الدكتور فاضل حسن شريف
عن کتاب مستند تحرير الوسيلة اللسيد مصطفى الخميني: لا يبعد ظهور الكتاب "لَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" (البقرة 27) والسنة في: أنه محرم تكليفا كالقمار، بل لو كان المحرم فيه التصرف في مال الغير كسائر المعاملات الفاسدة، فلا وجه لقوله تعالى: "فأذنوا بحرب من الله" (البقرة 279) ولاسيما لو كان من الموارد الحاصل فيها الطيب التقديري. وقد يشكل: بأن المحرم الذي لا يبعد كونه أشد من عشرين زنية، بل ثلاثين زنية كما يأتي في الكتاب، هو الربا وهو الزيادة بعنوانها لا بعنوان التصرف في مال الغير، فكون نفس المعاملة الربوية محرمة، غير معلوم، ولاسيما على مختار جماعة، من صحة أصل المعاملة، كما لا يخفى.
جاء في کتاب الصوم للسيد مصطفى الخميني: أن الجاهل بحكم وقوع صوم غير رمضان في رمضان، إذا قصد الصوم القربي غدا، يصح صومه، وهكذا الجاهل بالموضوع، والسر كل السر ما عرفت منا في كبرى المسألة، فيتضح بذلك سائر الفروع، ولا نطيل البحث حولها، لعدم الحاجة إليها، وربما يشكل، تصحيح ما في العروة صدرا وذيلا، فتأمل. الجهة السابعة: حول مقتضى الاصول العملية عند الشك في اعتبار قصد التعيين في شهر رمضان فالذي هو الحق: أن إطلاق أدلة شهر رمضان يكفي لرفع اعتبار القيد الزائد، فقوله تعالى: "كتب عليكم الصيام" (البقرة 183) ناف لجميع القيود الزائدة، ولا دليل على خلافه حتى يقيد به، بل قضية كثير من الاحاديث كما اشير إلى بعض منها أن المفروض في رمضان ثلاثون، فإن قوله عليه السلام لمن نوى شعبان: هذا ما وفقت له معناه أن ما أتيت به فهو من رمضان، بعدما تبين أن اليوم من رمضان، وأنت صمت فيه قربة إلى الله تعالى. أن الشك في الامتثال ناشئ من الشك في أن المأمور به بالامر الرمضاني، هو الصوم القربي، أو الصوم الرمضاني القربي، فيكون القيد مجرى الاصل النافي، وليس من قبيل القيود الجائية من قبل الامر، حتى يشكل التمسك بالاطلاق والاصل. مع أن المحرر منا جواز التمسك بكليهما، فإن شئت فراجع. فما في بعض كتب أهل العصر، من الخدشة في الاصل المزبور، ناشئ من الغفلة عن حقيقة الحال، كما لا يخفى. إن قلت: ظاهر الكتاب أن المكتوب في رمضان هو الصوم المتقيد بالرمضانية، وذلك لقوله تعالى: "شهر رمضان" بعد قوله تعالى: "كتب عليكم الصيام" (البقرة 183) فإن الاية تركيبها هكذا: كتب عليكم صيام الشهر، وهو شهر رمضان فيكون المكتوب صوم شهر رمضان، وظاهره - كما تقرر فيما سبق أن الرمضانية كالظهرية والعصرية، من القيود المعتبرة الذهنية اللازم تحصيلها بالنية والقصد، وهذا هو معنى اعتبار قصد التعيين، وإلا فلا معنى لاعتبار قصد التعيين بالنسبة إلى ما لا يكون متقيدا في مرحلة الجعل والتشريع، ضرورة أن إطلاق المأمور به ثبوتا مع تعدد الامر التأسيسي، غير ممكن كما مر تفصيله، فاعتبار قصد التعيين باعتبار أخذ الخصوصية الزائدة في المأمور به تشريعا لازم. قلت: ما اشير إليه أخيرا حق لا مرية فيه، وما اومئ إليه في ابتداء الكلام محل المناقشة والاشكال، ضرورة أن أخذ قيد الرمضانية في المأمور به، يحتاج إلى العناية الزائدة على هذا المقدار. مثلا: إذا نذرنا صوم يوم الجمعة، فهو لا يورث إلا لزوم الامساك في تلك القطعة من الزمان، بخلاف ما إذا نذرنا صوم الوصال، فإنه لا يتحقق بمجرد الامساك المنتهي إلى الوصال تكوينا، من غير قصده. ومر أن الصيام وغيره من العناوين المضافة إلى الازمان، لا يفيد إلا لزوم تحققها في ذلك الزمان، فإن كان الزمان قابلا للاشتراك، فلابد من أخذ الزمان قيدا في المأمور به، وإلا فلا، وإن كان القيد المزبور دخيلا في الملاك، فلابد من تحصيله على الاطلاق، وإلا فلا. فعلى هذا، دلالة الكتاب الشريف على تقيد المأمور به بالامر الصيامي في شهر رمضان، ممنوعة، ولا سيما بعد انضمام الادلة المذكورة سابقا إليه، المنافية لاعتبار القيد المزبور، فافهم وتدبر.
جاء في کتاب ثلاث رسائل العوائد والفوائد للسيد مصطفى الخميني: خرج أبو عبد الله عليه السلام من المدينة في أيام بقين من شهر شعبان، فكان يصوم، ثم دخل عليه شهر رمضان، وهو في السفر فأفطر فقيل له: أتصوم شهر شعبان، وتفطر شهر رمضان؟ فقال: نعم شعبان إلي، إن شئت صمت، وإن شئت لا، وشهر رمضان عزم من الله تعالى على الافطار. والخبر مضافا إلى دلالته على جواز الصوم في السفر، وهو غير مفتى به، لا يدل على عدم صالحية الشهر للحاضر، الذي يجوز له ترك صوم الشهر، كالشيخ والشيخة وغير ذلك. وفي المرسل الثاني، قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فيما بين مكة والمدينة في شعبان، وهو صائم، ثم رأينا هلال شهر رمضان، فأفطر، فقلت له: جعلت فداك أمس كان من شعبان، وأنت صائم، واليوم من شهر رمضان، وأنت مفطر؟ فقال: إن ذلك تطوع، ولنا أن نفعل ما شئنا، وهذا فرض، فليس لنا أن نفعل إلا ما امرنا. وهذا الخبر كأنه الخبر السابق، ولاسيما مع وحدة الراوي. وبالجملة: ظاهر الخبرين أن النظر إلى الكتاب، وأنه تعالى قال "فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر" (البقرة 185) وأن الصوم على إطلاقه يكون كذلك، وأما الحاضر، فحكمه مسكوت عنه، فلو بنى على العصيان، فصام بعنوان آخر، فربما يمكن تصحيحه على الترتب، على التقريب الذي أبدعناه، دون الترتب المصطلح عليه.
وعن کتاب الصوم للسيد مصطفى الخميني: في الاشكال على وقوع سائر أنحاء الصوم عن رمضان يوم الشك ومن هنا يظهر الاشكال في الاتيان بسائر الصيام يوم الشك في وقوعه عن رمضان، وإن كان يصح عن نفسه، إلا على القول بعدم تحمل رمضان لصوم غير صومه، فإنه لا يصح حينئذ عن نفسه أيضا. ولكن بعد اللتيا والتي، إذا تم سند الاخير فلا قصور إنصافا في دلالته على أن الصوم الواجب في رمضان، معنى قابل للانطباق على مطلق الصوم. وقوله تطوعا وهو لا يعلم لا يدلان على شئ، بل اخذا لانهما المتعارفان خارجا. بل قد مر منا الاشكال في الاية الشريفة "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة 185) من دلالتها على أن المأمور به عنوان صوم رمضان. وأما الاحاديث فهي خلية عن ذلك إلا خبر الزهري السابق، فإنه قد عد الصيام الواجب، وفيه صوم شهر رمضان (3)، الظاهر في أن الواجب هو الصوم المتنوع، وأن القيد لا بد من تحصيله بالنية، لانه من القيود الذهنية. فإن استندنا إليه لذلك، فلنا الاستناد إليه بأنه يدل على خلافه نصا. وإن استشكل في سنده فلا دليل على أن صوم رمضان مورد الامر، لان قوله تعالى: "ومن شهد منكم الشهر فليصمه" (البقرة 183) لا يفيد أن الواجب هو صوم رمضان، بل يفيد أن الواجب هو الامساك في الشهر، وإمساك الشهر بالحمل الشائع، لا قصدا ونية يجتمع مع سائر الامساكات المتنوعة.
https://telegram.me/buratha