الدكتور فاضل حسن شريف
ان المسير جماعات وليس فرادا امتدحها القرآن الكريم قال الله تعالى "لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ ۚ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ" (البقرة 198)، و"ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (البقرة 199) من معاني الافاضة السير جماعات اي كتلة بشرية متراصة كما في حالة الحجيج ومشاة اربعين الحسين عليه السلام، تسير مسبحة لله مستذكرة ابي الشهداء عليه السلام، عكس الافراد حتى لا يميز احد عن الاخر نتيجة اللون والفقر والغنى وغير ذلك من الحالات التي تفرق ولا تجمع المؤمنين"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة " (الحجرات 10)، والتقوى هي المطلوبة في رضا واكرام الله سبحانه"إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات 13). وهكذا فان مسيرة الحسين عليه السلام تجمع ولا تفرق وتجعل السائرين اخوة متحابين بقيم الحسين ومحبته مما يجلب رضا الله تعالى ومحبته. أن مراقد اهل البيت هي نبراس وشوق دائم لاتباعهم. زيارة الأربعين هي رسالة السلام حيث تجتمع أطياف من اعراق مختلفة بدون تمييز بل يجمعهم الحب والاخاء. فمن الذي جمعهم؟ انه حب الحسين عليه السلام.
أن لأشهر السنة ضيافات، روى الصدوق بسند معتبر عن الرضا عليه افضل الصلاة والسلام عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه واله خطبنا ذات يوم فقال: يا ايها الناس انه قد أقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعائكم فيه مستجاب فسلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه وتصدقوا على فقرائكم و مساكينكم. فكما شهر رمضان هو شهر ضيافة الله سبحانه فان شعبان شهر ضيافة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم. وروى عن الصّادق عليه السلام انّه قال: كان السّجاد عليه السلام إذا دخل شعبان جمع أصحابه وقال عليه السلام: يا أصحابي أتدرون ما هذا الشّهر، هذا شهر شعبان وكان النّبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: شعبان شهري، فصوموا هذا الشّهر حُبّاً لنبيّكم وتقرّباً الى ربّكم، أقسم بمن نفسي بيده لقد سمعت أبي الحسين عليه السلام يقول: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: من صام شعبان حُبّاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقرّباً الى الله أحبّه الله وقرّبه الى كرامته يوم القيامة وأوجب له الجنّة. اما عن شهر محرم قال الرضا عليه السلام (إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا) لذلك يطلق على محرم شهر الشهادة وصفر شهر التبليغ. قال الله عز وجل"وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَة " (المائدة 35) فأي وسيلة افضل من سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام وخاصة في شهري الشهادة والتبليغ محرم وصفر والذي نزلت فيه الآية الكريمة "قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" (الشورى 23).
ورد المشي ومشتقاته في آيات قرآنية منها قوله تبارك وتعالى "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ" ﴿لقمان 19﴾، و"يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ﴿البقرة 20﴾، و"أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ﴿الأنعام 122﴾، و"أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ" ﴿الأعراف 195﴾، و"وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا" ﴿الإسراء 37﴾، و"قُل لَّوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولًا" ﴿الإسراء 95﴾.
عن محمد بن عبدالله الحمري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبدالله بن حماد البصري، عن عبدالله بن عبد الرحمان الاصم، عن أبي يعقوب، عن أبان بن عثمان، عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام يا زرارة إن السماء بكت على الحسين عليه السلام أربعين صباحاً بالدم، وإن الأرض بكت اربعين يوماً بالسواد، وإن الشمس بكت أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة، وإن الجبال تقطعت وانتثرت، وإن البحار تفجرت، وإن الملائكة بكت أربعين صباحاً على الحسين عليه السلام. (مستدرك الوسائل ج-10 ص313، بحار الأنوار ج-ص14ص183 وج -45 ص 206 -215، مناقب – ابن شهر آشوب ص212، العوالم ص 471، تفسير الصافي ج-4 ص 407، تفسير الآصفي ج-2 ص1154، تفسير نور الثقلين ج-4 ص 628).
https://telegram.me/buratha