لا أحد يملك تفسيراً لما يجري في طرابلس! من يمشي في شوارع المدينة ويسمع التكبيرات المنطلقة من مآذن المساجد في مناطق المنكوبين والتبانة ومسجد أميرة في منطقة باب الرمل يعتقد أن يوم التالي هو يوم عيد الأضحى المبارك! لكن في الحقيقة، ليست هذه التكبيرات سوى دعوات من شبانٍ محسوبين على بعض التيارات المتشددة تدعو لـ"الجهاد" ضد الجيش اللبناني! وفق ما ورد في عدة بيانات نشرت على مواقع التواصل الإجتماعي وتدعو المواطنين إلى النزول الى الشارع احتجاجا على ما قالوا إنه "انتهاكات الجيش وقصفه لمنطقة التبانة"!.
وأكدت مصادر أمنية تعرض مواقع تابعة للجيش اللبناني في "الغرباء" قرب سوق الخضار في باب التبانة عصر يوم الاثنين لقذائف صاروخية وهو ما استدعى رداً مباشراً من قبل جنود الموقع المتواجدين في تلك المنطقة. وعلى الفور استقدم الجيش تعزيزات أمنية ونفذ طوقاً أمنياً حول منطقة "البرانية" التي يُعتقد ان النيران التي استهدفت آليات الجيش قد انطلقت منها .
وقد عاشت مدينة طرابلس اليوم حوادث أمنية متفرقة وإلقاء قنابل يدوية في عدد من شوارعها في محاولة واضحة من المسلحين لإرباك الجيش. وظل الوضع الامني متوتراً على محاور القتال في التبانة والريفا بالقبة والمنكوبين والملولة من جهة وجبل محسن من جهة ثانية، وظلت اصوات الرشقات الرشاشة ودوي القذائف وعمليات القنص على وتيرتها منذ الخميس الفائت، وفرضت حالة من الشلل التام على افقر المناطق في لبنان.
وقد حاصر الوضع الأمني المتوتر عشرات العائلات على خطوط التماس في ظل انعدام أي مبادرة لوقف إطلاق النار بين المتخاصمين وتمسكهم بالشروط والشروط المضادة. ويبدو أن هناك قراراً من جهة التبانة بعدم السماح للجيش بالانتشار على بعض الخطوط الأمامية الساخنة، يقابله إصرار من قبل أولياء الدم في جبل محسن على توقيف منفذي الاعتداءات التي تستهدف أبناء الطائفة العلوية بغية تهجيرهم من طرابلس.
ويمكن وصف الوضع الأمني في طرابلس بأنه بلغ مرحلة خطيرة ومعقدة، فالحل بات اليوم خارج إرادة السياسيين الذين أخفقوا حتى الآن في اقناع المسلحين بضرورة تهدئة الأوضاع . ووسط هذه الأجواء دخل مفتي طرابلس على خط المفاوضات، وكان له موقف دعا فيه قيادة الجيش إلى الحسم والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه استهداف أمن طرابلس، كما طالب الأجهزة القضائية بملاحقة من يثبت تورطه في الصراع الدائر وتأجيج الفتنة بين أبناء البلد الواحد.
ووصفت مصادر امنية الأجواء بالمعقدة واستبعدت أن يتم اقتحام أي منطقة عسكرياً. وأكدت بأن الجيش يحاصر المسلحين داخل بقعة جغرافية محددة، ويرد برصاص كثيف على مصادر النيران. والوضع يتراوح بين قنص متقطع على جميع المحاور، ما لبث ان اشتد مساء حيث دارت اشتباكات متقطعة بين الجيش اللبناني وبعض المسلحين في محيط جامع الناصري وسوق الخضار والمنكوبين والبقار. وقد سقط جريحان خلال هذه الاشتباكات هما رائد عمر كولاح سوري الجنسية، وأصيب إصابة خطرة في رأسه، وعمار محمد الشرك جراحه طفيفة ونقلا إلى المستشفى الاسلامي .
15/5/1403018 تحرير علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha