لسنا بحاجة بالعودة لمئات السنين الى الوراء لنجيب عن هذا الاستفهام، هل دعوة الامام الحسين عليه السلام كانت دعوة موت ام دعوة حياة؟
بامكاننا الاجابة عن هذا الاستفهام من خلال مجريات الاحداث الحالية، فعندما نسمع اليوم في الاعلام ومن ألسنة العلماء والنساء والرجال ان الشيعة هم الذين نصروا القضية الفلسطينية نشعر بالزهو والافتخار لاننا كنا دوما على المسار الصحيح وعلى النهج السليم وعلى الصراط المستقيم الذي يريده الله ونبيه واهل بيته صلوات الله عليهم.
فالحياة بحد ذاتها ليست هي المعيار لان الانسان يمكن ان يعيش على الهامش ولايكون له دور في الحياة او يعيش ذليلا ويموت ذليلا، لكن ان يعيش الانسان بشرف وكرامة وعزة نفس هذا هو الشيئ الصعب في هذه الحياة التي تفرض فيها القوى المتسلطة على الشعوب والحكومات التنازل عن مبادئها وقيمها من اجل لقمة العيش، وتهدد دولا بقطع المساعدة عنها فيما لو نصرت غزة.
من اين حصل الشيعة على كل هذا الشعور الانساني الذي يدفعهم لنصرة اخوانهم المسلمين في غزة ومن اين اكتسبوا الشجاعة لمواجهة قوى الظلم العالمي دفاعا عن اناس يختلفون معهم في المذهب؟؟
انه الامام الحسين عليه السلام صانع العزة والكرامة، فمن يكون مع الحسين يعيش ابد الدهر عزيزا حتى وان مات او قتل سيموت او يقتل عزيزا لانه اقتبس من امامه هذه الروح التي تمنحه القوة على مواجهة الصعاب وعدم الخنوع للظالمين والمستكبرين.
هذا هو الشرط الاول لتكوين الامة العزيزة، ان تكون ذات ارادة صلبة على تحقيق اهدافها وتطلعاتها ، وبخلاف ماتروج له ابواق اذناب الاستعمار من ان العراق مقبل على التغيير وانه معرض للضرب على يد القوى الغاشمة ، بخلاف ذلك خرج العراق من بعد حرب غزة اصلب عودا من بقية الانسظمة التي تتلقى الاوامر او يُفرض عليها الاتاوات بمئات المليارات.
العراق قدم صورة ناصعة وهو اليوم اقوى من ذي قبل ويجب ان لايتراجع عن قيمه واهدافه، وبامكانه ان يتحول بفضل الثقافة الحسينية الى اعظم دولة في المنطقة ولانه يمتلك كافة العناصر المؤهلة للدولة القوية وهي القوة السكانية والثروة الاقتصادية والطاقة الشبابية واهمها الثقافة الحسينية.
الامام الحسين عليه السلام لديه القدرة ان يحول العراق الى قوة عظمى، وربما قد يسخر من لايعرف الامام من هذا الكلام لكنه هو الكلام الاكثر واقعية ، تعالوا لنجري مقارنة بين ماحصل في العراق في زمن داعش وافغانستان في زمن طالبان وسوريا في زمن الاسد.
لقد تمكن الشعب العراقي من هزيمة داعش وتحطيم دولته، بينما لم يتمكن الجيش الافغاني من الاستمرار في مقاومة حركة طالبان سوى عدة ايام وكذلك جيش الاسد لم يستطع المقاومة سوى عدة ساعات، نستنتج من ذلك ان من يحسم الحروب في هذا العصر بالذات هي الجيوش العقائدية وليست تلك المسلحة بالدبابات والمدرعات.
فالعراق اليوم يمتلك اقوى جيش عقائدي وهو القادر على تغيير معادلات القوة في المنطقة، فلاخوف على العراق من اية قوة غاشمة، مادام يمتلك مثل هذا الجيش العقائدي.
لكن المطلوب هو صناعة الامة العزيزة في كافة جوانبها الحياتية، يعني الا؛ نأخذ من الامام الحسين عليه السلام الشجاعة والعزة والكرامة ونترك باقي القيم التي يدعو اليها الامام فهو لم ينهض ضد الظلم فقط بل رفع سلاحه بوجه الفساد وقال " إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر " والفساد هو اهم عامل لدمار الامم وانكسارها ومن هنا يجب ان يتحول العراق الى الدولة الاولى في النزاهة ومكافحة الفساد من خلال تشريع القوانين الصارمة وغير المتسامحة مع هذه الظاهرة الغريبة عن ثقافة اهل البيت عليهم السلام.
يجب ان يتحول العراق الى دولة كبرى في المنطقة، لانه يمتلك الثروة التي تمكنه من تحقيق طفرة اقتصادية اضافة الى ان عدد نفوسه يعتبر عاملا مهما من عوامل الدولة القوية كما يتمتع بقوة شبابية هائلة، ولابد هنا من التحذير ان بقاء العراق على ضعفه سيشجع البلدان الاخرى على التدخل في شؤونه وزعزعة امنه واستقراره كما حدث في السنين الاولى من سقوط الطاغية.
لو عملنا بمنظومة القيم التي يدعو اليها الامام الحسين عليه السلام ثقافيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا لتمكنا من اقامة مشروع الامة العزيزة الكريمة بكافة جوانبه واصبح العراق في مصاف البلدان المتقدمة .
بقلم : طاهر باقر
https://telegram.me/buratha