اللاذقية/ مراقبة بسيطة للوضع العام في مدينة اللاذقية توضح للمرء أن الأمور ليست على ما يرام. لا تهديد لقوة الجيش في السيطرة على الساحل، الحاضن الأكبر للسلطة في سوريا، إنما الخطر يكمن في توالي الضربات على نقاط تمركزه وعناصره. حرب الكَرّ والفرّ في الجبال وبين الأحراج، لا تظهر تفوق الجيش على المسلحين، إلا بقوته النارية التي تمطر مواقع تمركزهم. «حرب تركية على سوريا»، هكذا تصفها قيادات ميدانية. حتى أن «هيئة التنسيق» المعارضة أدانت في بيان لها «الأعمال الإرهابية» لـ «الدولة الاسلامية في العراق والشام» («داعش»)، واستنكرت «دعم الحكومة التركية للجماعات الجهادية».
قمة الـ45 الاستراتيجية باتت فارغة. تقول إحدى القيادات الرديفة للجيش في المنطقة في حديث مع «الاخبار» إن «لا مشكلة في عدم التمركز على القمة طالما أنها فارغة وتحكم القوات الخاصة تطويقها والسيطرة عليها لمنع المسلحين من الصعود إليها مجدداً». ويضيف: «المعارك عنيفة على طريق النبعين. لن يتقدموا أكثر، إنما معركتنا لن تكون سهلة خلال الأيام المقبلة».
«القمة فارغة» جملة صادمة في الشارع السوري، إذ أن ساعات طويلة من الاشتباكات لم تسمح للجيش بالسيطرة عليها وإعادة التموضع فيها، بل اضطرت عناصره إلى الانسحاب منها بعد دخولها. فيما لا يزال محيط نبع المر يعاني وطأة الاشتباكات العنيفة. محاولات المسلحين عبور غابات الفرلق من بلدة ربيعة التركمانية في الشمال الشرقي باءت بالإخفاق، بعد مقتل عشرات المسلحين، جراء استهداف مدفعي. ومن الواضح أن الوضع مستمر على هذا النحو لأيام عدة، من دون تحقيق أي إنجاز محوري في سير المعارك القائمة، في ظل استمرار فتح جبهات إضافية لإضعاف موقف الجيش.
وإذا كانت صفحات المعارضة تعطي لـ«غزوة الأنفال» طابعاً انتقامياً من انتصارات الجيش في الزارة والحصن والقلمون، فإن انضمام قوات سورية من حمص ودمشق شاركت في صنع الإنجازات العسكرية في المناطق المذكورة يوحي باستشراس المعارك على الجبهة الشمالية. القوات المستقدمة من المناطق الأُخرى لها باع طويل في عملية التوغل البري التي يفتقد مقاتلو الجيش ضمن الساحل إلى الخبرة فيها. أمرٌ يعني أن التطورات الميدانية التالية لن تكون أكثر من عمليات تمهيد ناري لدخول قوات برية بتغطية مدفعية كثيفة، بهدف التوغل على طول الشريط الحدودي، بدلاً من التقهقر الذي حصل خلال الأيام الفائتة. ويلاحظ أن المعركة الإعلامية على أشدها، تتفوق فيها الصفحات المعارضة التي تعرض تسجيلات مصورة تظهر مقاتليها على قمة الـ 45، وفي نقاط معروفة داخل بلدة كسب. أمرٌ قابلته على الطرف الآخر محاولات نفي افتقدت الحجج المنطقية في الرد، ما جعل أهالي الساحل السوري يعيشون تخبّطاً واضحاً، من دون معرفة حقيقية بمجريات الوضع الحاصل على الأرض.
استياء من تركيا والمتطرّفين
وأثارت أعمال المسلّحين المتطرّفين في بلدة كسب ذات الاغلبية الارمنية، استياء كبيراً، خصوصاً بعد تهجير الالاف من الارمن وتحطيم الكنائس التي تغنّى بنشر صورها المقاتلون على مواقع التواصل الاجتماعي. وفيما وصل عدد كبير من العائلات النازحة من كسب الى مختلف المناطق السورية، جال أمس مسؤولون رسميون من الارمن على النازحين لتفقّد أحوالهم، مستنكرين الدعم التركي للجماعات المسلّحة. كما نظمت مجموعة من المواطنين الأرمن، أمس، اعتصاما أمام مقر الأمم المتحدة في العاصمة الأرمينية يريفان، مطالبين بإدانة تصرفات تركيا ودعمها للمسلحين المتطرفين في مدينة كسب. وأعرب الرئيس الأرمني سيرج سركسيان أمس، عن قلقه بسبب الاحداث الجارية في كسب، منتقداً «الدولة العثمانية التي سبق أن هجّرت الارمن». وشكر سركسيان السلطات السورية لجهودها في حماية أرمن كسب.
مقتل رئيس مجلس القلمون
على صعيد آخر، يستكمل الجيش السوري عملياته العسكرية في القلمون في ريف دمشق، وتحديداً في فليطا بعد بسط سيطرته على يبرود ورأس العين. واشتّدت حدة المعارك في محيط البلدة أمس، بين الجيش والجماعات المسلّحة، بمؤازرة الطيران الحربي. المعارك أدّت الى مقتل رئيس «المجلس العسكري الثوري» في القلمون، وقائد «لواء سيف الحق»، الرائد (المنشق) أحمد نواف درة وخمسة مقاتلين آخرين، بحسب ما أعلن «المرصد» المعارض. وقالت مصادر معارضة لـ«الأخبار» إن اهالي بلدة فليطا بدأوا يضغطون على المسلحين «الغرباء عن البلدة»، لدفعهم إلى مغادرتها. وتجري مفاوضات بين بعض وجهاء البلدة ومسؤولين سوريين، بهدف تحييد البلدة عن المزيد من الدمار.
وفي حمص، وقع أمس عدد من الشهداء والجرحى بين المدنيين، إثر انفجار سيارة مفخخة استهدف حي الأرمن.
14/5/140328