الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في موقع الزيدي عن عقيدة الخلود في ميزان الثقلين (كتاب الله – أهل البيت): قال الله تعالى: "فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (البقرة 37) الشّاهد: هُنا تأمّل آدمَ صلوات الله عليه عندما عصى الله وأكل من الشجرَة التي نَهاهُ عنها، تأمّل الفرق بين حالِه وحال إبليس، إبليس عصى الله وأبى أن يسجُد لآدَم، وآدَم عصى الله تعالى وأكل من الشجرَة التي نهاهُ الله عنها، فأخرجَ الله آدَم وأودعَه الأرض، الجدير بالذّكر هُنا أنّ الله رضيَ على آدَم ولم يرضَ عن إبليس، مع أنّهما اشتركا في عصيان الله تعالى، لماذا؟ لا سبَب، إلاّ التوبَة، فآدَم عليه السلام قطعَ غضبَ الله تعالى عليه بالتوبة والرّجوع والإنابَه، "فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ"، وكلمات آدم كانت عبارة عن استغفار، وأمّا إبليس فلم يقطَع غضبَ الله تعالى عنه بل زادَ في عنادِه طاغياً في الأرض، فالتوبَة إذاً شرطُ انقطاع غضب الله تعالى، يقول الله تعالى في حق نبي الله يونس عليه السلام: "فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (الصافات 143-144)، فكان تسبيحُ يونس عليه السلام سببٌ في إطفاء غضب الله تعالى عليه، هذا ويونس عليه السلام لم يَفعل إلاّ صغيرَةً بغير تعمّد، وذلكَ أنّه استعجَل قومه بالتوبَة والرّجوع إلى الله فخرجَ من قريتهِم غيرَ مأذونٍ له من الله ظانّاً أن الله لن يغضبَ عليه، قال تعالى: "وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" (الأنبياء 87)، فتوبة آدم ويونس صلوات الله عليهما قطَعَت عنهما غضب الله تعالى، وإلاّ لكانوا ممّن غضبَ الله عليهم إلى يوم الدّين، وذنوبهم صغائر، فكيفَ بأصحاب الكبائر المُشركين والقتلَة والزنّاة وأصحاب الرّبا من أصحاب القِبلَة ممّن ماتوا وهم مُصرّون غير تائبون؟ هل نتوقّع أن ينقطِعَ غضبُ الله عليهِم في الآخرَة بدون توبَة، ومعلومُ أنّ التّوبة محلّها الدّنيا؟ فكيف أخي وآيات الوعيد تُخبرُ بحالهِم الخالد الأبدي يوم القيامَة؟، اللهمّ صلّ على محمد وآل محمّد.
عن موقع عرفان: بعد أن أخرجت عقائد الزيدية من كتاب البحر الزخار، وقفت على رسالة مختصرة باسم العقد الثمين في معرفة ربّ العالمين لموَلّفه العلامة الاَمير الحسين بن بدر الدين محمد المطبوع باليمن، نشرته دار التراث اليمني صنعاء، و مكتبة التراث الاِسلامي بصعده وهي من أوائل الكتب الدراسية في حقل أُصول الدين والموَلّف من أجلّ علماء الزيدية، وأكثرهم تأليفاً وتعد كتبه من أهم الاَُصول التي يعتمد عليها علماء الزيدية ويدرسونها كمناهج. فصل (في آيات الصفات) فإن قيل: إنّه قد ذكر في القرآن: "يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ" (المائدة 64)، وإنّ له جنباً، وعيناً، وأعيناً، ونفساً، وأيدٍ، لقوله: "مِمّا عَمِلَتْهُ أَيْدِينا" (يس 71) ووجهاً. فقل: يداه نعمتاه، ويَدُهُ قُدْرَتُه، والاَيدي هي: القدرة، والقوة أيضاً. وجنباً في قوله تعالى: "يَاحَسْرَتى عَلَى مَافَرَّطْتُ فِيْ جَنْبِ اللّه" (الزمر 56)، أي: في طاعته. ونفساً في قوله تعالى: "تَعْلَمُ مَا فِيْ نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ" (المائدة 116)، المراد به: تعلم سرّي وغيبي، ولا أعلم سرّكَ وغيبك. ووجهه: ذاته، ونفسه: ذاته، وقوله تعالى: "فَثَمَّ وَجْهُ اللّه" (البقرة 115)، أي الجهة التي وجّهكم إليها. وما ذكر من العين والاَعين فالمراد به الحفظ والكَلاءَة والعلم. وقوله: "اسْتَوى عَلَى العَرْشِ" (الاَعراف 54)، استواوَه: استيلاوَه بالقدرة والسلطان، ليس كمثله شيء، ولا يشبهه ميّت ولا حي.
جاء في موقع الزيدي عن عقيدة الخلود في ميزان الثقلين (كتاب الله – أهل البيت): قال الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (البقرة 159-160) الشّاهد: تأمّل أخي الباحث على ضوء الآيتين السّابقتَين، حالَ مَن كتمَ علماً أعطاهُ الله إيّاه، أو دلّسَ فيه على النّاس، ما سيكون مآلُه؟ يقولُ الله تعالى عن حالِه ومآلِه: "أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ"، في الدّنيا وبعدَ الممات إن ماتَ غير تائب، دعكَ من أعظم اللّعنات وأكبرها، نعني لعنةِ الله لمَن هذا حاله من النّاس، وتأمّل قول الله تعالى: "وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ"، أليس الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم سيكونُ أوّلُ اللّاعنينَ لمَن يَلعنُهم الله تعالى ؟! فمَن ماتَ وهُو مُصرٌّ على كتم العلم، أو التدليس فيه على طالبيه، فقد ارتكبَ كبيرةً من الكبائر، واستحقّ لعنَة الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم في الدّنيا والآخرَة، وإنّما قُلنا أنّه مُستحقٌّ للعنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الآخرَة لمكان الموت مع الإصرار على هذه الكبيرَة، والله تعالى لم يَستثنِ من استحقاقيّة اللعن لمَن هذا حالُه: "إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"، ومعلومٌ أنّ كاتم العلم، والمُدلّس على النّاس، مُستحقٌّ لعن الله والرّسول وسائر المؤمنين في الدّنيا، فمتى ماتَ مُصرّاً غير تائب، فإنّه يظلّ مُستحقّاً للعنة الإلهيّة والمحمديّة، "وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً"، نعم ! وهذا الكاتم للعلم المُصرّ عليه، المُستحقّ للعنة الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرَة، كيفَ يظنّ المُخالفُ أنهُ سيشفَعُ له يوم القيامَة، ويُخرجُه من النّار إلى الجنّة والنّعيم؟، والله سُبحانه وتعالى لم يَستثن من اللّعنة إلاّ التائبين، قال جلّ شأنه: "إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"، وهذا ظاهر، إذ لو شفعَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة لصاحب الكبيرة الكاتم للعلم لأكذبَ الله في قولِه: "وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى"، ولشفَعَ لشخصٍ غير مرضيٍّ عند الله تعالى، إذ المُلعون مِن قِبَل الله غيرٌ مرضيّ عندَهُ قطعاً، فإن فهمتَ مُرادَنا هُنا، فاعلَم أنّ جزاء مَن لم يتُب من الكاتمين والمدلّسين للعلوم هُو اللعنَة الخالدَة الأبديّة من الله تعالى. سلّمنا أنّ الله سيُخرجُ كاتمي العلم من أهل الإسلام من النّار (على حدّ قول المُخالف)، فأخبرونا لماذا اشترطَ الله للرحمَة بهذا العَبد لزومَ التوبَة منه والإقلاع عن هذه المعصية؟، فزيادَةُ قول الله تعالى: "إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"، زيادةٌ لا فائدَة منها، فالتوبَة ليسَت شرطٌ لرحمة الله تعالى بهذا العاصي المُرتكب للكبيرةَ، إذ أنّ الله تعالى قد يتوبُ عليهم بدون توبَة على شرط المُخالفين، فيتوبُ عليهم بشفاعة الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم ويُدخلَهُم الجّنان، ويُبدلهم مكان اللّعنة الرّحمة؟، وهذا وهمٌ ماحقُ ساحق، وإسقاطٌ من شأن وعيد الله تعالى، ومن شأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن شأن كتاب الله تعالى، ولو تأمّل المُتجرّأ على هذا القول، قول الله تعالى مُخاطباً المؤمنين: "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ" (البقرة 174-175)، وزادَ في تدبّر قوله: "وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"، وزاد في التدبّر وقرأ قوله تعالى: "فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ" مع ما سبقَ من الآية القريبة، لعلمَ حقّاً صدق مَذهب أهل البيت عليهم السلام في المسألة.
قال السيد العلامة يحيى بن عبدالله راويه الذماري عليه السلام، وهو يعدّ أنواع المعاصي: (ومنها: الرّبا المُتَوعَّد عليها بالخلود في النّيران، قال الله سبحانه: "فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 275)، لهذا تأذّن الله على صاحب هذه الكبيرة بالحرب منه ومن رسوله، ومنها القَتل والزّنا، المقرونان بالشّرك، المُهدّد عليهما بالخلود في النّار، ومضاعفة العذاب، فهذه وأمثالُها وما يُساويها من المعاصي المُتوعّد عليها بالنّار، والخلود فيها، المقيّدة بالتوبَة، فمثل هذه لابدّ فيها من التوبَة، وإلاّ كانت مُحبطَة للأعمال).
https://telegram.me/buratha