الدكتور فاضل حسن شريف
عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن أبي يوسف البزاز قال: تلا أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية: "واذكروا آلاء الله" (الاعراف 68) قال: أتدري ما آلاء الله؟ قلت: لا، قال: هي أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا. جاء في موقع دار السيدة رقية للقرآن الكريم عن مراجعات قرآنية (اسئلة شبهات وردود) للسيد رياض الحكيم: "فباي آلاء ربّكما تكذبان" لماذا كررت الآية أكثر من مرة؟ ج ـ كأنه من باب التذكير بالنعم الإلهية الوفيرة، وتأكيد الحجة على الخلائق ليشكروها بمعرفة ربّهم والخضوع والطاعة له. وعن موقع أهل البيت: سورة الرحمن عروس القرآن: وجه الشبه في تسمية سورة الرحمن بعروس القرآن، فجميع آيات وسور القرآن تتلألأ وقد اعتمرت بمظاهر الزينة والبهجة والنعيم وهن يُحطِن سورة الرحمن المباركة التي قد ضمت في كنفها صور النعم والآلاء ومظاهر اللطف الرباني وألوان النعيم والسرور وعجائب الخلق والابداع والانشاء الإلهي الذي منّ به الله عز وجل على الإنسان في دار الدنيا أو ما سيجده العبد الصالح في غده الآتي الذي سيخلد فيه بعد أن ينتقل إلى دار الآخرة عبر قطار الموت، ثم يذكّر الله عز وجل عباده بعد أن يستعرض لهم نعمه عليهم فيقول جل جلاله: "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" (الرحمن 13) تذكيراً منه تعالى بعظيم نعمه وجليل آلائه، فتبدو هذه السورة وقد حملت في كنفها الوجه الواقعي للزينة. وعن قصة نبي الله هود عليه السلام يقول الدكتور محمد حسين علي الصغير: جادلهم هود في الله، وأبلغ في الدعوة والدعاء، وذكّرهم بآلاء الله "لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الاعراف 69). وحذرهم هود ما أستطاع إلى ذلك سبيلاً، ولكنهم ركبوا رؤوسهم، واتبعوا أهواءهم، وتركوا العقل جانباً، واستعجلوا العذاب. وما زالت البشرية تتمتع بنعم الله الطائلة، وتتقلب في ألطافه العميمة، وهي تكذب بآيات الله، وتجحد آلاء الله فيمسهم العذاب الأليم، حتى أنعم الله على الانسانية بالرسالة الحنيفية الغراء.
قال الله تعالى "فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ" ﴿النجم 55﴾ تتمارى فعل اي تتشكك وتكذب. جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (آلاء) "آلاء الله" (الاعراف 68) ( الاعراف 73) أي نعم الله واحدها إلى بالحركات الثلاث، وألى إذا حلف، قال تعالى: "للذين يؤلون من نسائهم" (البقرة 26) وإلا، ولازمة الال الحلف والعهد. وآلاء الله عز وجل، والآل الجوار "ولا يأتل أولوا الفضل" (النور 22) يفتعل من الآلية أي يحلف، ويقال أيضا يفعل من قولهم ما آلوت جهدا أي ما قصرت و "لا يألونكم خبالا" (ال عمران 118) لا يقصرون لكم في الفساد. قال عزت آلاؤه قال تعالى "فبأي آلاء ربك تتمارى" (النجم 55) أي تشكك أيها الانسان، و "الممترين" (البقرة 147) (الانعام 114) (يونس 94) (ال عمران 60) الشاكين، و "مرية" (هود 17) (هود 110) (الحج 55) (السجدة 23) (فصلت 54) شك. جاء في موقع المودة: أمّا في سورة الرحمن فهذا التعبير له خصوصية: "فبأي آلاء ربّكما تُكذّبان" هذا العنوان (آلاء الله) قطعاً رمز فالقرآن مشحونٌ بالرموز، والقرآن أهمّ أسراره: رموزه وعلى أساس رموزه نستطيع أن نفهم الحقائق القرآنية، وهذهِ الرموز يُحدّثنا عنها سيّد الأوصياء في كتاب الاحتجاج فيقول: (وإنّما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمُها غيره وغيرُ أنبيائه وحُججه في أرضه لعلمه بما يُحْدثه في كتابه المُبدّلون) هناك رموز تبتني عليها هندسة القرآن ومِن خلال هذهِ الرموز نستطيع أن نستكشف المَعاني والحقائق. فعنوان آلاء الله جاء مذكوراً في سورة الأعراف مرّتين، مرّة في خطاب من النبي هود لقومه عاد يُطالبهم أن يذكروا آلاء الله، ومرّة في قوم ثمود نبيّهم صالح يُطالبهم أن يذكروا آلاء الله.. وهذا يعني أنّ قوم عاد لا يذكرون آلاء الله، ولكنّهم على معرفة بها ولذلك يُطالبهم نبيّهم أن يذكروا آلاء الله، وكذلك الأمر بالنسبة لقوم صالح. فآلاء الله عند قوم عاد وعند قوم ثمود ولكنّهم في حالة إعراض عن آلاء الله هذه.
عن كتاب تفسير التبيان للشيخ الطوسي: قوله تبارك وتعالى "وَ اذكُرُوا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ عادٍ وَ بَوَّأَكُم فِي الأَرضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِها قُصُوراً وَ تَنحِتُونَ الجِبالَ بُيُوتاً فَاذكُرُوا آلاءَ اللّهِ وَ لا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدِينَ" (الاعراف 74) في هذه الآية حكاية لقول صالح عليه السلام لقومه بعد أن أمرهم بعبادة اللّه وحده لا شريك له، و نهيه إياهم أن يمسوا الناقة بسوء، و حذرهم من المخالفة الّتي يستحق بها العذاب المؤلم. و قوله "تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِها" فالسهل ما ليس فيه مشقة علي النفس من عمل أو أرض، يقال: السهل و الجبل، و أرض سهلة. و قوله "قصوراً" جمع قصر، و هو الدار الكبيرة بسور تكون به مقصورة. و أصله القصر ألذي هو الجعل علي منزلة دون منزلة. و قوله "وَ تَنحِتُونَ الجِبالَ بُيُوتاً" فالجبل جسم عظيم بعيد الأقطار عال في السماء، و يقال: جبل الإنسان علي كذا أي طبع عليه، لأنه يثبت عليه لصوق الجبل، و المعني انهم كانوا ينحتون في الجبال سقوفاً كالأبنية، فلا ينهدم، و لا يخرب، "فَاذكُرُوا آلاءَ اللّهِ" معناه تفكروا في نعمه المختلفة كيف مكنكم من الانتفاع بالسهل و الجبل "وَ لا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدِينَ" (الاعراف 74) معناه لا تضطربوا في الإرض مفسدين. جاءت كلمة آلاء في آيات قرآنية حيث قال الله عزت آلاؤه "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ" (الرحمن 17)، و "أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ﴿الأعراف 69﴾، و "وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" (الاعراف 74)، و "فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ" ﴿النجم 55﴾. وعليك بذكر الله عندما تنبسط الحياة لك "وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ" (الاعراف 69) و"وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ" (الاعراف 69)، و"وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ" (الاعراف 74)، و"فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ" (الاعراف 74)، و"وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ" (الاعراف 86). في خطبة للزهراء عليها السلام (الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نِعَمٍ ابتداه، وسبوغ آلاء أسداه، وتمام منن أولاه، جمّ عن الإحصاء عدده، ونأى عن الجزاء أمده، وتفاوت عن الإدراك أبده، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصاله، واستحمد إلى الخلائق بإجزاله، وثنى بالندب إلى أمثاله).
ومن آلاء الله المذكورة في سورة الرحمن أن الارض تابعة للمجموعة الشمسية وهي سبب العيش، بالاضافة أن الشمس والقمر للحساب فالارض لحساب الأيام والقمر لحساب الأشهر "وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ" (يس 30) لتحديد رمضان والحج وغير ذلك. ومن نعم أعتبار الأشهر القمرية أن الشهر يتغير كل سنة فمرة يصبح في الشتاء ومرة في الصف لتحصل عدالة في الصيام بين اماكن الكرة الارضية. هنالك تفسيران للنجم في سورة الرحمن "وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ" (الرحمن 6) الاولى النجم الفلكي والثاني النجم النباتي بدون ساق وهو الأقرب للآية الشريفة لوجود الشجر الحاوي على ساق. والسجود هنا ليس المقصود به سجود الصلاة المعروف وانما بمعنى الخضوع لله تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ" (الحج 18). والمقصد ب "ربكما" في آية الآلاء "فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" راجعة الى الثقلان "سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ" (الرحمن 31) والثقلان هما الانس والجان. فالذي يكفل اليتيم سيكون اليتيم يوم القيامة شاكرا له لما تفضل عليه من نعم في الدنيا. فكيف برب العالمين الذي وفر كل الآلاء أو النعم ومنها ما ذكرت في سورة الرحمن. فالله تعالى يذكرنا بهذه النعم فما علينا الا الخضوع والطاعة. وكرر رب العباد الآلاء أو النعم مرات عديدة في سورة الرحمن يذكرنا لتكون حجة على عباده "رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ" (النمل 19). قال الله عزت آلاؤه عن نضاختان"فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ" ﴿الرحمن 66﴾ نضاختان صفة، ضاختان: فيَّاضتان، فوّارتان، لا ينقطع ماؤهما، و النضخ من فَور الماء من العين و الجَيَشان، و النضّاخ: المطر الشديد، فيهما عينان فوَّارتان بالماء لا تنقطعان. عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: في الآية اللاحقة يصف الجنّة وصفا إضافيا حيث يقول سبحانه: "فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ" ﴿الرحمن 66﴾"نضّاختان" من مادّة نضخ بمعنى فوران الماء. و مرّة اخرى يسأل سبحانه عن الإنس و الجنّ سؤالا استنكاريا فيقول: "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ" (الرحمن 67).
جاء في کتاب من هدى القرآن للسيد محمد تقي المدرسي: إن التكذيب بآيات الله ونعمائه ليس فقط خيبة أمل في الدنيا، بل خسارة عظمى في الآخرة. وهكذا تنذرنا الآيات من عاقبة التكذيب يوم الحساب العظيم، فأنى يمكن أن نهرب من حكومته؟ هب أننا نفذنا من أقطار السماوات والأرض، فهل ننفذ إلا بسلطان منه؟ أفلا نحسب حساب شواظ النار والنحاس، فهل نقدر على مقاومتها؟ فلماذا إذن التكذيب بآلاء ربنا الغني العزيز؟ فيوم تنشق السماء وتتحول حمراء كأنها وردة، أنى يمكن التكذيب بآلاء الرحمن؟"سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38)" (الرحمن31- 38) كالدهان: كالدهن، أي عذاب سيّال كالدهن، أحمر كالنار. إن السماء هذا السقف العظيم الذي يحفظ الناس ويظلهم تفقد تماسكها يوم القيامة، ويتبدل لونها من الزرقة إلى الحمرة تشبه في ذلك الوردة الحمراء،"وَانشَقَّتْ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَة " (الحاقة 16) ثم تذوب وتسيل"يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ" (المعارج 8)، حتى تُضحى دهانا، وهو ما يستخرج من الورد بعد غليه وعصره."فَإِذَا انشَقَّتْ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ" (الرحمن 37) لعل سبب تشبيهها بالوردة لأنها ليست قطعة واحدة، بل عدة قطع منشقة عن بعضها، ذات صبغة حمراء أو لون آخر، يجمعها الأصل.
https://telegram.me/buratha