فازت حكومة الرئيس تمام سلام بثقة مجلس النواب، فحازت ثقة 94 نائباً من اصل 101 حضروا جلسة مجلس النواب لمناقشة البيان الوزاري، فيما امتنع نائب واحد عن التصويت ( النائب عماد الحوب) وحجب الثقة عنها اربعة نواب ( نواب القوات اللبنانية + النائب نقولا فتوش).
وكانت الجلسة الرابعة والاخيرة من جلسات مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام قد انطلقت عند الساعة الخامسة عصر الخميس. بكلمة للنائب نقولا فتوش، انتقد فيها بشدة عدم تمثيل مدينة زحلة في الحكومة، متطرقاً الى بعض الجوانب القانونية والدستورية المتعلقة بالبيان الوزاري واعلان بعبدا، ومشيرا إلى أن "الجلسة النيابية لمنح الثقة للحكومة قانونية ولا يشوبها شائبة"، مؤكداً أنه "لا يجوز التحفظ على البيان الوزاري للحكومة أو معارضته والبقاء فيها بنفس الوقت".
وقال فتوش إن "الحكومة لا يمكن وصفها بالجامعة لأنها استبعدت زحلة والبقاع الاوسط وعكار منها"، كما انتقد ادراج المساعدة السعودية لدعم الجيش اللبناني في سياق البيان الوزاري.
وفي ختام كلمته، اعلن فتوش عن حجبه الثقة عن الحكومة، قائلاً :"لا يمكن اعطاء الثقة لحكومة بلا لون ولا عنوان".
بعد ذلك، تحدث رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة، فأشار الى أن الحكومة لن تنجح ما لم يقدم لها الجميع الدعم والتنازلات المتبادلة لصالح الوطن والدولة، داعياً إلى نشر الجيش اللبناني على كامل الحدود مع سوريا بمساندة قوات الطوارئ الدولية اذا اقتض الامر، كما هاجم السنيورة حزب الله من على قبة البرلمان اللبناني، قائلاً "نعلن معارضتنا الكلية لقتال حزب الله في سوريا، وندعوه إلى العودة الى لبنان والانسحاب من هذا الاتون اليوم قبل الغد".
وختم السنيورة السنيورة كلمته، بالقول "باسمي واسم كتلة المستقبل نمنح حكومة المصلحة الوطنية الثقة باعتبارها فرصة نادرة نريد تشجيعها والاستفادة منها لانقاذ وطن على حافة الهاوية".
اما المداخلة الثالثة والاخيرة للنواب فكانت لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، الذي قال إن "هذه الحكومة حكومة شراكة سياسية تضم ممثلين لقوى سياسية ولا يملك فيها فريق نصاب التفرد بأمور أساسية".
وتابع "يعز علينا ان تغيب المخاطر والتعديات الاسرئيلية عن مداخلات النواب في مناقشة البيان الوزاري"، مشيراً الى أن "العدو يمثل خطراً وتهديداً دائماً للبنان". لافتاً الى ان "انقسامتنا لا تدعنا نلحظ حجم الخدمات المجانية التي يوفرها البعض للعدو لاضعاف قدرتنا على الصمود او المواجهة".
وأكد رعد أن "المقاومة هي مؤشر حياة للانسان والمجتمع، ففي فهمنا فإن الاموات فقط لا يقاوموا، اما في السياسة والقانون فان المقاومة ركن اساسي في ميثاقنا الوطني اللبناني والنظام السياسي الذي انبثق عنها، والحاجة اليها ومشروعيتها أقر بها كل الرؤوساء بعد الطائف وكل الحكومات بعد الطائف ولم تغفل عن تأييدها والاعتزاز بها بيانات القمم العربية، فضلاً عن ميثاق الامم المتحدة وشرعة حقوق الانسان"، وشدد رعد على انه "طالما هناك اعتداءات اسرائيلية على لبنان وشعبه، فيجب حماية المقاومة ومواصلة جهوزيتها وتطويرها".
واضاف ان "سعي البعض لحذف المقاومة من البيان الوزاري لم يستجد مع هذه الحكومة بل هو سعي قديم"، مذكراً "بمحاولة البعض حذف عبارة المقاومة من الفهم العربي في القمة العربية في الخرطوم".
وتطرق رعد الى الازمة السورية، فقال: "حبذ لو بدا هذا الحرص من المطالبين بالنأي عن الاحداث في سوريا، قبل أن يفرغوا كل مخزونهم في سوريا ويستوردوا كل انواع الحطب الى سوريا، وليس ما يؤكد لنا حتى الآن انهم توقفوا عن ذلك"، واكد رعد "ان الحل للازمة في سوريا هو حل سياسي"، واضاف : "مارسنا على مدى عامين التزام النأي بما يحصل في سوريا، رغم اننا كنا على علم بكل ما فعله ممن يطالبوننا اليوم بما لم يلتزموا به هم"، مشيراً الى أن "البعض توهم ان الفرصة قد حانت وان موقع سوريا قد انتهى، وراح يوقد نيرانه ليس عبر لبنان فحسب، فأقيمت معسكرات تدريب واستجلبت البواخر المحملة بالسلاح، وافرغت كل المخازن وفتحت الحدود لضرب سوريا، وضربت المواعيد لاسقاط سوريا بالاسابيع اولاً ثم بالأشهر".
واشار رعد الى ان "جماعات الارهاب التكفيري تمددت من سوريا الى حدودنا، وهي جماعات تحمل فكراً الغائياً يهدد كل من يخالفه الرأي، وتهدد الوحدة في كل من سوريا ولبنان"، واضاف انه "لم نجد بد من القيام بواجبنا لا لقتال الشعب السوري بل لقتال من خطف الشعب السوري ومارس قطع الرؤوس واكل القلوب والاكباد، قمنا بمسؤوليتنا للدفاع عن اهلنا وشعبنا وبلدنا".
وتابع رعد :"اليوم نؤكد على موقفنا نفسه، وقد زادت قناعتنا، لأن خطر الارهاب التكفيري يتهدد شعب سوريا وشعب لبنان، ويجب العمل الجاد لمواجهة شبكات الارهاب التكفيري وخطأهم"، مشيراً الى أن "السيارات المفخخة والانتحاريون لاستهداف الناس في الضاحية والهرمل والبقاع الشمال وحواجز الجيش اللبناني، هي لا تستهدف حزب بل تستهدف شعب بكل مكوناته، وما يتحمله ابناء شعبنا بعنفوان وتضحيات، احد اهم اسبابه تحسسهم لخطر التكفيريين، شيعة وسنة وموحدين دروز ومسيحيين، وما تقوم به الاجهزة الامنية ساهم بتلافي عدد كبير من الانفجارات، أما ردود الفعل العابرة فإنها لا تستهدف عرسال ولا أهلها بل هي صرخة غضب ليس الا لحض الدولة على اتخاذ مزيد من الاجراءات لاقفال هذه المعابر".
واضاف رعد "حريصون على نجاح هذه الحكومة، ونأمل ان تتصدى للارهاب وانجاز الاستحقاق الدستوري في موعده الدستوري بانتخاب الرئيس الجديد للبلاد، ونترك لها ان تبدأ عملها ونمنحها الثقة".
وفي رده على مداخلات النواب في ختام الجلسة، أكد رئيس الحكومة تمام سلام أن حكومته تشاطرهم الآراء المطروحة، وتؤيد مقترحاتهم، وقال إن "بعض المداخلات التي استمعنا اليها أصاب الحكومة ببعض الظلم اما لانه البس بيانها الوزاري لبوساً ليس له، او لانه حملها اكثر مما تحتمل في الفترة القصيرة المطروحة امامها، ونحن لم نتناول العناونين الرئيسة مواربة ولم نتعامل مع البيان الوزاري باعتباره تمريناً لغوياً، بل تعاملاً على اساس التوصل الى تسويات تنتج اتفاقاً ولم نعد بما لسنا قادرين عليه في الفسحة الضيقة من الوقت المتاح لنا".
واضاف ان تحقيق الامن ومعالجة ازمة النازحين السوريين واجراء الانتخابات هذه هي العناوين التي تمسكنا بها، وأشار الى أن "حكومتنا ليست حكومة لملء الفراغ الرئاسي بل هي لعودة الحياة الى مؤسساتنا"، معرباً عن امله بأن يمنع مجلس النواب حصول فراغ رئاسي.
وختم سلام بالتأكيد على اهمية التلاقي الحاصل عبر الجلوس على طاولة الحكومة لعبور هذه المرحلة الدقيقة بأقل الخسائر، مشدداً على الحاجة الى تعزيز هذا التلاقي ليشكل شبكة حماية وامان دائم لبلدنا. آملاً من مجلس النواب منح الحكومة الثقة .
بعد ذلك، جرى التصويت على الثقة. فلفت الرئيس نبيه بري بعد انتهاء التصويت الى أن عدد النواب الحاضرين في الجلسة هو 101 ، مشيراً الى امتناع نائب واحد عن التصويت وحجب الثقة من اربعة نواب، معلناً بذلك فوز الحكومة بثقة 94 نائباً من العدد الاجمالي المشارك في الجلسة.
اشارة الى المتكلمين 35 نائباً واستغرقت المناقشات 15 ساعة. الحضور.
17/5/1403021