قال أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي إن «الرئيس باراك أوباما طلب أمس من الكونغرس تأخير التصويت على التصريح بضربات عسكرية ضد سوريا لمنح روسيا وقتا لحمل سوريا على تسليم أي أسلحة كيماوية بحوزتها». وقال السناتور كارل ليفن رئيس لجنة القوات المسلحة للصحافيين ما يريده أوباما هو التأكد من جدية السوريين ومن الرغبة الروسية في التخلص من تلك الأسلحة الكيماوية في سوريا. إنه يريد وقتا للتأكد من ذلك.
وأدلى ليفن بتصريحاته بعد اجتماع على الغداء في مبنى الكونغرس بحضور أوباما. وبدأ مجلس الشيوخ الاثنين مناقشة مشروع قرار يدعم ضربات عسكرية أميركية ضد سوريا بناء على طلب من أوباما يوم 31 أغسطس (آب).
وكان الرئيس الأميركي قد رحب بقبول النظام السوري وضع أسلحته الكيماوية تحت الرقابة الدولية، وأبدى استعداده للتراجع عن شن ضربة عسكرية ضد سوريا، إذا نفّذ النظام السوري المبادرة الروسية، وسلّم ترسانته من الأسلحة الكيماوية. وقال أوباما في حديثه لشبكة «سي إن إن» الأميركية، مساء أول من أمس، «إنه بالتأكيد تطور إيجابي من جانب الروس والسوريين عندما يتحركون باتجاه التعامل مع هذه الأسلحة الكيماوية».
وأجرى أوباما مكالمات هاتفية مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لمناقشة التحركات الدبلوماسية في مجلس الأمن، وما إذا كان المقترح الروسي بإلزام سوريا بتسليم وتدمير ترسانتها من الأسلحة الكيماوية قابلا للتنفيذ.
وكان أوباما كرر، في سلسلة مقابلات تلفزيونية مساء أول من أمس بعد إعلان الاقتراح الروسي، أن تنفيذ المبادرة الجديدة يمكن أن يقلل من مخاطر تكرار هجوم كيماوي تشنه الحكومة السورية ضد المدنيين، وبالتالي لا يحتاج الأمر إلى تدخل أميركي، مشيرا إلى أن الخيار العسكري أصبح «ضيقا»، على الرغم من أنه ما زال قائما. وأضاف: «آمل بشدة أن يتم حل هذه المسألة بطريقة غير عسكرية».
وشدد أوباما لشبكة «سي بي إس» الأميركية على أهمية التأكد من أن المجتمع الدولي لديه ثقة بوضع هذه الأسلحة تحت السيطرة، ولن يتم استخدامها مع احتمال نقلها من سوريا وتدميرها. وقال: «هناك كثير من مخزون الأسلحة الكيماوية لدى سوريا، دعونا نرَ إذا كانوا جادين».
وأوضح أوباما أنه ناقش خطة أن تقوم على تسليم سوريا ما لديها من أسلحة كيماوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال قمة الـ20 الأسبوع الماضي.
لكن أوباما شدد على أن التهديد باستخدام القوة العسكرية لا يزال قائما، مشيرا إلى أن واشنطن ستبحث المقترحات، بينما تستمر في الضغط على النظام السوري، وقال: «من غير المحتمل أن نصل إلى هذه النقطة دون أن يكون التهديد العسكري ذا مصداقية، نحن لا نريد مجرد تكنيك مماطلة أو تأخير لتأجيل الضغوط التي نقوم بها في الوقت الراهن».
ورفض أوباما مرة أخرى أن يوضح ما سيفعله إذا رفض الكونغرس اقتراحه بتوجيه ضربات عسكرية محدودة على سوريا. وقال إنه لا يتوقع خلافات في التصويت هذا الأسبوع، أو في المستقبل القريب، وأشار إلى أن لديه السلطة القانونية للقيام بعمل عسكري دون موافقة الكونغرس.
ورفض أوباما تهديدات بشار الأسد في حديث تلفزيوني بشأن تعرض الولايات المتحدة لهجمات انتقامية، إذا استهدفت سوريا. وقال إن الأسد «لا يملك وسيلة موثوقة لتهديد الولايات المتحدة»، وأشار إلى أن تهديدات إيران وحزب الله بشن هجمات إرهابية هي «نموذج من أنواع التهديدات التي تتعامل معها الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم».
وكان من المقرر أن يوجه أوباما خطابا مساء أمس أمام الكونغرس لدفع الكونغرس والرأي العام الأميركي لمساندته في طلب التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد النظام السوري، ويعلن خطته للتعامل مع الوضع السوري في ضوء التطورات الجديدة.
وفتحت الموافقة السورية أبواب الأمل لانفراجه دبلوماسية تسمح للحكومة السورية بتجنب ضربة أميركية، وتسمح للإدارة الأميركية بالظهور بالمظهر القوي والمتمسك بمبدأ رفض الأسلحة الكيماوية وبالخط الأحمر الذي أعلنه أوباما العام الماضي، وتسمح لروسيا بالظهور بمظهر الوسيط الدبلوماسي ذي التأثير في الأزمات الدولية، كما تسمح للكونغرس والرأي العام الأميركي بالتراجع عن فكرة الحرب وشن ضربة عسكرية.
واستغل زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ هاري ريد هذه الانفراجة الدبلوماسية، وأعلن تأجيل التصويت حول تفويض الإدارة الأميركية لشن ضربة عسكرية ضد سوريا، الذي كان مقررا اليوم (الأربعاء).
وبعد إعلان فرنسا التقدم لمجلس الأمن لإصدار قرار، بناء على المقترح الروسي لوضع الترسانة السورية من الأسلحة الكيماوية تحت المراقبة الدولية، بدا ثمانية من أعضاء مجلس الشيوخ، بينهم الجمهوري جون ماكين، مشاورات مع البيت الأبيض للاستجابة للاقتراح الروسي لتأمين وتدمير الأسلحة الكيماوية السورية، وتجنب تصويت في مجلس الشيوخ قد يأتي مخالفا لرغبات البيت الأبيض. وفي شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب صباح الثلاثاء، شدد وزير الخارجية الأميركية جون كيري على ضرورة عدم تأجيل التصويت لاستخدام القوة العسكرية ضد سوريا، موضحا أن التطورات التي حدثت وقبول سوريا لإخضاع ترسانتها الكيماوية للمراقبة الدولية نتيجة مباشرة للضغط الأميركي والتهديد القوي باستخدام القوة العسكرية. وأشار إلى أنه أجرى مناقشات مع نظيره الروسي للتأكد من تنفيذ مقترحات المبادرة، وأن الولايات المتحدة لن تنتظر طويلا، وأن المبادرة يجب أن تكون حقيقية وجادة.
وقال كيري: «السبب الوحيد لوجود هذه المبادرة هي التهديد باستخدام القوة ضدهم». وأضاف: «نناقش الضمانات التي يمكن أخذها للتأكد من تنفيذ هذا المقترح».
27/5/13911
https://telegram.me/buratha