين هما : الزاي والسين: أولاً : السين في الزاي في نحو قوله تعالى "وإذا النفوس زوجت" (التكوير 7). ثانياً : السين في الشين في نحو قوله تعالى "واشتعل الرأس شيبا " (مريم 4). 10 ـ وتدغم الشين في السين في نحو قوله تعالى "قل لو كان معه ءالهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً" (الاسراء 42). 11 ـ وتدغم الضاد في الشين. في نحو قوله تعالى "فإذا استئذنوك لبعض شأنهم فأذن لّمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رّحيم" (النور 62). 12 ـ وتدغم القاف في الكاف على أن يتحرك ما قبل القاف في نحو قوله تعالى "ذالكم الله ربكم لآ إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل" (الانعام 102). 13 ـ وتدغم الكاف في القاف إذا تحرك ما قبل الكاف في نحو قوله تعالى "قد نرا تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون" (البقرة 144). 14 ـ وتدغم اللام في الراء إذا تحرك ما قبلها في نحو قوله تعالى "قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلاّ امرأتك إنه مصيبها مآ أصابهم إن موعودهم الصّبح أليس الصّبح بقريب" (هود 81). إلا لام قال فإنها تدغم حيث وقعت قبل الراء كقوله تعالى "قال رب أغفر لي وهب لي ملكا لاً ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب" (ص 35). 15 ـ وتدغم الميم في الباء ، والأصح صناعة أنها تخفى بالباء لأنها تسكن عند الباء إذا تحرك ما قبلها فتخفى بغنة ، لأن الميم لا تلغي الباء ولا تحل محلها فتعود مشددة ، بل تبقى الميم في غنة أنفية ، وهذا هو الاخفاء كما في قوله تعالى "لكى لا يعلم بعد علم شيئاً" (النحل 70). 16 ـ وتدغم النون في حرفين هما الراء واللام على أن يتحرك ما قبل النون: أولاً : النون في الراء في نحو قوله تعالى "قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربّي" (الاسراء 100). ثانياً : النون في اللام في نحو قوله تعالى "وقالوا لن نؤمن لك حتّا تفجر لنا من الأرض ينبوعا" (الاسراء 90).
ويلخص الاستاذ محمد حسين علي الصغير حروف الدغم: وقد ظهر مما تقدم رصد النتائج الصوتية التّالية: 1 ـ إن الحروف التي تدغم في أمثالها، وعددها سبعة عشر حرفاً، هي: ب. ت. ث. ح. ر. س. ع. غ. ف. ق. ك. ل. م. ن. و. ي. هـ. 2 ـ إن الحروف التي تدغم في المتجانسين والمتقاربين دون المتماثلين ـ وعددها ستة عشر حرفاً ـ هي : ب. ت. ث. ج. ح. د. ذ. ر. س. ش. ض. ق. ك. ل. م. ن. 3 ـ إن الحروف التي تدغم ويدعم فيها ـ وعددها ثمانية عشر حرفاً ـ هي : ب. ت. ث. ج. د. ذ. ر. س. ش. ف. ص. ض. ظ. ط. ك. ل. م. ن. وقد خلص لنا مما تقدم بيانه في الادغام رصد الضوابط والقواعد الصوتية الآتية: 1 ـ إن كل حرفين التقيا أولهما ساكن، وهما متماثلان أو متجانسان فيجب فيهما إدغام الأول عند علماء القراءة :
أ ـ في المتماثلين كقوله تعالى "فما ربحت تجارتهم" (البقرة 16). ب ـ في المتجانسين كقوله تعالى "إذ همت طآئفتان منكم " (ال عمران 122). 2 ـ إن الطاء إذا جاورت التاء أدغم الطاء وجوباً مع بقاء الأطباق كقوله تعالى "لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك" (المائدة 28). 3 ـ إن الاخفاء قد يختلط بالادغام في حالة واحدة منظورة في اللسان العربي، والحالة هي: إخفاء الميم بالباء ، فيعده بعضهم في الإدغام ، ويعده بعضهم في الأخفاء ، وهو الصحيح فيما يبدو لي ، لأن الميم غير متلاشية في نحو قوله تعالى "أليس الله بأعلم بالشاكرين" (الانعام 53). فإن سكن ما قبلها أظهرت دون إخفاء أو إدغام ، كما في قوله تعالى "ولمّا جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى" (العنكبوت 31). هذا في الإدغام الكبير. أما الإدغام الصغير فالجائز منه: 1 ـ إدغام حرف من كلمة في حروف متعددة من كلمات متفرقة وتقتصر عند القراء على ما يأتي: إذ | قد | تاء التأنيت | هل | بل. 2 ـ إدغام حروف قربت مخارجها، وهي سبعة عشر حرفاً اختلف فيها عند القراء، وقد استوعبها السيوطي في بحثه عنها. والحق أن الادغام الصغير لا يعنينا صوتياً، لأن فك الادغام فيه أو عنه يعني تكرار الحرف ليس غير، ولا يفك إدغامه في السياق الجملي بل عند تصريف الكلمة أو عند بيان صيغتها التفعيلة وهذا ما لا يحدت عند النطق في العبارة ، فيبقى الحرف في الواقع صوتاً واحداً وإن كان مشدداً كما في: قد. هل. بل من الأدوات ، وقل. سل. عد. من الأفعال. لهذه الأسباب العلمية استبعدنا الخوض عن الادغام الصغير في هذا البحث. نعم ألحق القراء في هذا المبحث أحكام النون الساكنة والتنوين من وجه لأن لهما أربعة أحكام هي: الإظهار. الإدغام. الإقلاب. والإخفاء. ولما كانت هذه الأحكام الأربعة تتحكم في إخراج الصوت وحدوثه ضمن حيثيته المؤشرة ، فحسن منا التنبيه عليها ، والإشارة إليها في حدود الصوت اللغوي دون التفصيلات الأخرى. فالاظهار عند ستة أحرف، وهي حروف الحلق: الهمزة، الهاء، العين، الحاء، الغين، الخاء. وبعضهم يخفي عند الخاء والغين. والإدغام عند ستة أحرف، حرفان بلا غنّة، وهما اللام والراء، وأربعة بغنة، وهي: النون، والميم، والياء، والواو. والإقلاب عند حرف واحد، وهو الباء بقلب النون ميماً في نحو قوله تعالى "قال يا آدم أنبئهم بأسمآئهم" (البقرة 33). ويقلب التنوين ميماً في نحو قوله تعالى "صم بكم عمي فهم لا يرجعون" (البقرة 18). والاخفاء يكون عند بقية حروف المعجم العربي، وهو حالة بين الادغام والاظهار، ولا بد من الغنة معه.
https://telegram.me/buratha