قال سكان محليون يقطنون ريف محافظة الحسكة الجنوبي (شمال شرق سوريا) إن الحياة الطبيعية تعود تدريجيا إلى مناطقهم بعد انتزاعها من تنظيم داعش المتشدد.
وروت مصادر محلية في مكالمات هاتفية أجرتها شبكة إرم الإخبارية أن السكان الذين لازموا منازلهم، عندما كان داعش موجودا، يسعون لاستعادة حياتهم الطبيعية، فيما بدأ اولئك الذين نزحوا إلى مناطق مجاورة العودة إلى منازلهم ومزارعم.
وأوضح شهود عيان من المنطقة أن التنظيم المتشدد كان يمارس “إرهابا مستمرا”، ويتدخل في شؤون الحياة اليومية مهما كانت صغيرة.
وكانت “قوات سوريا الديمقراطية” التي أنشئت حديثا، والتي تتكون من وحدات حماية الشعب الكردية وفصائل عربية مسلحة من أهل المنطقة، وعدد من السريان والآشوريين، قد استعادت السيطرة على نحو مئتي قرية ومزرعة ذات غالبية عربية في ريف الحسكة الجنوبي في الأسابيع الاخيرة.
وتحظى هذه الفصائل بدعم أميركي تمت ترجمته بتسلمها كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة، وتوفير الغطاء الجوي لعملياتها البرية التي بدأتها قبل أكثر من شهر.
ومن أبرز هذه المناطق المحررة بلدة الهول التي كانت تشكل ممرا رئيسيا للتنظيم من العراق إلى سوريا، وبالعكس، وتضم مقاره الرئيسية في المنطقة.
ونقل سكان محليون مشاهداتهم لشبكة إرم الإخبارية، إذ قالوا إن شعارات التنظيم ولافتاته لا تزال مرفوعة في بعض الأمكنة والشوارع في بلدة الهول وغيرها، ومنها شعارات تحض على ارتداء الحجاب تقول “اختاه يا ذات النقاب تحية، كم انت في عفافك رائعة وجميلة”.
وتتكرر على واجهات محال الحلاقة لافتات تحدد الممنوعات “إلى الأخوة الكرام تمنع حلاقة اللحية أو تخفيفها أو تحديدها”، فضلا عن شعارات تعلي من مكانة ما يسمى “دولة الخلافة” التي يجب أن تخلو من “الرشوة، والفساد، والمحسوبيات”.
ويعلق سكان محليون أن هذه الشعارات هي أشبه بـ”ذر الرماد في العيون”، ففي الوقت الذي تفتقر فيه المناطق الخاضعة لسيطرة داعش إلى أبسط مستلزمات العيش من الماء إلى الكهرباء إلى الخدمات الأخرى، تظهر هذه الشعارات مفارقات مؤلمة.
وخلال سيطرة داعش التي امتدت لنحو عامين تضررت الزراعة في تلك المناطق التي تعتمد في قوتها اليومي على ما تدره محاصيل القمح والشعير والقطن والعدس، سواء كان مرويا أو بعلا.
ويقول السكان المحليون إن داعش كان يفرض قيودا صارمة على التنقل والحركة، فبقيت أراضينا الزراعية “بورا” (بدون بذار)، فلم نكن نتمكن من تأمين البذار أو السماد أو المازوت للمحركات الآبار الجوفية.
وفي العديد من القرى والمزارع التي كانت تحت سيطرة التنظيم، بات الأهالي ينصرفون إلى تفقد منازلهم ومواشيهم وحقولهم بغية بذارها وجني محصولها في الصيف المقبل.
وتعد الزراعة وتربية الماشية بالاضافة الى تجارة المازوت والبنزين المكرر يدويا مصدر العيش الوحيد في تلك المناطق.
وتشير مصادر محلية إلى أن داعش فرضت قيودا كذلك على النساء، فكل من تتخلى عن الحجاب أوتضع المكياج كانت تتعرض للجلد، فعناصر التنظيم المتشدد كانوا يصطحبون معهم نساء يتولين جلد كل من تخرج من منزلها من دون البرقع واللباس الأسود.
وتؤكد مصادر في “قوات سوريا الديمقراطية” الحرص على عودة جميع الأهالي إلى قراهم، لافتة إلى أن “وحدات هندسية مختصة تعمل على تنظيف المناطق الخطرة من الألغام بعد تلقي تبليغات يومية من السكان عن وجود ألغام وعبوات ناسفة في المناطق التي فر منها داعش.
ويرى خبراء أن هذا الانجاز الميداني الأول بتحرير ريف الحسكة الجنوبي، الذي حققته قوات سوريا الديمقراطية بعد أقل من شهرين على توحيد جهودها العسكرية، يعد تحولا عسكريا هاما، وقد يتخذ كنموذج لتحرير باقي المناطق من قبضة داعش.
https://telegram.me/buratha