لو قدر لأحد من المشاركين في تنسيق عمليات الحرب على سوريا وادارتها، أن يخرج سالماً بعد أن تحط الحرب أوزارها، سيلحظ أن أول درس كان يجب استخلاصه لتفادي الهزيمة على كامل الجبهات السورية، هو درس “الكماشة” الذي تم تطبيقه في الغوطتين وإسقاطه بعد نجاحه على كافة جبهات القتال في سوريا. فبالاسلوب نفسه يقوم الجيش السوري اليوم بتضييق “فتحة الكماشة” على حلب سعياً نحو إطباقها، كذلك يدق الأسافين في نعوش مسلحي يبرود بعد أن بات الإطباق شبه مكتمل.
من تلة إلى أخرى، يتقدم الجيش السوري على كافة محاور حلب ومن مختلف الإتجاهات، مسيطراً عبر التلال على المناطق المشرفة عليها، حتى بات الأمر استراتيجية معتمدة لإسقاط المناطق عبر الإشراف من المرتفعات عليها. هكذا تابعت وحدات الجيش السوري تقدمها من شمال شرق حلب، حيث توغل الجيش من الناحية الشرقية بإتجاه أحياء المدينة وبالتحديد منطقة “مساكن هنانو” التي يقوم بتمشيط الحي الشرقي منها المتاخم لثكنة هنانو العسكرية، موسعاً إنتشار مشاته والمدرعات في الأحياء المحيطة.
أما شمال المدينة، فقد سيطر على التلال المحيطة بالمدينة الصناعية “تلة النبي يوسف، الطعانة..” والتي تشرف جنوباً على أحياء حلب الشمالية وصولاً الى تلة “المجبل” التي تشرف على سجن حلب المركزي (المحاصر من قبل المسلحين) ، قاطعاً كافة طرق الإمداد ما بين حلب المدينة والمدينة الصناعية التي كانتتعتبر من أهم مصادر الإمداد للمسلحين، فيما تشهد المدينة الصناعية إشتباكات على المربع الثالث منها (شمالاً) بعد أن قسمها الجيش الى 3 مربعات وسيطر على إثنين منها.
من الجهة الغربية لمدينة حلب، تتقدم وحدات الجيش من تلال “الشوحنة” و”معرة الأرتيق” بإتجاه تلال الليرمون والكراجات الواقعة في القسم الغربي من المدينة، أما في القسم الجنوبي والجنوبي- الغربي فالتقدم يتم من ناحية حي الشيخ سعيد وخان طومان جنوباً، نحو الغرب في منطقة الراشدين حيث سيطر الجيش فيها على الحي الثالث والرابع، ليتبقى أمامه عملية وصل نقاط تقدمه من الغرب (الليرمون) والشمال (دوار الجندول) عند قلعة حلب الواقعة بين النقطتين، حتى يستطيع عزل حلب المدينة عن ريفها وبالتالي قطع كافة إمدادات المسلحين من الريف وإطباق الحصار عليهم.
في يبرود، الدرس نفسه شارف على نهاية تطبيقه، وبعد السيطرة على بلدة السحل المشرفة على يبرود، بات طوق “الكماشة” شبه مكتمل حول المدينة، وفي هجوم سريع ودقيق نجح الجيش السوري وسرايا الدفاع بهجومهم على “مزارع العقبة” ليبسط سيطرته على كامل منطقة مزارع ريما، ويصل الى مشارف يبرود المدينة، حيث نقلت مصادر أن الإشتباكات الآن تجري في الأحياء الحدودية للبلدة، إلا أن قرار الدخول الى المدينة من المحاور لا يزال قيد الدرس.
وينقل مصدر خاص عن الجيش السوري، نيته عدم ترك أي ثغرة يتسرب منها المسلحون الى خارج البلدة، وذلك عبر احكام الطوق وسد كافة المنافذ من كامل الإتجاهات وخاصة غرباً حيث التضاريس التي تصل يبرود بعرسال اللبنانية.
وتضيف المصادر أن الجيش ينوي دخول البلدة من مختلف المحاور في وقت واحد بحيث يشعل كافة الجبهات ويشغلها منعاً لقيام المسلحين بالحشد على جبهة دون أخرى وبالتالي ارهاقها، بل تقضي الخطة بتشتيت صفوف المسلحين على كافة الجهات وصولاً نحو محاصرتهم في نقطة واحدة داخل المدينة، وهنا يتوقع المصدر قتالاً شرساً من قبلهم إذ لا خيار أمامهم سوا ذلك مع قرار منعهم من الفرار.
وتقول المصادر أن تشتت المسلحين يبدو واضحاً من خلال القصف الذي يقومون به بطرق عشوائية على محيط يبرود دون القدرة على تحديد او استهداف نقاط تواجد الجيش. كل ذلك وسط قصف مركز وعنيف من قبل مدفعية الجيش وسلاح الجو على مراكز المسلحين ونقاط تجمعهم إضافة الى مخازن أسلحتهم والتي شهد مساء الأمس استهداف أحدها ما أدى الى دوي انفجار ضخم سمع في كافة مناطق القلمون حتى المناطق الشرقية والشمالية من البقاع اللبناني.
9/5/140306 تحرير علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha