هذا خليل قاسم نصر الله، «أصغر الشهداء عمراً». اثنان وعشرون عاما. وقد امتد موكب تشييعه على مسافة كيلومترين تقريبا. يعلق أهله صوره بالملابس العسكرية، ويقول والده إن «هذه الصور أراها للمرة الأولى، قاسم، ابني البكر، ولد في ألمانيا حيث كنت أُعالج من إصابتي أثناء خدمتي بالجيش، وعندما بدأ ينطق الألمانية قررت العودة إلى لبنان.
كان قاسم متفرغاً في الحزب، ويعمل مع والده في الوقت نفسه في بستان الليمون، ومزرعة الدواجن. المرة الأخيرة التي رآه فيها كانت قبل حصول معركة القصير بيومين. يقول والده إن «قاسم خدم ستة أشهر في مقام السيدة زينب في دمشق: اخبرني كيف وصل إلى المقام، وصعد إلى القبة العالية، عبر ربطه بالحبل، ووضع عليها راية العباس، كما مسح الغبار عن المقام بقطعة قماش خضراء، أهداني وأمه قطعة منها، وربط القطعة الأخرى في يده حتى استشهد. وقبل أن يستشهد أرسل لي سلسلة من مقام الإمام علي الرضا. وتسلمت السبحة التي كان يسبح فيها أثناء الصلاة». يضيف الوالد: «لقد أوصى ابني رفاقه قائلاً: كل من يعود منكم سالماً، فليذهب إلى والدي ويقول له: أنا ابنك. وقد جاؤوا أثناء التشييع، وركعوا عند قدمي يريدون تقبيلهما، لكني رفضت، وقلت لهم: أنا من يجب عليه تقبيل أقدامكم».
كان والد قاسم متفرغا في الجيش اللبناني، وقد أهدى ابنه بدلته، بعد تقاعده، قاتل فيها قاسم في القصير، وينتظر تسليمه البدلة العسكرية. وفي غرفة نومه، وضع أهله سلاحه على سريره، وتقول أمه إنه لم يكن يدخل الغرفة سواها، كان قاسم يرتبها ويمسح الغبار عنها، ويقول لها: لو سمحت يا أمي امسحي أرض الغرفة فقط.
يعتبر الوالد أن المعركة التي خاضها ولده هي «ضد آكلي لحوم البشر الذين لا دين لهم ولا هوية، ولا طائفة»، مضيفا: نحن من يريد الحفاظ على العيش المشترك بين المسلمين من كل المذاهب وبين المسيحيين من كل المذاهب. نحن لا نقاتل من أجل بشار الأسد، وإنما ندافع عن سوريا كل سوريا، ضد آكلي لحوم البشر الذين يزداد عددهم على قدر ما تدفع لهم السعودية وقطر». ويوضح أنه يوجد في القليلة مئتان وعشرون عائلة سوريا «نطعمهم ونسقيهم فنحن الرحماء، نحمي ضيوفنا»، وقد جاء عدد من العائلات السورية لتقديم واجب العزاء له.
ثم يوجه كلامه إلى السيد حسن نصر الله قائلا: «لن يأتي يوم تقول فيه هل من ناصر ينصرنا، ونحن على قيد الحياة، إذ كنت تريد المزيد، فاطلب ونحن نلبي».
http://www.youtube.com/watch?v=-sdyQAXLTOY
https://telegram.me/buratha