شهرٌ واحد يفصل المجتمع الدولي عن استحقاق «جنيف – 2» في 22 تشرين الثاني المقبل، لكنّ مؤشرات حراك الدول الخارجية المعنية بالأزمة السورية ومواقف الأطراف الداخليين المتصارعين تدلّ على أنّ الأيام المقبلة ستكون مليئة بمفاجآت ستُحدّد مصير المؤتمر.
لا شك في أنّ مروحة المواقف الروسية منذ بدء الازمة السورية في آذار 2011، جعلت موسكو واحداً من المفاتيح الأساسية للحلّ، إن لم نقل المفتاح الوحيد في ظلّ تطورات على المستويات كافة، ما يجعل النهج الروسي المتبع بوصلةً لخريطة الحدث السوري.
تعكس لقاءات نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الاخيرة في جنيف مع مَن وصفهم بزعماء المعارضة السورية، بوضوح، أنّ الحراك الدولي في فلك مؤتمر جنيف لا يزال في المربع الاول، في اعتبار أنّ أقطاب المعارضة المذكورين لم يكونوا يوماً ضد الحوار مع النظام السوري، بل كانوا من الداعين الى الحوار قبل موافقة دمشق على المشاركة في “جنيف – 2″.
ما يعني أنّ الاتصالات الديبلوماسية القائمة لم تتوصل الى تحقيق تقدّم يُذكر، لأنّ العقدة الاساسية كانت ولا تزال في مواقف الائتلاف السوري المعارض الذي لم يُحدِّد الى الآن قاعدة موحَّدة لمشاركته، ولا سيما أنّ الإئتلاف هو الطرف المعارض الوحيد من بين اطراف المعارضة السوريين الذي يضمّ في مكوّناته فصيلاً عسكرياً يتمثل بالجيش السوري الحر.
وتعتبر أوساط الخارجية الروسية أنّ الائتلاف السوري لم يقدِّم الى الآن قائمةً بأسماء أعضائه الذين سيشاركون في اعمال “جنيف – 2″، الامر الذي يشير الى تردّده في المشاركة وتمسكه بعدم خوض حوار مع نظام الرئيس بشار الاسد، ما سيفرغ المؤتمر من مضمونه، لأنّ الحوار سيقتصر على النظام السوري والمعارضة الداخلية التي تتمثل بعض أطرافها في الحكومة السورية الحالية، ما سيجعل “جنيف” عاجزاً عن اتخاذ قرارات واقعية قابلة للتنفيذ على الارض.
ولا تشكل ازمة مشاركة الائتلاف العائق امام “جنيف – 2″، فالديبلوماسية الروسية تحاول بقنوات مختلفة الضغطَ على الولايات المتحدة الأميركية لتقنع حلفاءها في المنطقة بضرورة مشاركة الجمهورية الاسلامية الإيرانية، لكنّ المحاولات الاميركية باءت بالفشل وخصوصاً مع الرياض التي لا ترى دوراً للأسد في ايٍّ من الحلول المطروحة على طاولة جنيف، وتؤكد أوساط الخارجية الروسية المتابعة لاجتماعات جنيف أنّ رفض الولايات المتحدة مشاركة ايران نابع من مواقف بعض حلفائها في المنطقة، لأنّ الأميركيين يدركون ضمناً أهمية المشاركة الإيرانية انطلاقاً من دور طهران أكان على المستوى السياسي مع دمشق او على المستوى الميداني، وحتى أنّ بعض الأطراف الغربيين يشجع على مشاركة طهران لأنهم يتوقعون انتزاع تنازلات منها في الملف السوري مقابل تسهيل الحلول امام تسوية ازمة ملفها النووي.
وترى المصادر أنّ بعض الأطراف العربيين والإقليميين لا يزالون يراهنون على الحل العسكري رغم أنّ مجموعة ما يُعرف بـ”أصدقاء سوريا” قد تخلَّت عن فكرة تقديم اسلحة متطورة الى المعارضة خوفاً من وقوعها في أيدي المنظمات الارهابية المتشدّدة، التي تحاول إقامة دولة لها على اجزاء من الاراضي السورية.
وتؤكد الأوساط أنّ “الرهان على السيناريوهات العسكرية من شأنه تحويل منطقة الشرق الأوسط، ساحةَ مواجهة على خلفيات مذهبية وعرقية، لذلك تتمسك موسكو بضرورة مشاركة إيران والسعودية في “جنيف – 2″ لتحقيق نتائج إيجابية على اعتبار أنهما الطرفان الأكثر تأثيراً على كل المستويات في سوريا، ومن دونهما سيفقد المؤتمر القدرة على اتخاذ القرارات وترجمتها على الارض.
19/5/131223
https://telegram.me/buratha