بيروت
تبعد بلدة عرسال وجرودها عن بيروت 122 كيلومتراً، وترتفع عن سطح البحر ما بين 1400 و2000 متر، وتبلغ مساحة أراضيها أكثر من 300 كيلومتر مربع، وتتشارك خطّ حدود مع سوريا عند سلسلة جبال لبنان الشرقية بطول خمسين كيلومتراً. أما عدد سكانها فيناهز الـ 40 ألفاً، غالبيتهم من المسلمين السنّة.
هذه الميزات، إضافة الى وقوع عرسال وسط محيط من القرى والبلدات الشيعية في البقاع الشمالي والهرمل، جعلت هذه البلدة تقف الى جانب المعارضة السورية منذ بداية الحرب في سوريا. ونظراً الى حدودها المفتوحة لجأ إليها آلاف النازحين السوريين. وفي جرودها أقيم مخيم يضم 50 ألف لاجئ، أي أكثر من عدد السكان اللبنانيين.
وتغلغل بين اللاجئين عدد من المسلحين التابعين للمجموعات المتطرفة، وأخذوا من جرود عرسال مواقع لهم، وصاروا يدخلون ويخرجون من وإلى البلدة حيث فرضوا سطوتهم.
وفي آب من العام الماضي، شنّ مسلحون من تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" هجوماً على مواقع الجيش في البلدة، ودارت اشتباكات بين الجانبين، وقام التنظيمان على اثرها بخطف أكثر من 20 عسكرياً لبنانياً ما زالوا إلى الآن أسرى في أيدي المسلحين، وقد قتلوا أربعة منهم.
نفوذ متنامٍ لـ "داعش"
قبل شهر، أصدر ما يسمى المحكمة الشرعية التابعة لـتنظيم داعش، حُكماً بجلد أحد أبناء عرسال ثمانين جلدة على خلفية إشكال بينه وبين أحد أفراد التنظيم. وقبل يومين، قام سوريان من "داعش" بقتل مواطن لبناني "إعداماً" بالرصاص، بـ"تهمة" التجسس للجيش اللبناني.
وهكذا،تدفع عرسال وأهلها ضريبة خصوصياتهم الجغرافية والديموغرافية. وهناك مخاوف من إرتفاع الأثمان المدفوعة في المرحلة المقبلة، وتحديداً في الشهرين المقبلين عندما تبدأ المعركة التي يتوقعها العديد من المحللين في القلمون مع بداية فصل الصيف.
وتقول مصادر عسكرية لموقع " العراق الحر" إن الجيش اللبناني سارع في الفترة الماضية الى السيطرة على عدد من التلال الاستراتيجية في جرود عرسال بعد العملية الاستباقية الأخيرة التي أمسك فيها بعدد من التلال الأخرى، بحيث بات يتحكّم بالطرق التي يسلكها المسلحون الارهابيون، ويشرف على مواقعهم. كما أن القوى الأمنية اللبنانية حصلت على معلومات مهمة خلال التحقيقات مع مطلوبين إرهابيين تم القبض عليهم أخيراً.
كذلك تقول المصادر إن "حزب الله" يجهّز عناصره للمشاركة في هجوم يجري التحضير له ضد مواقع المسلحين، بالتزامن مع هجوم يشنّه من الداخل السوري بمؤازرة قوات النظام السوري للسيطرة على منطقة القلمون.
هجوم مضاد
في المقابل، تستعدّ القوى الأمنية اللبنانية لمواجهة سيناريو يقول إن "داعش" سيهاجم مواقع الجيش في الجرود، ويحاول النزول نحو قرى مسيحية وسنّية في البقاع الشمالي وقرى شيعية مجاورة لإقامة إمارة إسلامية واسعة.
وهنا تكمن أزمة عرسال. فالإرهابيون يعتبرون أن البلدة أسيرة في أيديهم. ويبدو "داعش" في صدد إستغلالها كورقة ضغط في أي مواجهة مع الجيش. وقد يدفع اللاجئون السوريون ثمن المواجهة. كما ستستخدم "داعش" ورقة العسكريين المخطوفين في هذه المواجهة.
هذه المعركة التي يحكى عنها تبقى غير محسومة الاتجاه، لأن لها ارتباطات بالداخل السوري والمعارك هناك. كما أن تقدم "داعش" في اتجاه الداخل اللبناني غير مسموح به دولياً، حيث يحصل الجيش على كل المساعدات الدولية في معركته ضد الارهاب. فهل يمكن أن يحصل تدخل من خلال قصف جوي لقوات التحالف الدولي في جرود عرسال، إذا تبيّن أن موازين القوى هناك تختلّ لمصلحة الإرهابيين؟
12/5/150320
https://telegram.me/buratha