الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قال الله تعالى "وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ (1) وَ طُورِ سِينِينَ (2)" (التين 1-2) التِّينِ و الزَّيْتُونِ ثمرتان معروفتان، و اختلف المفسّرون في المقصود بالتين و بالزيتون، هل هما الفاكهتان المعروفتان أم شيء آخر. بعضهم ذهب إلى أنّهما الفاكهتان بما لهما من خواص غذائية و علاجية كبيرة. و بعض آخر قال: المقصود منهما جبلان واقعان في مدينتي (دمشق) و (بيت المقدس) لأنّ المكانين منبثق كثير من الرسل و الأنبياء و بذلك ينسجم هذان القسمان مع ما يليهما من قسمين بأراض مقدّسة. و قال آخرون: إنّ تسمية الجبلين بالتين و الزيتون يعود إلى وجود أشجار التين على أحدهما و الزيتون على الآخر. قوله تعالى "وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً" (الاسراء 4). كلمة (قضاء) لها عدّة معان، إلّا أنّها استخدمت هنا بمعنى (إعلام) أمّا المقصود من "الأرض" في الآية بقرينة الآيات الأخرى هي ارض فلسطين المقدسة التي يقع المسجد الأقصى المبارك في ربوعها. الآية التي تليها تفصل ما أجملته من إشارة إلى الإفسادين الكبيرين لبني إسرائيل و الحوادث التي تلي ذلك على أنّها عقوبة الهية فتقول: "فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما" (الاسراء 5) و ارتكبتم ألوان الفساد و الظلم و العدوان "بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ" (الاسراء 5). و هؤلاء القوم المحاربون الشجعان يدخلون دياركم للبحث عنكم: "فَجاسُوا خِلالَ الدِّيار" (الاسراء 5)ِ. و هذا الأمر لا مناصّ منه: "وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا" (الاسراء 5). ثمّ تشير بعد ذلك إلى أنّ الإلطاف الإلهية ستعود لتشملكم، و سوف تعينكم في النصر على أعدائكم، فتقول: "ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً" (الاسراء 6). و هذه المنّة و اللطف الإلهي بكم على أمل أن تعودوا إلى أنفسكم و تصلحوا أعمالكم و تتركوا القبائح و الذنوب لأنّه: "إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها" (الاسراء 7). إنّ الآية تعبّر عن سنّة ثابتة، إذ أن محصلة ما يعمله الإنسان من سوء أو خير تعود إليه نفسه، فالإنسان عند ما يلحق أذى أو سوءا بالآخرين، فهو في الواقع يلحقه بنفسه، و إذا عمل للآخرين، فإنّما فعل الخير لنفسه، أمّا بنو إسرائيل، فهم مع الأسف لم توقظهم العقوبة الأولى، و لا نبهتهم عودة النعم الإلهية مجددا، بل تحركوا باتجاه الإفساد الثّاني في الأرض و سلكوا طريق الظلم و الجور و الغرور و التكبّر. تقول الآية في وصف المشهد الثّاني أنّه حين يحين الوعد الإلهي سوف تغطيكم جحافل من المحاربين و يحيق بكم البلاء الى درجة أنّ آثار الحزن و الغم تظهر على وجوهكم: "فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ" (الاسراء 7). بل و يأخذون منكم حتى بيت المقدس: "وَ لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ" (الاسراء 7). و هم لا يعكفون بذلك، بل سيحتلّون جميع بلادكم و يدمرّونا عن آخرها: "وَ لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً" (الاسراء 7) و في هذه الحالة فإنّ أبواب التوبة الإلهية مفتوحة: "عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ" (الاسراء 8). "وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا" (الاسراء 8) أي إن عدتم لنا بالتوبة فسوف نعود عليكم بالرحمة، و إن عدتم للإفساد عدنا عليكم بالعقوبة. و إذا كان هذا جزاؤكم في الدنيا ففي الآخرة مصيركم جهنم: "وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً" (الاسراء 8).
تكملة للحلقة السابقة جاء في موقع الدكتور منصور العبادي عن فلسطين هي الأرض المقدسة والمباركة: وما قوم لوط منكم ببعيد: أما لوط عليه السلام فقد استقر في مدن المؤتفكات وهي سدوم وعمورة والتي تقع جنوب البحر الميت في غور الأردن وعلى بعد عدة عشرات من الكيلومترات إلى الجنوب الشرقي من مدينة الخليل حيث يسكن عمه إبراهيم عليه السلام. ولما أرسل الله عز وجل ملائكته لإنزال العذاب بقوم لوط مروا على ابراهيم عليه السلام ليبشروه باسحاق وليخبروه أيضا بإهلاكهم قوم لوط. وحاول عليه السلام بما أودع الله عز وجل في قلوب الأنبياء من رحمة أن يثنيهم عن ذلك كما جاء ذلك في قوله تعالى "فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76)" (هود 74-76). وقد أشار القرآن الكريم إلى المكان الذي كان يسكنه قوم لوط وأنه في فلسطين وليس بعسير أو الحبشة حيث ذكر أن تجار قريش كانوا يمرون على القرى الهالكة التي كانت في طريق تجارتهم و وذلك في قوله تعالى "وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)" (الصافات 137-138). وكذلك ذكر شعيب عليه السلام أهل مدين التي تقع مدينتهم شمال الجزيرة العربية بالعذاب الذي حل بالأقوام السابقة وكان أخرهم وأقربهم قوم لوط كما جاء في قوله تعالى "وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ" (هود 89). وباركنا عليه وعلى إسحاق: عاش إسحاق مع أبيه إبراهيم عليهما السلام في مدينة الخليل ورزق بإبنين وهما عيسو (العيص) ويعقوب أو إسرائيل وبأمر من الله عز وجل بارك إسحاق ابنه يعقوب لتكون في ذريته النبوة والكتاب كما جاء في قوله تعالى "وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)" (الصافات 112-113) وقوله تعالى "وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ" (الأنبياء 72). ويعتبر يعقوب وليس إسحاق عليهما السلام أبا اليهود أو بني إسرائيل وهم ذرية أولاد يعقوب الأثني عشر بعدد أولاد إسماعيل عليه السلام. وتوفي إسحاق عليه السلام في الخليل ودفن مع أبيه بينما عاش يعقوب في الخليل إلى أن هاجر مع جميع أبنائه إلى مصر بعد أن أصبح ابنه يوسف عليه السلام عزيزا لمصر كما جاء في قوله تعالى "فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ" (يوسف 99). ومات يعقوب عليه السلام في مصر وأوصى بأن يدفن عند أبيه وجده عليهما السلام فأمر يوسف عليه السلام بتحنيطه ونقله إلى مدينة الخليل حيث دفن في نفس مغارة الحرم الابراهيمي.
جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: الآيات التي جاءت في سورة المائدة وهي قوله تعالى: "وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين" إلى قوله تعالى: "قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين" (المائدة 20-26). ويلاحظ في هذا المقطع: اولا: انه جاء في سياق دعوة عامة لأهل الكتاب إلى الايمان بالرسول الجديد، مع إيضاح حقيقة رسالته، ومناقشة ما يقوله اليهود والنصارى وإقامة الحجة عليهم بذلك، إذ يختم هذا السياق بقوله تعالى: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير، فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير" (المائدة 19). ثانيا: إن المقطع يكتفي بأن يذكر دعوة موسى لقومه إلى دخول الأرض المقدسة حيث كان دخولها منتهى آمالهم، ولكنهم يأبون ذلك فيكون مصيرهم التيه أربعين سنة. وعلى أساس هاتين الملاحظتين يمكن أن نستنتج: أن القرآن الكريم يبدو وكأنه يريد أن يذكر أهل الكتاب ويفتح الطريق أمامهم ليحققوا أهدافهم الصحيحة من وراء الدين والشريعة بدخولهم دعوة الاسلام، ولا يكون موقفهم كموقف قوم موسى حين دعاهم إلى دخول الأرض المقدسة، مع أنها أمنيتهم وهدفهم، فتفوتهم الفرصة السانحة ويصيبهم التيه الفكري والعقائدي والاجتماعي في عصر نزول الرسالة، كما أصابهم التيه السياسي والاجتماعي من قبل. ومن هنا نعرف السر الذي كان وراء اكتفاء القرآن الكريم بذكر هذا الموقف الخاص لبني إسرائيل دون غيره لأنه هو الذي يحقق هذا الغرض، خصوصا إذا عرفنا أن هذه القصة مما يؤمن به اليهود والنصارى. كما أن هذا الجانب من القصة لم يذكر في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع.
عن الشيخ عبد الحافظ البغدادي في صفحة براثا الالكترونية: المسجد الاقصى عند المؤرخين لا يعني المكان الذي تجرى فيه الصلاة فقط بل هو مكان عليه سور كبير ذو ابواب بداخله محاريب وساحات واماكن استراحة واسطبلات للخيول وغيرها. ولكن اشتهر المسجد بقبته المنصوبة على المبنى المثمن الاركان. ويروي احبار اليهود الذين اسلموا ان اول من صلى عندها ادم عليه السلام وابراهيم عليه السلام اتخذ عندها معبدا ومذبحا، وعليها اقام يعقوب عليه السلام مسجده بعد ان رأى عمودا من النور فوقها، كما ان يوشع عليه السلام نصب عندها قبة الرمان، او خيمة الاجتماع التي صنعها موسى عليه السلام في التيه ليتلقى فيها الوحي، وليؤدوا فيها بنوا اسرائيل فرائضهم. وان المسجد الاقصى كان موجودا وقت الاسراء كما يقول تعالى عن لسان موسى عليه السلام "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ" (المائدة 21) وقال "سبحان الذين اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله" وقال "ونجيناه ولوطا الى الارض التي باركنا فيها للعالمين" (الانبياء 71) وقال "ولسليمان الريح عاصفة تجري بامره الى الارض التي باركنا فيها" (الانبياء 81). يبدو من خلال القران الكريم ان المسجد الاقصى كان موجودا منذ زمن ادم عليه السلام وهنالك سياج (سور) يحيط بكل البنى الموجودة على المساحة المخصصة للمسجد كمسجد الرسول الان. هذا السور له 15 بابا، منها عشرة ابواب مفتوحة وخمسة مغلقة، الابواب المفتوحة هي باب الاسباط وباب حطة وباب العتم على السور الشمالي، وباب المغاربة والغوانمة والناظر والحديد والمطهرة والقطانين وباب السلسلة على السور الغربي للمسجد، وتستعمل حاليا من قبل المصلين المسلمين باستثناء باب المغاربة. عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال (لا تزال عصابة من امتي يقاتلون على ابواب دمشق وما حوله، وعلى ابواب بيت المقدس وما حوله، لا يضرهم من خذلهم ظاهرين على الحق الى ان تقوم الساعة).
https://telegram.me/buratha