خسرت الحكومة البريطانية ليل الخميس تصويتا رمزيا على مشروع قرار في مجلس العموم يدعو إلى التدخل العسكري في سوريا، فيما أعلنت الأمم المتحدة أن بعثتها ستقدم تقريرا شفويا فور مغادرة أعضائها سوريا.
خسر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ليل الخميس (29 آب/ أغسطس 2013) اقتراعاً برلمانياً رمزياً لكنه مهم كان يهدف إلى تمهيد الطريق أمام بريطانيا للانضمام إلى ضربة عسكرية ضد سوريا. ورفض مجلس العموم مذكرة تقدمت بها الحكومة بعدما صوت ضدها 285 نائباً مقابل 272 أيدوها.
وقال كاميرون بعد الاقتراع إنه لن يتخطى إرادة البرلمان بالموافقة على مثل هذا العمل قائلاً إن من الواضح أن البرلمان لا يريد أن يرى ضربة عسكرية على سوريا لمعاقبتها على استخدام أسلحة كيماوية، مضيفاً أنه سيتصرف في ضوء ذلك.
وكان كاميرون قد دعا برلمان بلاده الخميس إلى تأييد عملية عسكرية ضد سوريا، وذلك رغم إقراره بأنه ليس هناك دليل قاطع بأن النظام السوري نفذ هجمات بالأسلحة الكيماوية. ورغم ذلك، أضاف كاميرون: "هناك كمية هائلة" من الأدلة الأخرى ضد النظام في حين أن قوات المعارضة لا تمتلك هذه الأسلحة، ولا يوجد لديها أنظمة الإطلاق لتنفيذ مثل تلك الهجمات.
من جانب آخر أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة الخميس أن المفتشين الأمميين جمعوا "كمية" من العينات تتصل بالهجوم الكيميائي الذي خلف مئات القتلى في سوريا في 21 أب/أغسطس وسيقدمون "تقريرا شفويا" إلى الأمين العام بان كي مون فور عودتهم إلى نيويورك. وسترسل العينات التي جمعها المحققون من المواقع التي زاروها إلى مختبرات في أوروبا لتحليلها، وذلك التزاما بالآلية الملحوظة في معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية.
وفي سياق متصل عقدت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والتي تتمتع بحق النقض (الفيتو) مجدداً بعد ظهر اليوم الخميس جلسة مشاورات مغلقة في نيويورك تتناول الملف السوري، وفق ما أفاد دبلوماسيون. وكان سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا اجتمعوا يوم أمس الأربعاء من دون أن يتوافقوا على مشروع قرار يجيز تدخلاً عسكرياً في سوريا مع استمرار رفض موسكو وبكين هذا الأمر.
وسيواصل السفراء مناقشة مشروع القرار البريطاني الذي يبرر تدخلاً عسكرياً ضد النظام السوري ردا على استخدامه المفترض لأسلحة كيميائية ضد سكان مدنيين. وانتهى الاجتماع مساء الخميس دون التوصل إلى إجماع بشأن أي خطوة تجاه سوريا. وأعلنت الحكومة البريطانية أن مشروع القرار يجيز اتخاذ "كل التدابير الضرورية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بهدف حماية المدنيين من الأسلحة الكيماوية" في سوريا.
في غضون ذلك قال البيت الأبيض اليوم الخميس إن أي رد أمريكي على استخدام أسلحة كيماوية في سوريا سيكون محدودا ورفض المقارنات مع الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق. وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، أن الرئيس باراك أوباما سيتخذ قراره بشأن كيفية الرد بناء على مصالح الأمن القومي الأمريكي. وأشار إلى تعليقات مسؤول بريطاني كبير قال إن الولايات المتحدة يمكن تتخذ قرارات بشأن السياسة الخارجية من تلقاء نفسها.
ومن المتوقع أن يجتمع مسؤولون كبار في إدارة أوباما مع أعضاء في الكونغرس اليوم، بينما اشتكى بعض المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين من أن الإدارة لم تطلعهم بشكل كاف على الوضع وعلى الرد الأمريكي المحتمل. لكن البيت الأبيض أكد أن الولايات المتحدة ستقدم تبريراً قانونياً لأي استجابة لاستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا إذا لزم الأمر، بمجرد أن يقرر الرئيس باراك أوباما كيفية المضي قدما.
ومن جهته أكد الرئيس السوري باشر الأسد الخميس عزم بلاده على "الدفاع" عن نفسها في وجه أي ضربة عسكرية في أعقاب اتهام دول غربية له باستخدام السلاح الكيماوي. وكانت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المعروفة بقربها من النظام السوري نقلت عن السد قوله لقياداته أن الضربة في حال حصولها ستكون "مواجهة تاريخية سنخرج منها منتصرين". وأكد مصدر أمني سوري لوكالة فرانس برس الخميس أن الجيش النظامي يتحضر لـ"السيناريو الأسوأ".
من جهة أخرى، انضمت كنائس الشرق الأوسط إلى بابا الفاتيكان فرنسيس في رفض التدخل العسكري في سوريا معتبرة أن تدخلاً من هذا النوع سيعيد التجربة المأسوية للتدخل العسكري في العراق قبل عشر سنوات.
وأكد البابا فرنسيس مجدداً موقفه هذا لدى استقباله الخميس العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. وجاء في بيان صادر عن الفاتيكان في ختام اللقاء أن "طريق التفاوض والحوار هي الخيار الوحيد" بالنسبة إلى الفاتيكان والأردن.
https://telegram.me/buratha